– موقع مصر الجغرافي يرشحها للتأثر الشديد حالياً السيول والفيضانات وغدا الأعاصير والمحاصيل
– العالم يسير نحو كارثة الوصول الى2.7 درجة من التدفئة
موجات البرد القارس، موجات الحر القاسي، الفيضانات والأعاصير، والزلازل والبراكين، الكوارث الطبيعية التي تنتاب الكرة الأرضية في أركانها الأربعة، من أقصاها إلى أقصاها، دون استثناء، ما من أحد ينجو. أسراب الجراد، حرائق الغابات، احتراق آلاف الهكتارات من الأشجار التي تعتبر المصدر الرئيسي للأكسجين اللازم لاستمرار حياة الإنسان والحيـوان والنبات، وذوبان طبقات الجليد فى القطبين الشمالي والجنوبى ما ينتج عنه ارتفاع منسوب المياه في المحيطات والبحار، الأمر الذي تسبب في إغراق السواحل المنخفضة ودلتاوات عدة أنهار، كل ما كنا نراه احتمالاً في المستقبل البعيد، وصرنا نتحدث عنه بصيغة الحاضر.. كل هذا وما يستتبعه من دمار، وتشريد وصراع ونزوح نتيجة لانعدام الأمن الغذائي ونقص المياه، مما انتج مئات الآلاف من الضحايا، جميعها نتائج لتحدي التغيرات المناخية الناتجة عن ارتفاع درجة حرارة الأرض، والتي لا تعترف بحدود جغرافية. وعلى المستوى المحلي، كان حادث الصعيد في مصر أبلغ مثال، فغرق قرية درنكة بأسيوط، وموت المئات يومها، يعد مؤشراً بالغ الأهمية في التطرف المناخي الذي طال مصر، وبلغ عدد المبانى المُتصدعة فى أسيوط والمنيا فقط نحو 6000 مبنى، كما دمرت السيول آلاف الأفدنة من الأراضى الزراعية. وارتفاع مستوى المياه في النيل الذي اغرق كنيسة السيدة العذراء بالمعادي..لم يكن أحد يصدق منذ عشرين عاماً أن غرق الأراضي المنخفضة سيطال مصر، لكنه حدث.
ماذا يعني ارتفاع درجة حرارة الأرض؟
ترتفع درجات حرارة الأرض بسبب الانبعاثات الناتجة عن الأنشطة الصناعية والبشرية، المداخن والمصانع والسيارات، والطهي، وحرق المخلفات الزراعية والبلدية،واستخدام الفحم في تدوير محطات الطاقة وإنتاج الوقود، وغيرها، تلك الانبعاثات تفوق قدرة الارض على امتصاصها، وتسمى غازات الاحتباس الحراري، وترفع درجة حرارة الارض كما تسمى بالغازات الدفيئة لأنها تساهم في تدفئة جو الأرض السطحي، وهي الظاهرة التي تعرف باسم الاحتباس الحراري، وتؤدي لما سُمي بالتغيرات المناخية، التي تسبب الكوارث الطبيعية، والأزمات الإنسانية والأمنية.
بالرغم من كل ما جرى من كوارث على المستويين العالمي والمحلي، إلا أن حكومات معظم الدول لم تلتزم بخفض انبعاثاتها أو وقف الأنشطة والمصانع المنتجة للانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، وبالكاد تعهدت الصين منذ ايام بعدم تشييد مصانع جديدة تضيف الى الحمل البيئى العالمي من الانبعاثات، في حين أنها الأكثر إنتاجا للانبعاثات المُسببة للظاهرة.
