لقد بارك طبيعتنا, وقدم لنا الصورة الإلهية..
[وبميلاده علمنا الزهد والاتضاع والحب]
[ميلاد المسيح فاصل بين تاريخ وتاريخ..]
هل ميلاد المسيح قصة حدثت من حوالي عشرين قرنا, ورواها التاريخ, وكتبها الآباء الرسل في الإنجيل, وانتهي الأمر…؟!
أم أن ميلاد المسيح حدث حي, لايزال يعمل في البشرية بفاعليته, ويعمل فيك أنت أيضا..؟
1ـ أول فاعلية أنه بارك طبيعتنا
لقد قدس الطبيعة البشرية, وأعطانا الدليل العملي علي إمكانية القداسة بهذه الطبيعة عينها, فيما كان مجربا مثلنا في كل شيء, بلا خطيئة (عب 4: 15).
قدس هذا الجسد, ولم يعد الجسد خطيئة, أو يقود إلي خطيئة, كما يظن البعض! بل أصبح جسدنا هو هيكل لله, والروح القدس يحل فيه وفي ذلك يقول لنا الرسول فمجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله (1 كو 6:19, 20).
هذه الفاعلية في مباركة طبيعتنا, ننالها أولا بالمعمودية ثم بالميرون.
ويقول القديس بولس عن هذا: لأنكم كلكم الذين أعتمدتم بالمسيح, قد لبستم المسيح (غل 3: 27).
ويقول القديس يوحنا المسحة التي أخذتموها منه ثابتة فيكم (1 يو 2: 27).
وبمباركة المسيح لطبيعتنا, أعطانا أن نصير أولاد الله بالميلاد الثاني.
وأما الذين قبلوه, فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله (يو1: 12).
وكيف يصيرون؟ بأن يولدوا من الماء والروح كما قال لنيقوديموس (يو 3: 5).
لقد قدم لنا السيد المسيح في ميلاده الصورة الإلهية التي خلقنا علي شبهها ومثالها, لأنه صورة الله غير المنظور (كو 1: 15). ونحن كلما اقتربنا الي المسيح, يصير لنا أرجاء أن نتغير الي تلك الصورة عينها, من مجد الي مجد (2كو: 18).
أتراك في صورته, وقد اتبعت المثال العملي الذي تركه لنا؟
هل أنت ابن لله باللقب, أم ابنه بالنعمة وبالحياة التي تعمل فيك؟ كما قال القديس يوحنا الحبيب بهذا أولاد الله ظاهرون (1يو 3: 10).
إن علمتم أنه بار هو, فأعلموا أن كل من يفعل البر مولود منه (ايو 2: 29) فأنت ابن لله, مولود من الماء والروح, ولك صورة الله.
وبحياة البر التي تحياها تظهر أنك ابن لله.. لأن أبناءه لهم صورته في البر والقداسة.
2ـ ومن فاعلية الميلاد فينا أنه يعلمنا الاتضاع.
إن صورة الميلاد العجيبة, في مذود البقر, في قرية بيت لحم الصغيرة, من أم فقيرة هي العذراء مريم, في رعاية نجار ففير هو يوسف, إنما تعطينا فكرة عن الزهد في الغني وبتعمقنا في هذه المعاني نتغير الي هذه الصورة عينها.
هذا المسيح الزاهد, الذي لم ينزل الي العالم علي أجنحة الشاروبيم, ولا في مركبة نورانية, بل أخلي ذاته وأخذ شكل العبد.. إنما يعلمنا الاتضاع.
وفاعلية صورة ميلاده تنخس ضمائرنا كلما انتفخت نفوسنا وتكبرت…
ما أعظم هذا الحب الذي أحبنا به حتي ارتضي أن يولد في مذود.
إن قصة الميلاد في جوهرها هي قصة حب قصة تبدأ بعبارة هكذا أحب الله العالم.. (يو 3: 16).
3ـ وأهم فاعلية في ميلاده هي الحب…
كم أحبنا صار بيننا, وحتي دعي يسوع, أي مخلص, لنا…
وحتي دعي عمانوئيل أي الله معنا وبهذا الحب وحدنا به, فصار هو الرأس ونحن الجسد. وصار هو الكرمة ونحن الأغصان, ومعه في السماء ومعه في كل مكان نجتمع فيه كما قال حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي. فهناك أكون في وسطهم. وكما قال أيضا حينما أكون أنا, تكونون أنتم أيضا… (يو14: 2).
قصة الميلاد تعطينا فكرة عن محبة الآب للبشرية, وعن محبة الابن لها.
إن الابن قد قدم لنا محبة الآب.
عرفنا كم هو يحبنا, ورأينا في شخصه من رآني فقد رأي الآب (يو14: 9). الآب لم يره أحد قط. الابن الوحيد الكائن في حضن الآب هو خبر (يو1: 18).
وعلمنا أيضا في هذا الحب أن ندعو الله أبانا.
وقال لنا عن كل طلباتنا أبوكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلي هذه كلها…
لقد جاء المسيح الي العالم, فعلمنا المحبة, وقال لنا إن المحبة هي الوصية العظمي, وأن لها شطرين: الأول هو محبة الله, والثاني محبة الناس.
وقال بهذا يعلم الجميع أنكم تلاميذي, إن كان لكم حب بعضكم نحو بعض وعرفنا رسوله يوحنا أن الله محبة من يثبت في المحبة, يثبت في الله, والله فيه…