إن لحن تين ثينو هو دعوة مفتوحة من الكنيسة للمؤمنين لتسبيح ربنا المحبوب في نصف الليل في سمفونية جماعية. وربما يسأل البعض: ولماذا لتسبيح وما فائدة التسبيح، سوف نكتفي بالصلاة.
إن السؤال عن فائدة التسبيح، يذكرني بالسؤال عن فائدة التنفس، هل من المنطق أن يقول إنسان: “ما فائدة التنفس، سوف أدرس الآن وأبحث عن فائدة التنفس، وإن وجدت هناك فائدة سوف أتنفس” ولكنه سوف توافيه المنية قبل أن يبحث. فالتسبيح هو بمثابة أكسجين روحي يبعث في الأنسان حياةً روحية جديدة.
وربما يسأل آخر: حقا التسبيح مهم، ولكن سوف أسبح وحيداً في منزلي Solo، فلن أذهب للكنيسة وأتحمل مشقة المشوار والمواصلات، سوف أغلق بابي وأسبح لإلهي الذي يرى في الخفاء بلحن تين ثينو.
في حقيقة الأمر إن التسبيح الفردى جميل ولذيذ، لكن التسبيح الجماعي أجمل وألذ. الفردي مُفرح للنفس لكن الجماعي يشفيها. الفردي حر بلا قيود لكن الجماعي منضبط بروح الجماعة وإئتلافها.
من أجل ذلك نقول في ذوكصولوجية باكر آدام: “هؤلاء الذين ألفهم الروح القدس معاً مثل قيثارة مسبحين الله كل حين بمزامير وتسابيح وترانيم روحية، النهار والليل بقلب لا يفتر”.
ويقول أيضاً مار إسحق السرياني: “هؤلاء الذين إمتلأوا بالروح لا يبطل لسانهم من تهليل الروح، حتى انهم لا يعطون فرصة للشيطان أن يُلقي فيهم سهامه المتقدة”.
لنا أن نتخيل لو أن أنسانا لا يكف عن التسبيح للحظة، متى سيجيء إليه الشيطان ليحاربه؟ فالشيطان أساساً يهرب من التسبيح، لذا سيهرب الشيطان من أمام كل من يسبح.
والتسبيح الجماعي له نكهة خاصة وطبيعة خاصة أدركها داود النبي، بالرغم من أنه كان يجيد التسبيح الفردي، فقال في مزموره 42 آية 4: “كُنْتُ أَمُرُّ مَعَ الْجُمَّاعِ، أَتَدَرَّجُ مَعَهُمْ إِلَى بَيْتِ اللهِ بِصَوْتِ تَرَنُّمٍ وَحَمْدٍ، جُمْهُورٌ مُعَيِّد”ٌ.
وفي المزمور149 آية 1 يقول: “تسبحة الرب في جماعة الأتقياء”
وفي المزمور مز 118 آية 14 يقول: “صوت الترنم والخلاص في خيام الصديقين”.
فمن يجرؤ بعد كل ذلك أن يقول لا داعي للتسبيح الجماعي. إن الكنيسة القبطية حريصة على التسبيح الجماعي فجعلت لكل الشعب مردات كثيرة صغيرة وطويلة، جميعها مخصصة للتسبيح الجماعي.
إن كنيستنا القبطية الأرثوذكسية في التسبحة اليومية لنصف الليل وفي شهر كيهك جعلتنا نسبح بهذا المديح الآدام “تين ثينو” بشكل جماعي لكي نشجع بعضنا بعضنا فنقوم من رقاد الكسل، ومن نوم الغفلة مسبحين الله كل حين.
لقد تم تدوين موسيقى لحن تين ثينو في صفحتين ، بالصفحة الأولي تيمات صغيرة متفرقة، لكن بالصفحة التانية جملة موسيقية كبيرة تتكرر ثلاث مرات، وإيقاع اللحن يتغير كل مرة عند هذه الجملة.
ففي الصقحة الأولى يبدأ اللحن بمقدمة أو إفتتاحية تنادينا: “قوموا” ” تين ثينو “، بجملة لحنها رزين وهادئ، لكنه ينخس بهدوء لكي ما نستيقظ فى نص الليل لنسبح.
لم يكن مناسباً أو ممكناً أن يبدأ اللحن عالياً صاخباً سريعاً وهو يوقظك لتسبح رب القوات، وإلا سيبدو وكأنه يُفزعك من النوم.
بعض الأباء والامهات عندما يوقظون أولادهم للذهاب إلى المدرسة يفزعونهم، فيكرهوا المدرسة بسبب أسلوب إيقاظهم. أني أتصور لو أننا نستخدم أسلوب الكنيسة في إيقاظ اولادنا، بنخسهم نخسا هادئا بنغمات تين ثينو ، إنهم سوف يعشقون المدرسة والدراسة والعلم بسبب أسلوب إيقاظهم بالنغم الناخس في إيقاعاته.
البعض يتساءل ما أهمية أن يكون التسبيح فى نص الليل؟ هل لابد للتسبيح أن يقض المضجع ويقطع الأحلام ويُنهض من فراش الراحة بعد شقاء يوم كامل ممتلئ بالمعاناة؟
الحقيقة أن الكنيسة تبدأ خدمة عبادتها اليومية في نص الليل لإيمانها بالمجئ الثاني للرب، لأنها تسلمت من الرب أنه سوف يجيء في منتصف الليل الذي وضحه مثل العذارى: “ولما أنتصف الليل صار صراخ: هوذا العريس قد اقبل” [مت 25: 6 ]
فالكنيسة تريدنا أن نكون سهرانين ومستعدين في هذه الساعة على الدوام مثل الخمس عذارى الحكيمات لكي ما نقدر أن نعاين مجئ الرب. إن السهر هو وقوفنا في نور المسيح لنسبح رب القوات حيث يكشف لنا المسيح ذاته، فنسبحه لأنه هو نور العالم (يو12:8).ونحن نرنم “قوموا يابني النور لنسبح رب القوات”، لإننا صرنا به أبناء نور وأبناء نهار، ولسنا من ظلمة ولا من ليل (1تس4:5-8). لذلك، فالذين لهم الحق أن يقوموا مع بني النور، هم الذين أضاءوا المصابيح، وكأن لحن ” تين ثينو” هو تصريح لأصحاب المصابيح المضيئة للدخول مع العريس عندما يأتي الصوت صارخًا: “هوذا العريس قد أقبل فقمن وأخرجن للقائه” (مت6:25).
أريد أن أنقل للقارئ العزيز إختباري الشخصى، أنه دائما ما يكون الأصعب هو الأجمل. فقمع الجسد واستعباده هو الأصعب، لكن بعد حين تعتاده ويصبح هذا الصعب لذيذا ممتعاً.
السهر في بدايته عملية ثقيلة لكنها تنتهي -بمحبة المسيح وبنعمته -إلى عادة شهية ولذيذة، ويصبح التسبيح بلحن ” تين ثينو ” له طعم جميل، وكلما إعتادت نفسك على السهر والتسبيح، كلما شعرت أنه ينقصك شيء عندما لا تسهر وعندما لاتسبح. لذا تعالوا معا نستيقظ من رقاد الكسل، ونسهر لنسبح مع جماعة الأتقياء بلحن
“قوموا يابني النور لنسبح رب القوات”