يعلمنا الآباء أن الصوم المقدس هو وقت للخزين الروحي للعام كله، يؤهلنا أن تتغير حياتنا ويعدنا لنحيا بروحانية أكبر من أجل خلاصنا.
الصوم في المفهوم المسيحي ليس فرضًا لكنه واسطة هامة من وسائط النعمة تساعدك أن تتقدم في حياتك الروحية.
ولكي تستفيد من الصوم المقدس تحتاج أن تعيش بانسحاق فيه، والانسحاق يعطله بعض المشاعر بداخلنا مثل أن حياتك الروحية مستقرة، أو أنك أفضل من كثيرين، أو أنك لم تعد محتاجًا أن تتعلم أو تجاهد، كل هذه المشاعر تفقدك بركة الصوم.
أما الانسحاق الذي يناسب الصوم، فيجعلك تشعر بضعفك ويدفعك أن تطلب بإلحاح قوة خاصة من الله، ويساعد الانسحاق كثيرًا فترات الصوم الانقطاعي، والاتضاع في الفكر والسلوك، والاشتراك في الصلوات الكنسية والمشاركة في ميطانيات التوبة.
ولكي تنسحق روحك وتنال بركة الصوم، أحرص أن ترتبط حياتك في فترة الصوم بالأمور التالية:
1. حدد هدفاً روحياً لصومك: كلما كان هدفك واضحاً كلما زادت استفادتك من الصوم. ضع لنفسك منهجاً روحياً دقيقاً لتنفذه خلال فترة الصوم، لتجاهد ضد الخطية، وتجاهد إيجابياً لتحيا بالفضائل المسيحية التي يثمرها الروح القدس في داخلك. لذلك لنحاول الالتزام بدراسة روحية محددة في الكتاب المقدس والكتب الروحية، ونطلب بإلحاح من الرب أن يعيننا لنلتزم ونستفيد من برنامجنا الروحي وقت الصوم.
2. اعرف خطيتك المحبوبة وجاهد ضدها : الخطايا في مجتمعنا الحالي صارت بأنواع جديدة، فكثير من خطايا الفراغ وخطايا إهدار الوقت وخطايا العفة وخطايا العنف وخطايا السطحية ..الخ الخطايا المحبوبة لاشك تفقدك أبديتك وتتلف شخصيتك وتفقدك علاقاتك مع الآخرين، لذلك احرص أن تحاسب نفسك وتعرف خطيتك واهتم أن تقدم توبة واعترافاً حقيقياً أمام الله وأب اعترافك في فترة الصوم.
3. تجنب الانشغال الزائد بالهموم: في فترة الصوم تكثر مضايقات الشياطين لتصرفنا عن الانشغال بخلاص نفوسنا، لذلك لا تعطي للهموم أكثر من حجمها، اطرحها جميعاً في صلواتك تحت قدمي الرب، وأعمل ما استطعت دون أن تفقد سلامك وانشغالك بخلاصك الأبدي. لنهتم ألا نجعل أشواك هذا العالم تفقدنا أبديتنا.
4. تجنب الانشغال الزائد بالعالم: فقد تهتم بمتابعة الأحداث والأخبار التي لن تنفع، ويضيع الكثير من وقتنا في مواقع التواصل الاجتماعي أو الاتصالات التليفونية وكلها تستهلك وقتنا، لنجد أنه لم يتبق وقت نقضيه مع الله، ونفقد قانوننا الروحي بحجة ضياع الوقت أو عدم كفايته!! لنحرص لكي لا تصير حياتنا طريقاً يسير عليه الجميع فلا يستطيع أن ينبت تمرا .
5. تجنب الكسل واحرص على التجاوب مع عمل الله: فكثيراً ما نسعى أن نقدم لأجسادنا الراحة، والكسل يجعل قلبك يتقسى كالأرض الصخرية، لذلك لنحرص ألا نتجاوب مع الراحات المتعبة لئلا تخنقنا هذه الراحة. حدد واجباتك الروحية اليومية من قراءات وصلوات خاصة وارتباط بخدمات الكنيسة، واهتم ان يكون لك برنامج روحي يبعدك عن الكسل، لأن تعثر نظامك الروحي يفقدك سلامك الداخلي.
مع بداية الصوم لنحرص جميعاً أن نتسلم من كنيستنا منهج روحي سليم لنعيش به خلال فترة الصوم لكي ننال بركة حياة جديدة، ونكون أمناء في وقتنا، لأن الوقت وزنة لابد أن نحاسب عنها أمام الله عندما نقف أمام عرشه الإلهي .