مهندس ومعماري فرنسي.. أطلق عليه لقب “ساحر الحديد” اشتهر بتصميم المنشآت المعدنية.. أذهل جوستاف ايفل العالم ببناء برج بالعاصمة الفرنسية باريس والذى يحمل اسمه حتى الآن، وتمثال الحرية في نيويورك، وقد أورثنا إيفل أرث عالمي، من مئات الأعمال المعدنية من جميع الأنواع حول العالم.
نسب اسم جوستاف ايفل في مصر بالعديد من الاعمال المعدنية منها كوبرى أبو العلا و كوبرى نجع حمادي و فنار رأس غارب، إلا أن حفيده أكد على ان إيفل قام بإنشاء الكوبري المعلق بحديقة سراي الجيزة (حديقة الحيوان حاليا) فقط.
– حياة ساحر الحديد:
ولد الكسندر جوستاف ايفل في 15 ديسمبر عام 1832 في فرنسا، والتحق بالمدرسة المركزية للفنون والصناعة- École Centrale des Arts et Manufactures، وذلك في عام 1855، وهو نفس العام التي استضافت فيه باريس أول معرض دولي علي أرضها. بدأ إيفل حياته المهنية بالعمل في جنوب غرب فرنسا، حيث أمضي عده سنوات في كمهندس للإشراف علي الأعمال الهندسية لصالح السكك الحديدية الفرنسية، وكان ايفل مهندس ومعماري ورائد أعمال متخصصًا في الهياكل المعدنية ومدافعًا قويًا عن الحديد بسبب مرونته وخفته ومقاومته ، فضلاً عن سهولة تخزينه وتجميعه وتوفي في 27 ديسمبر 1923 في منزله في باريس عن عمر يناهز 91 عامًا ، كما تردد أنه كان يستمع إلى المقطوعة الموسيقية لسمفونية بيتهوفن الخامسة. وخلال سنواته الأخيرة ، كان بلا شك مسرورًا لرؤية إيمانه بالإطارات المعدنية أكده الآخرون – خاصة في العمارة الأمريكية – حيث حل الحديد والصلب محل البناء والحجر في تصميم وبناء المباني الشاهقة في جميع أنحاء العالم. على أي حال ، كان رائدًا مهمًا في استخدام الهياكل المعدنية التي أصبحت الآن شائعة في عمارة ناطحات السحاب، وفي العديد من التطبيقات الأخرى للعمارة في القرن العشرين في جميع أنحاء العالم.
– “كوبري إيفل” المعلق بحديقة الحيوان:
قبل أكثر من قرنا من الزمن وبالتحديد في عام 1875 جلس الخديوي إسماعيل مع المهندس جوستاف أيفل، القادم من فرنسا وقد أمره الخديوي ببناء كوبري معلق بحديقة حيوان الجيزة، التي كانت حينها جزءًا من سراي الجيزة.
يجلس أيفل، ويضع تصميمه للبرج المعلق الذي نفذته شركته إيفل إي سيو Eiffel بين عامي (1875- 1879) أي قبل إنشاء برج إيفيل بأكثر من 10 سنوات. ومرت 4 سنوات بين وضع إيفيل تصميمه للكوبري وبين تنفيذ الشركة له.
يكشف الكوبري حديقة الحيوان من أعلى في منظر بانورامي، قبل افتتاحها عام 1891 لتصبح أكبر حديقة للحيوانات في مصر والشرق الأوسط، وأول وأعرق حدائق الحيوانات في أفريقيا.
ويعد الكوبري المعلق هو أول منصة عرض مرتفعة لحديقة حيوان في العالم، ويحمل كوبري إيفل المُعلق شعار الخديوي إسماعيل المكون من حرفي آي بي IP، وتزينه ثلاث نجوم وأسفله هلال ونجمة ويعلوه التاج الملكي. بوابتان ضخمتان في بداية ونهاية الكوبري تتعلق خلالها أسلاك قوية تحمل الكوبري، وتتخطى البوابات لتُثبت في الأرض، جدير بالذكر أن شركة إيفل إي سيو لم تستخدم اللحام في ربط أجزاء الكوبري ببعضها، ولكن ربط الأجزاء ببعضها كان عن طريق تثبيت الحديد داخل أجزاء أخرى من مكونات الكوبري “العاشق والمعشوق”. ولكن لم يعد الكوبري الذي وقف اكثر من قرن من الزمان شاهدًا على الأحداث التي مرت بها مصر؛ مفتوحًا للجمهور حفاظًا على أثريته، وتهيئته ليشهد على مصر بعد مائة عام أخرى.