وقف زعماء العالم في ارتباك خلال الشهر الماضي أمام الأمم المتحدة، فالسيناريوهات القادمة كارثية، ومرعبة، والأمر يتطلب مساعدة الدول الفقيرة والنامية لمواجهة آثار التغيرات المناخية بتمويل قدره مائة مليار دولار، لم تف الدول التي تعهدت بالدفع بهذا المبلغ بعد.،
وسط هذا الارتباك يأتي تقرير اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ الذي صدر منذ أيام، ليؤكد أن العالم يسير على طريق كارثي نحو 2.7 درجة من التدفئة. فبدلاً من الحد من ارتفاع درجة الحرارة وخفضه إلى 1.5 درجة، عن طريق خفض الانبعاثات بنسبة 45% بحلول عام 2030 وحياد الكربون بحلول منتصف القرن. وهو ما كان متفقاً عليه سابقاً بين الدول، لم تلتزم الدول بتعهداتها فزادت نسبة الانبعاثات من غازات الاحتباس الحراري الى 16 % مقارنة بمستويات عام 2010.كما تستمر الدول في استخدام أحد تحديات الطاقة وهو الفحم الباعث للكربون، وإذا تم تشغيل جميع محطات توليد الطاقة بالفحم المخطط لها، فسيتخطى العالم عتبة الدرجتين بكثير. ونهلك جميعاً، لذلك تعمل الامم المتحدة على حث دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وقف استخدام الفحم بحلول عام 2030.
وفيما يتعلق بالتمويل، تحتاج الدول المتقدمة إلى تنفيذ وعدها بحشد 100 مليار دولار سنويا للعمل المناخي في العالم النامي من سنو 2021 إلى سنة 2025. لم تفعل ذلك خلال عامي 2019 و2020، ووفقا لحسابات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، هناك عجز هذا العام في حوالي 20 مليار دولار. فكيف يمكن للدول الفقيرة والنامية مواجهة كوارث طبيعية حجمها يتخطى قدرة الدول على الوقاية وبالتالي على العلاج؟
تقع مصر في القلب من الدول النامية، وتلتزم بإجراءات لتوفيرحماية للمناطق الساحلية بغية التخفيف من آثار تغير المناخ و تتخذ اجراءات للحد من اثارها لكن هل توجد خطط استباقية للتعامل مع الوضع الطارىء بعد التقرير المذكور أعلاه؟ بالرغم من كافة الإجراءات التي تحاول مصر اتباعها، في إطار خطة عالمية للتكيف مع آثار التغيرات المناخية، إلا إننا مثل كافة الدول النامية نعتمد على المنح التي تصلنا من صندوق المناخ لتغطية ومواجهة آثار التغيرات المناخية، والتي تبلغ مليارات، حتى ما يسمى باجراءات التكيف يتعين علي مصر انفاق مبالغ طائلة لإحداثه، وفي ظل تدني المنح، ومحدودية القدرات لا يمكن الوفاء بذلك،هذا هو الحال، الدول النامية والفقيرة، حيث تدفع تكلفة نمو الصناعة في الدول الغنية. وهل تم إدراج مخصصات مالية خاصة بالتغيرات المناخية فى الموازنة، طبقاً لما يتلقاه صندوق المناخ ويحوله لمنح لمصر وللعديد من الدول في اطار ال 45 مليار المخصصة حتى الآن؟ وما الضرر الذي وقع على مصر حتى الآن جراء التغيرات المناخية؟ هذا ما تسرده السطور التالية:
في اجتماع منذ أيام لمجلس الأمن حول كيفية حماية الكوكب، صرح وزير الخارجية الأيرلندي سيمون كوفيني، بأن المجلس سيتخذ قراراً فيما يتعلق بالمخاطر الأمنية لتغير المناخ، مشيراً الى أن الكرة الأرضية على المحك، والآثار الأشد كارثية تقع على الفئات الأكثر فقرا وضعفاً. كما أن الآثار المترتبة على تغير المناخ تؤدي للأزمات الإنسانية، وتُنشىء دوافعاً جديدة للصراعات، لذلك يجب معالجة المخاطر الأمنية المتصلة بها، وتوفير الدعم السياسي والموارد.
ووفقا لوكالات الأمم المتحدة فإن العالم يواجه حالياً، مستويات كارثية غير مسبوقة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بسبب التغيرات المناخية، والصراعات الناجمة عنها، ففي الأشهر الأخيرة، تعرضت الفئات الضعيفة من السكان في بوركينا فاسو ونيجيريا ومدغشقر لمجاعات، وهناك حاجة ماسة لحوالي 6.6 مليار دولار لدعم 41 مليون شخص لتفادي خطر الانزلاق في المجاعة،.وبالإضافة إلى ذلك، يواجه 41 مليون شخص في جميع أنحاء العالم مستويات طارئة من انعدام الأمن الغذائي المصنف ضمن المرحلة الرابعة في التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، أي على بعد خطوة واحدة فقط من حافة المجاعة، وهذا يمثل زيادة بنسبة 50 % خلال عامين فقط.
وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة مارتن جريفيثس: إن الوضع ناتج عن “مزيج سام من التدهور الاقتصادي، وتغير المناخ، وجائحة كورونا، مشيراً إلى أن التمويل المتاج حالياً لا يتعدى سوى 21 % من إجمالي التمويل المتعلق بالمناخ. أي 16.7 مليار دولار في السنة غير أن تكاليف التكيف في العالم النامي تبلغ 70 مليار دولار سنويا، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 300 مليار دولار بحلول عام 2030.وطلب من جميع المانحين والممولين الالتزام بتخصيص 50 في المائة من تمويل المناخ للتكيف”.
كما انعقدت المائدة المستديرة غير الرسمية لقادة المناخ بشأن العمل المناخي خلف أبواب مغلقة في مقر الأمم المتحدة، لسد الثغرات بشأن الإجراءات المطلوبة من الحكومات الوطنية، وخاصة القوى الصناعية لمجموعة العشرين، “مُنتدى دولي يجمع الحكومات ومُحافظي البنوك المركزية من 19 دولة والاتحاد الأوروبي. تأسست المُنظمة سنة 1999” بشأن إجراءات التخفيف والتمويل والتكيف.لعمل ما يمكن عمله تجاه الحالة الأليمة لمسار المناخ في ظل النتائج غير الجيدة لمؤتمر COP26″، وهو مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ الذي عقد في جلاسكو نهاية أكتوبر الماضي.
دعا الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو جويتريش الدول الأعضاء إلى العمل على ثلاث جبهات:أولاً، الحفاظ على هدف 1.5 درجة في متناول اليد؛ ثانياً، الوفاء بالمبلغ المقدر بـ 100 مليار دولار سنوياً للعمل المناخي في البلدان النامية؛ وثالثاً، زيادة تمويل التكيف إلى ما لا يقل عن 50 في المائة من إجمالي الإنفاق العام لتمويل المناخ. ولا يزال هدف ال 1,5 درجة في متناول اليد، وهي درجة في متناول اليد، لأنها درجة الحرارة التي يمكن عندها وقف الكوارث ، ذلك إذا التزمت الدول بمساهماتها.
حلول أممية
وبحثاً عن الحلول، وتحت عنوان “تسريع العمل من أجل تحقيق الهدف “7” من أهداف التنمية المستدامة ودعماً لأجندة 2030 واتفاق باريس للمناخ”، انعقدت منذ أيام قمة لزعماء العالم حول استخدام الطاقة النظيفة، والذي يمثل الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة، وذلك للوصول بصافي انبعاثات الغازات الدفيئة إلى الصفر، و”صفر الانبعاثات” هو المرحلة التي يتساوى فيها حجم انبعاث الغازات الضارة مع قدرة الأرض على امتصاصها وتصريفها خارج الغلاف الجوي. وبذلك يكون الضمان لعدم استمرار زيادة درجة حرارة الأرض التي تتسبب في الكوارث.
وفي هذا السياق حدد أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، بعض العناصر الرئيسية بشأن أزمة الطاقة النظيفة، التي تواجه العالم أهمها أن حوالي 2.6 مليار شخص لا يمكنهم الوصول إلى حلول بشأن الطهي النظيف.، وحذر الأمين العام من أنه بدون تحقيق الهدف السابع، سيُحكم على المليارات من الناس بمزيد من الفقر واعتلال الصحة، بينما تتعرض النظم البيئية التي نعتمد عليها جميعاً إلى الانهيار، ودعا جميع البلدان – وخاصة البلدان المتسببة بصورة رئيسية في إطلاق الانبعاثات – إلى التعهد بالتزامات الطاقة النظيفة، جنباً إلى جنب مع الجهات الفاعلة الرئيسية في مجال المال والأعمال.
من جانبه حذر رئيس وزراء المملكة المتحدة بوريس جونسون، خلال احتماع المناخ من أن “التاريخ سيحكم” على أغنى دول العالم إذا فشلت في الوفاء بتعهدها بتقديم 100 مليار دولار كمساعدات مناخية سنوية . وتكهن بأن فرص تأمين الأموال قبل نوفمبر ب “6 من 10″وحذر جونسون من أنه”لا يمكن لدولة واحدة أن تغير المد، فسيكون ذلك اشبه بإنقاذ سفينة بدلو واحد”.
