**نحن نعيش في مجتمع مكدس بالمرضي يضج بالمتألمين..قد يري البعض أنها نظرة تشاؤمية وهم يقرأون ويسمعون ويشاهدون كل وسائل الإعلام تتحدث ليل نهار عن برنامج الدولة 100مليون صحة وجهودها لمواجهة أمراض الكبد والسرطان وضمور العضلات وغيرها وخططها لمنظومة التأمين الصحي الشامل..هذه حقيقة نعيشها ونلمسها لكن مع كل هذا يبقي عشرت ومئات وآلاف المرض لايجدون علاجا ويتلمسون يدا حانية تأخذ بأيديهم لتخلصهم من آلالام.
**لن أذهب بكم بعيدا…أذكركم بما حدثتكم عنه الأسبوع الماضي…أذكركم بصديقتنا سعاد التي ظلت تنزف لشهور إلي أن أصيبت بأنيميا حادة كادت تفقد معها حياتها وأنقذناها بجراحة للبواسير, والأهم ما تكشف لنا أثناء رحلة علاجها من مأساة إنسانية لأسرة تعيش حياة غير أدمية…وأذكركم أيضا بحديثي عن صديقنا زكريا الذي ينهار بيته بعزبة الأقباط بأسيوط ونحاول إنقاذه قبل أن يخرج وأسرته إلي العراء…ومن قبل حدثتكم عن صديقتنا مريم التي نعيش معها مأساة مرضها لعشرين عاما بدءا من ضمور بخلايا المخ وانتهاء بالسرطان..إلي آخر قائمة رحلاتنا لعلاج المرضي خلال عام نودعه بعد أيام.
**ليس مصادفة أن أحدثكم عن مشوار رحلاتنا مع المرضي في عام قبل أن يرحل ولكن دفعني إلي هنا الأرقام التي نقوم برصدها الآن لعمل الحساب الختامي لصندوق الخير…هالني ضخامة المصاريف رغم أنني كنت أتوقع هزا ونحن نعيش كل يوم ارتفاع أسعار الدواء وتكاليف العلاجات لكن الذي صدمنا هو قلة إيرادات صندوق الخير…ونثق أن كنوز الرب لا تنفض, وأن عينه علينا لا تفارق مرضانا…لكن معذرة فنجاح رسالتنا قائم علي التدبير الإداري والمالي الذي لاينكر التدبير الإلهي ومن هنا رأيت أن أتحدث إليكم بصراحة وشفافية…وأعدكم أن أضع أمامكم كل الأرقام مع نهاية العام وإعداد الميزانية الختامية لصندوق الخير.
**المصادفة الحقيقية والتي شجعتني أن أبادر بهذا الحديث من قبل إعداد الكشوف النهائية لمصروفات علاج أصدقائنا المرضي وأيضا لعطايا أصدقائنا صناع الخير في عام…المصادفة أن مؤشرات الأرقام بدأت تتكشف ونحن نعيش أيام صوم الميلاد…ومع صوم الميلاد نعيش أحلي أيام السنة في صلاة وتسابيح رتبتها الكنيسة طوال شهر كيهك الذي يتوافق جهد أسبوع من بداية الصوم وقبل أسبوع من عيد ميلاد يسوع المسيح لتعدنا لفرحة الميلاد…هذا الاستعداد له في الكنيسة خطوات لخصها القديسأغسطينوس في مقولته أتريد أن ترفع صلاتك إلي الله ليكن لها جناحات هما الصوم والصدقة…ورأيت ونحن نعيش بركة الصلاة والصوم أن أدعوكم لتكتمل ثلاثية حياتنا الروحية-كما رأها القديس أوغسطينوس-بالصدقة…وليكن لنا صوم مبارك مقبول بالصوم والصدقة.
**من هنا أسعدتني المصادفة عندما أخذتنا الأرقام التي تتجمع الآن في كشوف تعد للحساب الختامي لعام يستعد للرحلة…أسعدتني المصادفة أن تأخذنا للحديث عن ثلاثية حياتنا الروحية- الصلاة والصوم والصدقة-حتي لا يفهم أحد أنها دعوة لجمع التبرعات فقط, لكنها دعوة أيضا للصلاة من أجل كل مريض وكل متألم نصحبهما في رحلاتنا…وكثيرا ما حدثتكم عن قوة صلاتكم وكشفت لكم عن يد الرب وهي تقترب من أصدقائنا المرضي, وعن شفاعة القديسين التي تقترن بعطاياكم فنلمس مساعدتهم ونتحسس أياديهم الحانية ونري إطلالتهم سلاما وسط الضيقات, قنوات جارية لتوصيل الحب والفرح والسرور إلي كل منسحق غارق في همومة وأحزانه وكل مريض يئن ويتوجع ….وأترككم الآن تعيشون صوما مباركا في صلاة وتسابيح يستكمل بعطاياكم في فرح ليكون لكم وعد الرب المعطي المسرور يحبه الرب.