– أبو العلا.. نجع حمادي .. فنار رأس غارب:
نسب للمهندس الفرنسي ايفل كثير من الاعمال في مصر، وانه مصمم كوبرى ابو العلا، وعن حقيقة ارتباط اسمه بهذا الكوبري فقد اكتُشفت عن طريق الصدفة البحتة، وذلك أثناء قيام الحكومة المصرية بتفكيك جسم الكوبري سنة 1998، حيث اكتشف المهندسون لوحة نحاسية عتيقة مكتوب عليها كلمة «Fives Lille» الأمر الذي جعل الحكومة المصرية تنتدب مسئولا حكوميا للسفر الي فرنسا للاستيضاح، لكنه لم يجد في جامعة ليل وثائق عن الكوبري، بل عن شركة «فيف ليل» نفسها، وهي شركة كانت موجودة في مدينة ليل، وكانت تعمل في أعمال الصلب والمنشآت الحديدية، وفي الخمسينات بدأت أعمال الحديد تتضاءل في العالم كله فتم إغلاق الشركة.
كان الأرشيف الهندسي المطلوب موجودا في مدينة ليونLion الفرنسية، ويعد هذا الأرشيف من أهم الأرشيفات الكبرى في فرنسا، وهناك وصل المسؤول المصري واستطاع الاطلاع على لوحات قديمة جدا لكوبري أبو العلا، ونحو 300 من 700 لوحة هندسية لكَبارٍ أخرى بمصر. اللوحات كانت كبيرة الحجم نحو متر في متر، مربوطة بدوبار، وأثناء فك الأربطة ، قال المسؤول المصري إنه يشعر كما لو انه يفك أربطة مومياوات، فهي لحظة اكتشاف أثري، وعلق قائلا انها «مقبرة توت عنخ آمون الهندسية»، واللوحات عليها ختم الشركة المنفذة وموقّع عليها من المسؤولين بمصر في ذلك الوقت ، مثل إسماعيل باشا سري وزير الأشغال ، وتوقيع وكيل وزارة الأشغال، وتوقيع رئيس هيئة الطرق والكباري ، وهكذا . ووجدوا لوحات لستة كَبارٍ في مصر، مثل كوبري الزمالك، وكوبري الجلاء، وكوبري السكة الحديد بإمبابة، وكوبري المنصورة، ومشروع كوبري قصر النيل، وبالاضطلاع على هذه الاوراق تأكد المسؤول المصري أن شركة فيف ليل هي المنفذة للكوبري، وليس المهندس الفرنسي. اما عن الجزء المتحرك من الكوبري فقامت بتنفيذه شركة امريكية تدعي “شيرزر”، وكان هذا الجزء المتحرك طفرة حقيقية آنذاك فقد صُمم بطريقة تسمح للكوبري بالفتح من المنتصف لعبور السفن الشراعية والتجارية ذات الصاري والبواخر الضخمة، وبلغ طوله 274.5 مترًا وعرضه 20 مترًا، وتم الانتهاء من الكوبري وافتتاحه عام 1912.
كما اشيع ان جوستاف ايفل هو مصمم برج نجع حمادي، ويقع هذا الكوبري عند الكيلو 554 كم من «القاهرة – أسوان» وأقيم هذا الكوبري على النيل سنة 1896 – 1897م، بمعرفة الشركة الفرنسية Maison Levallois perret la، وذلك لحمل خط مفرد سكة حديدية لسير قاطرات الدرجة الرابعة التي تزن 72 طنًا. ولكن لا يوجد ما يثبت ويجزم بتصميم جوستاف ايفل لهذا الكوبري.
كما تردد في الآونة الاخيرة أن جوستاف هو مصمم فنار رأس الغارب، والذي تم ضمه لقائمة الاثار المصرية مؤخرا، ويقال أن «الخديوي إسماعيل» أمعن النظر في ضرورة تنوير ساحل البحر الأحمر في نقاط معينة من الساحل لتهتدي بنورها السفن التي تتردد على قناة السويس، فعقد لذلك مجلسا من علماء فرنسا وغيرهم وحصل اختيار النقط بمعرفة المهندسين من البحارة وغيرهم، وصدر أمر من الخديوي إسماعيل بعمل تلك الفنارات ويُعرف فنار رأس غارب بين أهالي محافظة البحر الأحمر عامة وبين أهالي مدينة رأس غارب بأنه من أعمال المهندس الفرنسي الشهير «جوستاف إيفل» غير أن ما جاء في الوثائق والمكاتبات الأثرية الصادرة من المجلس الخصوصي تثبت غير ذلك، حيث ورد في الوثائق الأثرية بأن الفنار من أعمال المهندس الفرنسي «بركار» في عهد الخديوي إسماعيل.. هذا ما أكده احد مسؤولي وزارة الاثار في هذا الشأن لوسائل الإعلام.
واخيرا في عام 1998 حسمت الحكومة المصرية الجدل حول منشآت المهندس المعماري جوستاف ايفل في مصر مع حفيده، الذي أكد على ان إيفل قام بإنشاء كوبري حديقة سراي الجيزة المعلق التي كانت جزءا من حديقة سراي إسماعيل باشا وقام ببناء الكوبري بها قبل أن يخصص جزءا من قصره لتصبح حديقة حيوان الجيزة فيما بعد، وهذا هو العمل الوحيد الذي قام به إيفل في مصر.