ثم جاءت قمة جلاسكو بكل تفاصيلها التى اضافت مخاوف جديدة، في ضوء ما تردد عن محاولة تلاعب بعض الدول بتقرير المناخ، وتوصلت القمة اتي عقدت في اسكتلندا بحضور ممثلي الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة،الى مسودة اتفاق جديدة ترفع من سقف مطالب البشرية من الحكومات بمعالجة التغير المناخي بشكل عاجل.والتقليل بشكل كبير من انبعاثات غازات الدفيئة بسرعة أكبر مما كان في السابق.لكنها للأسف وبسبب اعتراضات عدد من الدول، خففت من الالتزامات بتخفيض استخدام الفحم الحجري وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى.
نهر النيل الحائر بين الفيضان والجفاف
ثم جاءت قمة جلاسكو بكل تفاصيلها التى اضافت مخاوف جديدة، في ضوء ما تردد عن محاولة تلاعب بعض الدول بتقرير المناخ، وتوصلت القمة اتي عقدت في اسكتلندا بحضور ممثلي الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة،الى مسودة اتفاق جديدة ترفع من سقف مطالب البشرية من الحكومات بمعالجة التغير المناخي بشكل عاجل.والتقليل بشكل كبير من انبعاثات غازات الدفيئة بسرعة أكبر مما كان في السابق.لكنها للأسف وبسبب اعتراضات عدد من الدول، خففت من الالتزامات بتخفيض استخدام الفحم الحجري وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى.
على الصعيد المحلي في مصر، لدينا تهديدات جسيمة، حالية ومستقبلية،حذر دكتور سيد صبرى، مستشار تغير المناخ والتنمية منخفضة الكربون بوزارة البيئة .قائلاً: تؤدي ظاهرة الاحتباس الحراري إلى تذبذب إيراد نهر النيل من المياه بحيث يمكن أن يرتفع فجأة كما أنه يمكن أن يتناقص فجأة أيضا فى سنة أخرى وذلك بسبب اختلال توزيع أحزمة المطر كمياً ومكانياً وخاصة فوق حوض نهر النيل.
بالإضافة إلى الآثار السلبية لارتفاع درجة حرارة مياه البحار والتى تؤدى إلى ابيضاض الشعاب المرجانية الموجودة فى البحر الأحمر مما ينعكس على حركة السياحة إلى هذه المنطقة كما أنه لم يعد مناخ مصر حار جاف صيفًا، بل أصبح الجميع يعاني من ارتفاع درجة الرطوبة ودرجات الحرارة بشكل وتكرار لم يكن يحدث في الماضي القريب، وستتعدى آثارها ذلك إلى غرق كثير من الأراضي الساحلية وتدمير الغابات وهجرات للملايين وخسائر بمئات المليارات، وفقا لدراسة أنجزتها شبكة البحوث “لفيميز” لقياس آثار تغير المناخ في مصر ففي عام 2050 يكون للعواصف وموجات الحر والفيضانات تأثير مدمر على مصر.
الأمن الغذائي
أكد الدكتور الشبراوي أمين وكيل وزارة الزراعة السابق والخبير بمركز البحوث الزراعية أن : أن التغيرات المناخية تتسبب في انخفاض الإنتاجية محصول الأرز بنسبة 11% و الذرة بنسبة 19% وفول الصويا بنسبة 28% وكذلك محصول البطاطس بنسبة تصل إلى حوالي 23% وطالب بضرورة شمول التغيرات المناخية في الخطط المستقبلية ووضع الاستراتيجيات اللازمة للتعامل مع مؤشراتها واستخدام الإمكانيات المتاحة لإجراء دراسات ميدانية عن المخاطر .
أشار نادر نور الدين أستاذ الموارد المائية والري، بجامعة القاهرة إلى أن اثار التغيرات المناخية تشتد عاماً بعد عام وكانت عنيفة خلال هذا العام بما أحدثته من أضرار سواء في مصر أو على مستوى العالم. وأضاف: أن السد العالي أنقذ مصر من فيضان ضخم بفعل هذه التغيرات، مشيراً إلى أن السد حوّل الفيضان إلى خير كبير تم تخزينه سيكون رصيداً مطمئنا للسنوات المقبلة.
