أيام قليلة ونودع 2021، مرتقبين ما يحمله لنا 2022، لسان حال البعض يحمل الأمل، والبعض الآخر ما زال محبوساً في صندوق اليأس، لن تتوقف عقارب الساعة، عند أحد، الزمن يمضي ونمضي معه شئنا أم أبينا، فلا ذكريات الماضي تسحقنا، ولا مخاوف المستقبل تعيق أحلامنا، فقط “ننْسَى مَا هُوَ وَرَاءُ وَنمْتَدُّ إِلَى مَا هُوَ قُدَّامُ.” (فيلبي 13:3) ما هو قدام، مؤسس على التسامح، والحب غير المشروط، ذلك الحب، الذي يحول وحشة العزل لمرضى كورونا، الى بهجة روح، يجعل من المنبوذين والمهملين في دور المسنين، محل رعاية واهتمام وحب، ومن وحدة المتروكين والمقطوعين، واللاجئين موضع راحة، فهل تساءلت قبل حلول العام الجديد، كيف تنجو من ليلة رأس السنة عندما تكون وحيداً؟ هل تساءلت كيف يمكنك انقاذ شخص وحيد في ليلة العيد؟ الوصفة سهلة وبسيطة ابدأ بلم الشمل.
الخصام تمرين الفقد، والقطيعة مصنع انتاج الجفاء، نفقد الأحباب، رغماً عنا، ثم نعود للحياة الطبيعية بعد يوم أو بعد سنة لكننا في النهاية نعود،نصطدم بالواقع والخبرات العصيبة، تصعقنا الحقاد العا ، نواجه عواصف الحياة العاتية، نتصور أنها عصية على الإسكات، لكنها تسكت، نتعافى مع مرور الوقت، تنحني الذاكرة، تذعن للنسيان أو تتحايل بالتناسي، لا شىء يدوم، كل الأحزان العنيدة والقلوب الفولاذية قابلة للطي والنسيان مع وداع عام مضى، وحلول عام جديد. نشارك الحزاني لوعتهم، والوحيدبن في عزلتهم، والذين ليس لهم زائر في منتصف الليل يطبع قبلة الميلاد فوق رؤوسهم، نتذكرهم الآن، فليلة رأس السنة وعيد الميلاد للجميع. وتحت سيفي الغلاء و الوباء ما زال الاحتفال ممكناً، رغم الفقد والمرض، ما زال الفرح ممكناً، رغم ضيق ذات اليد، وتفوق الغلاء على طاقة جيوب الناس إلا ان الابتهاج ما زال ممكناً.إنها دعوة للم الشمل.
ذا كانت عيناك تقعان على هذه السطور الآن؟ فانت مدعو للم الشمل، مع العائلة التي لم تزرها منذ زمن، مع الذين يحتاجون لمساعدتك، مع زملاء العمل الذين طغت على علاقاتكم المنافسة، فتصدعت أعمدة الحب، مع الأصدقاء القدامى الذين صارت بينكم قطيعة بفعل الإنشغال أو الخصام، فلا خصام يدوم ولا إتفاق يبلغ حد التطابق، إنها دعوة للتسامح، للحب غير المشروط.
انه أفضل وقت في السنة ليتسلل الأمل والفرح الى قلوبنا، ليس لليأس سلطان ولا للحزن مستقر دائم، فالناس لديها رغبة في الحياة، رغم الغلاء والوباء والعناء، لأنهم ما زالوا يؤمنون بأن الأقدار بيد القدير، ما زال لديهم الشغف، يقفزون معًا نحو المستقبل، بالرغم من قصف الأسئلة الذي يرهق عقولهم حول غموض القادم، بعدما ذاقوا عاماً متوحشاً من الوباء والفقد. رغم ذلك ممتنون لأنهم ما زالوا على قيد الحياة، قادرين على رؤية عام جديد آخر، من اجل كل ما سبق نخطو اولى خطوات 2022، ونحن نتذكر أن ذلك الاحتفال العالمي، لا ينتهي عند ابواب الكنائس التي تنهي احتفالها الروحي، في منتصف الليل، ولا عند ابواب بيوتنا التي نغلقها آمنين في واحدة من أكثر الليالي الصاخبة، ولا عند زيارة لدور رعاية الأيتام والمسنين، لنشعر أننا فعلنا خيراً، ولا عند الاحتفال مع اصحاب الثقافات المختلفة من الجاليات المقيمة في مصر، لنعلن عن قبولنا للآخر، ولكن يمتد احتفالنا ليكون نمط حياة، يدفعنا لتغيير ما لم نتمكن من تغييره قبل عام مضى نودع معه آلامنا واخفاقتنا. مراراتنا وضغائننا، طالما تدق الأنفاس في صدورنا ناقوس الصفح والغفران.