نشرنا الأسبوع الماضي الحلقة الأولي من قصة الفتاة الثلاثينية التي قام إخوتها بالحجر عليها, واستصدار حكم قضائي بانعدام أهليتها, وتمكين الأخ الأكبر من القوامة القانونية والمالية عليها, وحتي نتمكن من متابعة القصة وتطورها يجب التذكير ببعض مما تم نشره الأسبوع الماضي:
الفتاةس مستقيمة, طموحة, تعاني قسوة إخوتها وأطماعهم, التي دفعتها
إلي ترك المنزل مرتين الأولي في 2015, وحينها تدخلت لإعادتها مع تعهدات من والدها بحمايتها ماديا ومعنويا من بطش إخوتها,لكن في ظل مرض الوالد تمكن الإخوة منها فغادرت مرة أخري في عام .2020
وبعد غياب تسعة أشهر لجأ لي شقيقها الأكبر, وحينما وجدتها قالت لي نصا: تفاصيل معاملتهم مخجلة ومش كل حاجة تتقال, هايجي يوم تعرفي أنهم عايزين يرجعوني علشان يحبسوني في أي بيت تابع لكنيسة, أو أي مستشفي لكن أنا بأشهدك لو جري لي حاجة اشهدي بالحق وارضي ضميرك وهاتي لي حقي وحق كل بنت مظلومة.
للأسف كفرت بنبؤاتها, اتهمتها بالمبالغة والتحامل علي إخواتها عنفتها لتركها منزل والدها, الذي توفي أثناء غيابها بكت وقالت لي: كنت عايشة تحت رجلين أبويا, وباخدمه طوال الوقت ولو كانوا بيعاملوني كويس كنت عشت بقية عمري أخدمه,أنا تعبت من إذلالهم لي, ولو رجعت لازم يتعهدوا أنهم يدوني حقوقي في ميراث أبويا.
للمرة الثانية لعبت دور الوسيط بينها وبين أهلها واتفقنا علي اتمام كافة الإجراءات المتعلقة بإعلام الوراثة واقناعها باستقبال رسائلهم التي كانت تحولها إلي هاتفيا لأطلع علي ما يضمروه لها, إلي أن أرسلوا لها مسودة توكيل عام رسمي إذا وقعت عليه يمكنهم من بيع وشراء كل ما تملكه حتي بعد وفاتها وهو أمر غير معقول.
قالت لي: أنا قلت لك أنهم مش عايزين أختهم ولا حاجة هم عايزين الفلوس, وزي ما الكتاب المقدسز قال محبة المال أصل لكل الشرور, بكرة تشوفي هيأذوني إزاي لو رجعت لهم.
هدأت من روعها واستمر مسلسل السذاجة الذي مارسته خلال حلقات مأساتها فلم أتوقع أبدا أنهم سيفرطون في لحمهم وينهشون في جزء من جسدهم, ويفترون علي دم قد سكبوه خارج عروقهم وأراقوه في أراضي الغرباء ليستبيحه كل عابر سبيل.
ورغم خوفها إلا أنها وافقت علي العودة وقبل إعادتها للمنزل أخبرني شقيقها الأكبر بضرورة إنهاء إجراءات إعلام الوراثة, وفلتت منه زلة لسان قائلا:زي ما هي تعبتنا كدة مش هاتشوف مليم من مال أبوها.
وحينها قمت بتحذيره نصا: لو هاتاكل حق أختك مش هاأقف جنبك وهاشجعها علي عدم الرجوع مال اليتيم ناره حارقة.
تراجع عما قاله سريعا مدركا أنه سيفقد سذاجتي التي قدمت لهم خدمة جليلة, ومكنتهم من الشر العظيم الذي فعلوه مع شقيقتهم وعادت الفتاةس إلي المنزل, وبعد أيام انقطع فيها الاتصال بيننا, اتصل شقيقها بي, ليمتدحني لأنني علي حد تعبيرهلم أكن ألعب دور الشاحن لها ضد إخوتهافسألته: كيف علمت بذلك أجابني قائلا:في اليوم إللي وصلت فيه البيت استقبلناها كويس وبعد شوية طلبت لنا بوليس النجدة, ولمينا الموضوع والظاهر أنها تعبانة نفسيا, وإحنا هانعالجها وفرغنا التليفون إللي معاها وعرفنا كل حاجة عنها.
علي الفور تصاعدت رائحة النوايا القذرة إلي أنفي الذي تخلي عن السذاجة الأولي أدركت اللعبة التي حذرتني منها, شعور عميق بالذنب تمكلني طلبت زيارتها فرفضوا, وبعد هذه الواقعة بأسبوع دق جرس الهاتف لأجد أحد الأطباء النفسيين يحدثني متسائلا عن حالة الفتاةس ويرغب في معرفة رأيي فسألته ما الذي جاء بها إليك وكيف عرفت أنني علي علاقة بها رد قائلا: إخوتها اتفقوا معايا أجي المستشفي هنا وأزورها علشان أكتب تقرير عن حالتها علشان يستخدموه في تحويلها لمستشفي العباسية تحت الملاحظة بتمكينهم من الحجر عليها, والبنت دي لو دخلت العباسية هاتتبهدل حرام, إللي بيدخل هناك عمره ما بيطلع زي ما دخل أبدا, وهي طلبت مني اتصل بك لأنها تثق فيك وقالت إن الحقيقة عندك.
سمعت صوتها في الخلفية مازالت قوية عنيدة تستحلفني بالوقوف إلي جوارها وتذكرني بكل مخاوفها وتقسم أنهم أبرحوها ضربا في ليلة عودتها حتي طلبت لهم النجدة, فقيدوها وألقوا بها في مستشفي نفسي, عبر تسليم أوراق تعود لعشر سنوات وسرقوا هاتفها ليحددوا كل من ساعدها خلال الفترة السابقة لينتقموا منهم واحدا واحدا.
أسلاك عارية من الغدر صعقتني, أولئك أبناء الدم والرحم الواحد والسيرة الواحدة قلت للطبيب ما يمليه علي ضميري وحذرته من أطماع إخوتها ورفض كتابة التقرير فأهانوه وأبعدوه تماما عن الموضوع, واختفت الفتاة وتراجعت أخبارها ثم مرروا لي رسائل غير مباشرة تحذرني من التدخل رسائل تحمل تهديدا بتشويه سمعتي في حال إصراري علي التدخل ونلتقي الحلقة القادمة مع بقية تفاصيل الحجر.