احتفلت الكنيسة القبطية بمرور تسع سنوات علي ارتقاء قداسة البابا تواضروس الثاني كرسي مارمرقس الرسول كاروز الديار المصرية.
والمتأمل في سلسلة باباوات الكرسي السكندري الرسولي يدرك تماما أن الله يشمل الكنيسة القبطية برعايته خاصة في اختيار الجالس علي السدة الرسولية.
ولو عدنا بالذاكرة القريبة لوجدنا أن البابا كيرلس السادس (البابا الـ116) هو الأنسب لعصره وكم صنع نهضة روحية بالكنيسة بعد طول ركود وكانت علاقته بالرئيس جمال عبدالناصر علاقة فريدة بدأت بفتور وانقلبت إلي محبة يحكي عنها حتي إن الرئيس كان يدعوه يا والدي وطلب منه ألا يزوره بالقصر الجمهوري بل بالبيت كواحد من الأسرة والمقربين, وكم أفرزت هذه العلاقة من ثمار طيبة كثيرة علي الوطن والكنيسة.
وبالأمس القريب عاصرنا كم كان البابا شنودة الثالث (البابا الـ117) بابا عصره وهو عصر انفتاح مصر علي العالم وكم اتسعت الخدمة الروحية في حبريته التي امتدت لواحد وأربعين سنة انطلقت فيها الكنيسة وازدهرت بالداخل والخارج في كل قارات العالم.
وكان قداسته خطيبا مفوها يملك من العلم والمعرفة ما كان يشرف الوطن والكنيسة في كل المحافل العلمية والمنتديات.
ثم تتبارك الكنيسة بقداسة البابا تواضروس الثاني البابا (الـ118) المختار من الله بالقرعة الهيكلية في الرابع من نوفمبر 2012 وهو نفس تاريخ ميلاد الصيدلي وجيه صبحي باقي سليمان (اسم قداسته بالميلاد).
في الحقيقة يعتبر البابا تواضروس مثالا حقيقيا لاختيار السماء وفق معطيات الزمان الذي يختار له, فقد تسلم مفتاح الكنيسة من السيد المسيح والبلاد تموج بحالة متغيرة لم تشهدها من قبل والعواصف تقذف بالوطن والكنيسة.
وهنا برزت حكمة البابا فبعد شهور قليلة علي ارتقائه الكرسي السكندري وقعت أحداث فض اعتصامي رابعة والنهضة وتعرض أكثر من 80 كنيسة ومبني خدميا للحرق والتدمير علي يد جماعة الإخوان المسلمين بالعديد من المحافظات.
وإذ بالبابا الحكيم يحمي مصر بحكمة علوية عندما أطلق مقولته الشهيرة وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن مؤكدا أن حرق الكنائس القبطية هو تضحية بسيطة يقدمها الأقباط من أجل الوطن, بل رفض مشروع قانون أمريكي خاص بترميم الكنائس المصرية المتضررة معلنا أن الحكومة المصرية تقوم بواجبها علي أكمل وجه.
واستمرت حكمة البابا تواضروس لتذود وتحمي الوطن.. ففي حادث تفجير الكنيسة البطرسية في ديسمبر 2016 أعلن وقوف الكنيسة بجانب الدولة في محاربة الإرهاب وأن الهجوم علي الكنيسة لن يؤثر علي وحدة المصريين, ونفس الموقف تكرر في أبريل 2017 علي حادث تفجير كنيستي مارجرجس بطنطا والمرقسية بالإسكندرية, معلنا أن مثل هذه الحوادث لن تمس النسيج الوطني, ولما وقع الحادث الإرهابي في نوفمبر 2017 بمسجد الروضة بالعريش أعلن دق أجراس الكنائس تضامنا مع إخوة الوطن.. ومواقف كثيرة لقداسة البابا الوطني والحكيم لا يتسع المجال لذكرها.. تحية للبابا تواضروس الثاني في عيد تجليسه المبارك.