تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بعيد الغطاس أى عيد الظهور الإلهي وأرتبط عيد الغطاس بأنواعا معينة من الأطعمة، لعل أشهرها وأوسعها انتشارا “القلقاس والقصب والبرتقال”.
“سر تناول القلقاس”
يعد القلقاس مادة سامة ومضرة بالحنجرة فى شكلها الأصلى “المادة الهلامية”، لكن هذه المادة إذا اختلطت بالماء تحولت لمادة نافعة ومغذية، والأمر فى النظرة الدينية لا يختلف عن هذا أيضا، فنحن من خلال الماء “المعمودية” نحوز سرا من أسرار الكنيسة، وبه نتطهر من سموم الخطية كما يتطهر “القلقاس” من مادته السامة.
“القلقاس” كنوع من الدرنيات، يُدفن فى الأرض، ثم يصعد ليصير طعاما، وهو بهذا يسبه سر المعمودية، لأنها دفن أو موت، وقيامة مع المسيح، ولهذا يقول معلمنا بولس الرسول: “مدفونين معه فى المعمودية التى فيها أقمتم أيضا معه”، وأيضا “بالمعمودية نخلع ثياب الخطية أو الإنسان العتيق ونلبس ثياب الطهارة والقداسة” (كو 2: 12) (رو 6: 4).
لا يؤكل القلقاس إلا بعد خلع القشرة الخارجية، فدون تعريته من تلك القشرة السميكة لا فائدة له، ونحن فى المعمودية نخلع ثياب الخطية لنلبس – بسر المعمودية – ثيابا جديدة الفاخرة، ثياب الطهارة والنقاوة، لنصير “أبناء الله”.
“سر تناول القصب”
القصب أبيض القلب “حلو الطعم”، وفى هذه المناسبة الدينية الروحية نستحضره، كنبات ينمو فى الأماكن الحارة ذات الأجواء الجافة، ليذكرنا بأن حرارة الروح تُنضج الإنسان، وتجعله ينمو ويتدرج على رحلة الصعود الروحى، ويرتفع باستقامة كاستقامة هذا النبات “القصب”.
يتكاثر القصب بطريق “العُقَل الساقية”، إذ تُغرس هذه العُقَل فى التربة، ليخرج منها نبات كامل حى، وهذا رمز آخر للمعمودية، كما ينقسم “القصب” لعقلات، وكل عقلة فضيلة اكتسبها فى كل مرحلة عمرية حتى وصل لهذا العلو، وهو ما يمكن للإنسان أن يتمثّله فى مراحل “عُقلات ” حياته .
فى عود القصب الممتد فى صلابة ظاهرة، يختبئ ليّن طيّب، وطعم أطيب، وقلب أبيض، هكذا لا يبدو ظاهر الشيء دليلا نهائيا على باطنه، تماما كالإنسان الذى مهما فعلت به الحياة أفاعيلها، أو جار الزمان عليه، سيقف صلبا شامخا، ربما تتعقد ملامحه ولا تنبسط أساريره، ولكنه سيظل من الداخل، وفى عمق الروح، ليّنا وأبيض وذا طعم إنسانى جميل، فجوهر “الحلاوة” والبياض واللين، فى قلوب نقية، تخلص ليسوع، وتتطلع لأمجاده السماوية، وتعتصر نفسها من أجل الآخرين، كما كان المسيح الفادى.
“تناول البرتقال”
ضمن طقوس عيد الغطاس أيضا، يحضر البرتقال واحدا من مفردات وتفاصيل وأطعمة عيد المعمودية أو عيد الخروج الإلهى.
فإن البرتقال يختزن الماء فى داخله، فكأنه الطهارة المخبوءة فى قلب المؤمن، ومن هذا اللين الداخلى، الذى ينعكس على الخارج أيضا، تًصنع من قشر البرتقال فوانيس يُوضع فيها شمع على هيئة “صليب” محفور فى جسد البرتقالة.