أنطون سيدهم.. والوحدة الوطنية
تفجرت في الأسبوع الماضي سلسلة من المقالات والبيانات عما يسمونه بالأقلية القبطية وحمايتها, ابتدأها الأستاذ محمد حسنين هيكل بمقال بجريدة الأهرام تحت عنوان أقباط مصر ليسوا أقلية, تلاه بيان من لجنة الوحدة الوطنية ثم العديد من المقالات لكتاب مرموقين, مما اضطر صاحب القداسة البابا الأنبا شنودة الثالث, أن يدلي بحديث في هذا الموضوع مستنكرا إدخال الأقباط كأقلية ضمن أعمال مؤتمر كان مزمعا أحد الأساتذة عقده بالقاهرة لحمايتها, وقد اضطر القائم بهذا المؤتمر إلي تعديل اسمه واستبعاد الأقباط منه كأقلية مطلوب حمايتها.
لماذا كل هذه العاصفة عن مؤتمر يدعو إليه أحد السادة المفكرين, وهل وطنية الأقباط ورفضهم أية حماية خارجية لهم محل دفاع أو مناقشة, إنني شخصيا لم أعر أخبار هذا المؤتمر أي اهتمام لأن كل من سيشترك فيه أقباطا ومسلمين سيرفضون اعتبار الأقباط أقلية مطلوب حمايتها, فمهما كانت لنا من شكاوي بخصوص معاملة قلة من إخواننا المسلمين, أو من معاملة الحكومة لنا, فمجال هذه الشكاوي أن تحل بيننا وبينهم في جو من المحبة والأخوة والثقة التي ظللتنا طوال القرون الماضية.
إن الأقباط تمسكوا في الماضي وسيتمسكون دائما برفض تدخل أي غريب بينهم وبين إخوانهم المسلمين مهما كانت الظروف والأحوال فكل ما يثور من متاعب ومشاكل مآله أن يحل داخل العائلة المصرية العريقة, والتي تظللها يد الله وحمايته. ويحضرني في هذا الموضوع ما قاله أحد البطاركة القديسين عندما زاره السفير الروسي عارضا عليه رغبة قيصر روسيا في حماية الأقباط, فقد سأله البابا هل قيصركم رجل مثلنا يأكل ويشرب؟ فرد عليه بالإيجاب, فعاد وسأله: هل قيصركم سيموت؟ فرد عليه بالإيجاب فقال له البابا: إن حامينا لن يموت.
فخرج سفير روسيا من لدنه محدثا عن وطنية الأقباط ومحبتهم لإخوانهم المسلمين, كما أن موقف الأقباط من تصريح 28 فبراير 1922 الذي أصدره الإنجليز عقب ثورة سنة 1919, حيث ورد به بند حماية الأقليات, فقد هب جميع الأقباط صغيرهم وكبيرهم ضد هذا التصريح ورفضوا بشدة أي حماية من أجنبي لهم, مما اضطر الإنجليز إلي إلغاء هذا البند من التصريح. إن سياسة الأقباط الثابتة والتي لم ولن تتغير هي عدم السماح بأي تدخل لأي فرد أو دولة أجنبية بيننا نحن الأقباط والمسلمين كما كنا دائما نعتبر أن السماح بذلك يعتبر خيانة وطنية نبرأ بأنفسنا منها. إذ أن الرابطة بيننا وبين إخواننا وأحبائنا المسلمين أقوي من ذلك, إنهم إخواننا في السواء والضراء, وقد عشنا وسنعيش بإذن الله معهم في هذا الوطن الحبيب مؤتلفين متجاورين ومحبين بعضنا بعضا حتي انقضاء الدهر, هل من المعقول أن يرضي الإخوة بتدخل الغرباء بينهم, معاذ الله ولن ينال نت ذلك تصرفات الإرهابيين الخارجة علي الوطن ووحدته الخالدة.
أيها الإخوة الكتاب والمفكرين أقباطا ومسملين أريحوا أنفسكم من عناء الكتابة في هذا الموضوع, فلا داعي بتاتا لمناقشته لأنه مخالف لمبدأ الأقباط بل أنهم ليعتبروا الكتابة فيه إهانة لهم ولوطنيتهم ولمحبتهم وأخوتهم لإخوانهم المسلمين واعتزازهم بالعلاقة الوثيقة والرابطة القوية بينهم.