وأكد نور الدين أن التغيرات المناخية أحدثت تأثيرات كبيرة على العديد من المحاصيل بما في ذلك القمح العالمي الذي يشهد حالياً انخفاضا بنحو 5%، كما أن سعر الطن ارتفع من 230 دولارا إلى 270، وأشار إلى أن السعر يبقى مرشحاً للزيادة، كما تأثرت مصر زراعياً هذا العام في محصول الزيتون، وأن كل مزارعي هذا المحصول يعيشون أوضاعاً اقتصادية “صعبة للغاية”.
تتفق مع ما سبق دكتورة خديجة أنيس،الباحثة بمركز معلومات تغيرالمناخ وتقول: التغيرات المناخية تؤدى إلى انعكاسات سلبية جوهرية على الإنتاجية القومية لمحصولي القمح والذرة، حيث تتأثر المحاصيل من النوعين سلبيًا بزيادة معدلات البخر وملوحة التربة والمياه،
إختفاء فصلا الخريف والربيع
كشف الدكتور مجدي علام، رئيس الاتحاد العربى للشباب والبيئة والخبير الدولى فى شؤون البيئة، عن أن التقارير الدولية المعنية بتغيرات المناخ، تشير إلى أنه فى حالة انفلات قدرة العالم على السيطرة على الانبعاثات الحرارية على كوكب الأرض، فسوف يختفى فصلا الخريف والربيع، ويبقى فصلان هما الصيف والشتاء، وأضاف:أن الخطورة تكمن فى حدوث اضطرابات مفاجئة ومتقطعة، وهى حدوث موجات باردة صيفاً وأخرى حارة شتاء، مما يهدد إنتاجية المحاصيل الزراعية، وتؤثر سلبًا على تعرض الدولة لحالة من انعدام الأمن الغذائي.
وكشف علام عن أن مساهمة مصر فى رفع درجة حرارة الأرض ضئيلة جداً، حيث لا يزيد حجم انبعاثات دول القارة الإفريقية عن 4% فقط من الانبعاثات العالمية المتسببة في تسخين الكرة الأرضية. بينما تتحمل أضراراً بالغة.
قال الدكتور شاكر أبو المعاطي أستاذ المناخ رئيس قسم الأرصاد الجوية بالمعمل المركزي للمناخ الزراعي: أن الارتفاع في مستوى سطح البحر على المستوى الإقليمي له تداعياته ويهدد بغرق الدلتا “رشيد والاسكندرية وبورسعيد ودمياط” ولذلك قامت هيئة حماية الشواطئ في مصر بعمل مصدات للميناء حتى لا تسبب المياه نحراً للشواطئ وتدخل الى المدن.
مصر في مواجهة تحديات المناخ
أما دكتور محمد علي فهيم، رئيس مركز تغير المناخ بوزارة الزراعة، فقال: الأمن الغذائي مهدد ” أي زيادة في الإنتاج الزراعي تعتمد على تقدير دقيق للاحتياجات المائية للمحاصيل، ويمكن الاستفادة منها في تحقيق سياسة التوسع الأفقي للدولة باستصلاح واستزراع أراض جديدة”،واستطرد قائلاً: أنه من المعروف وجود ضغط شديد على الموارد الطبيعية في مصر خاصة الموارد المائية التي تلزم لتوفير الأمن الغذائي للتعداد السكاني المتزايد، وأيضاً توفير المياه لكي يستخدمها السكان،مما يستلزم تطوير الأساليب الزراعية التي تضمن الاستخدام الأمثل للأرض والمياه، مضيفاً أن جهود التكيف مع التغيرات المناخية مهمة من أجل مصر لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية المتمثل في القضاء على الفقر وضمان استدامة الموارد البيئية.
وأضاف: “إن الموقع الجغرافى لمصر يؤهلها لأن تكون أكثر المناطق تأثراً بتغّير المناخ، وأن التقلبات هى مظهر من مظاهر تغيّر المناخ، ولذلك فإننا حتى نصل إلى زيادة من درجة إلى درجة ونصف زيادة فى درجات الحرارة، وتأثيراتها على الزراعة والماء والجو والبحر فى كل مناحى الحياة،وأضاف: “المنظومة الزراعية لدينا فقيرة ومعقدة ومتشابكة، وبنيتها التحتية ضعيفة جداً، والتكنولوجيا المستخدمة قديمة جداً وبدائية، يقابلها إنفاق ضعيف وميزانية محدودة لا تلبى التطور المطلوب لمواجهة هذه التغيرات والتقلبات، والنتيجة أن القطاع يصعب عليه تنفيذ توصيات الحد من تأثر التغيّرات المناخية، وتعطيل السياسات الزراعية المستقبلية،فيما أن بسبب التقلبات المناخية الأخيرة حدثت خسائر كبيرة وأرقام صادمة جداً للفلاح فى الدلتا.
ويشير دكتور محمد، إلى مشكلة إمدادات المياه، قائلاً:” نحن نتبع نظام الرى بالغمر فى أكثر من 85 % من زراعتنا، وهذا الأسلوب كفاءة الاستخدام فيه لا تتجاوز الـ 50%، وهذا الفقد لا نستفيد منه كثيراً، وكان من المفترض أن يتم رسم خريطة مناخية زراعية لمصر تراعى التوزيع المناخى من حرارة ورطوبة وأمطار ورياح وكل من له تأثير مباشر على نمو وإيجابية النبات, ومعها خريطة التراكيب المحصولية، بناء على احتياجاتها من المناخ أو مدى تحملها للتقلبات الجوية، ولكن للأسف لم يتم رسم هذه الخريطة،ميشيراً إلى أننا سوف نواجه صيفاً شديد الحرارة، سوف يتسبب فى زيادة استهلاك المياه من 20 إلى 30 % عما هو معتاد،وسوف يزداد الأمر فى السنوات المقبلة.
ويتوقع أنه بالنسبة إلى مزارع الاستزراع السمكى أن يكون أكثر تأثراً، بسبب تغير المناخ وما يتخلله من تقلبات جوية حادة، إضافة إلى النقص المتوقع في مياه الصرف الزراعي الناتجة عن تقليص مساحات زراعة الأرز سوف تؤدى إلى مشكلة كبيرة،حيث إن رصيد المياه فى المصارف الزراعية التي تغذى مساحات المزارع السمكية سوف ينخفض بدرجة كبيرة الذي يؤدي الى اضطرار أصحاب المزارع إلى إعادة استخدام نفس المياه الناتجة عن صرف المزارع السمكية والتى قد تنقل الكثير من العدوى بالأمراض, وطالب باستثمار طاقات الباحثين،وإعادة رسم السياسة البحثية في مصر، وأن تكون التغيرات المناخية موضع الجد فى كل أى مشروع يتم تنفيذه فى مصر سواء زراعة أو اسكانا أوطرقا والمناطق التي تتعرض للتقلبات الجوية
ويقول الدكتور مسعد قطب أستاذ التغيرات المناخية بمركز البحوث الزراعية: لا توجد حتى الآن بيانات مؤكدة عن تأثر الموارد المائية من نهر النيل تحت ظروف التغيرات المناخية؛ حيث تنبأت بعض السيناريوهات بزيادة مياه نهر النيل بمعدل 20 – 30% ، وأشارت السيناريوهات إلى احتمال انخفاض الموارد المائية بمعدلات تصل إلى 50%، وأشار قطب، إلى أنه بالنسبة لتأثير ظاهرة تغير المناخ على مصر فإن أكثر القطاعات المصرية عرضة لتغير المناخ هي المناطق الساحلية،موارد المياه العذبة، الزراعة، وقد يؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار نصف متر فقط إلى غرق مساحة 1.800 كم2 “حوالي نصف مليون فدان”من الأراضي المنتجة للمحاصيل وزيادة تسارع مستويات التصحر, واستطرد،أن تغيرالمناخ قد يسبب اختلافًا شديدًا في معدلات الفيضان السنوي للنيل الذي يمد مصر بأكثرمن 97% من الموارد المتجددة للمياه، مما قديؤدي إلى انخفاض إنتاج الغذاء وانتشار البطالة وزيادة النزاعات والصراعات على موارد المياه العذبة مما يتطلب إصلاحات شاملة على جميع الأصعدة والقطاعات الإقتصادية
. تسرب مياه البحر لليابسة
ويرى الدكتور سامح فاروق مقلد استشارى شئون البيئة والمنشآت والموارد المائية أن :التأثيرات البيئية والاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن تغيّر المناخ ، المفترض تنفيذ توصيات مؤتمرات المناخ بشكل دوري، لكن ذلك لا يحدث، فما حدث من كوارث طبيعية في بعض الأماكن في مصر، سيكون أعنف خلال السنوات المقبلة، واللوم هنا يقع على المتخصصين والخبرات الموجودة فى مصر، فهم يعلمون أن هناك تغيّرات مناخية، وكان الواجب المراقبة والتجهيز واتباع اجراءات التخفيف والتكيف المنوطة بها وزارة البيئة، كما قامت وزارة الرى بإنشاء مخرّات للسيول فى المحافظات الحدودية، للاستفادة من مياه الأمطار والسيول،ونحن فى حاجة إلى استخدام مياه هذه الأمطار التى تهطل فى المحافظات الأخري، فلا توجد دولة تهدر مياهها مثل مصر، وبما أن السيول اقتربت من القاهرة وقريبا فى الدلتا، فبدلاً من إنفاق مبالغ خيالية على البنية التحتية،من الممكن إنشاء طرق صرف فرعية، من خلال مواسير على عمق معين تستقبل هذه المياه، وصرفها فى البيارات أو تانكات أو أحواض زراعية، وهى عملية سهلة،ولاتحتاج تغييرا فى البنية التحتية،بحيث استفيد منها، وأتجنب في نفس الوقت انهيار الطرق والمباني
وبالنسبة للشواطيء قال إن هناك نحراً يحدث لكل شواطيء مصر، أهمها الإسكندرية والعريش، وأحد أسباب انهيار العمارات فى الإسكندرية يرجع إلى تسرب مياه البحر إلى التربة، وهناك كارثة ترتبط بنقص الموارد المائية فى مصر، والتأثير الأكبر على المزارعين في الدلتا، وقد تحدث هجرة كبيرة لهؤلاء المزارعين، وهناك كارثة فى الطريق،ولابد من البحث عن حلول واستنباط اصناف تتحمل هذه التغيرات مثل الارز المقاوم للجفاف، وقد بدأنا زراعته منذ ثلاث سنوات، ونجح نجاحا باهرا، لكننا لم نستثمر هذا النجاح بالشكل المطلوب.
من جانبها قالت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة: أن مصر تتخذ خطوات حثيثة لخلق التزاما سياسيا أكبر باجراءات مواجهة آثار تغير المناخ، وأهمها وضع المجلس الوطني للتغيرات المناخية تحت رئاسة الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء.كما تضع مصر حاليا سيناريوهاتها للتخفيف والتكيف مع آثار تغير المناخ، وبالرغم من الجهود التي تتم في مجال الدراسات واعداد تلك الاستراتيجيات، إلا أن الاستفادة من خبرات البنك الدولي في إعداد الدراسات الكمية المتعلقة بالمناخ والتي تساعد على حساب تكلفة تأثيرات تغير المناخ على الاقتصاد والتنمية ستحقق فارقا في بناء السياسات المطلوبة واتخاذ القرارات المناسبة.
وأشارت الوزيرة إلى أن عملية تمويل المناخ، تواجه تحديا كبيراً لضمان وصول التمويل اللازم للدول المستحقة لتبني سياسات وإجراءات مواجهة آثار تغير المناخ، ولعل تقرير تغير المناخ والتنمية سيساعد الدول في وضع تقدير للتكلفة المادية المتوقعة لسيناريوهات التخفيف والتكيف مع آثار تغير المناخ، مما سيساعدها على بناء سيناريوهاتها المستقبلية للمناخ، وتحديد المطلوب، واضافت أن مصر قامت بخطوات جادة في مشروعات النقل المستدام، بالوقود النظيف للتخفيف من آثار تغير المناخ باستثمارات ذاتية.
الجدير بالذكر أن الرئيس عبد الفتاح السيسي دعا لاستضافة الدورة السابعة والعشرين.. لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ عام 2022.” للانعقاد في مصر