” من أين يأتي كبرياء القلب ؟ “
إنقاد آدم وحواء لتجربة الشيطان بمععصيتهما وصية الله ، فإبتعادا عَنهُ ، وظنا أنهما بإبتحادهما عن الله أصبحا أحراراً وأسياداً كخالقهما ، فأخرجهما الله من الجنّة . ولكن الله لم يتركهما يسيران وحدهما بل رافق الإنسانية في مسيرتها الطويلة التي بدأت بالتمرد والعصيان ، وانتهت بالطاعة عند ميلاد العذراء مريم ومن ثُمَّ تقدمتها على يد والديها يواكيم وحنه إلى الهيكل .
إنّ العقدة التي سببها عصيان حواء حُلّت بطاعة مريم كما يقول القديس إيريناوس : ” إنها مسيرة تضاعفت فيها عجائب الله ” .
إنّ الله يسير مع شعبه ويرافقه بالحنان . لقد ليّن القلوب ، ونزع القلب الحجري من الإنسان وأعطاه قلب من لحم ينبض حُباً ورحمةً وحناناً . بإنسانٍ واحد أي بآدم دخلت الخطيئة إلى العالم ، وبإنسانٍ واحد ايضاً اي بيسوع المسيح نِلنا الخلاص . فعلى مثال يسوع ، كل واحد منا عليه أن يتخلّق ويتشبه بيسوع المسيح كما يعلمنا القديس بولس في رسالته إلى أهل فيليبي: ” تخلَقوا بخُلُقِ المسيح ” ( فيليبي ٢ : ٥ ) ، ويملك قلباً أكثر إنسانية ليكون أقرب من الله .
بالطاعة لكلمة الله يتمّ الخلاص :
الخلاص ، لا يمكن شراؤه أو بيعه ، إنه نعمة ، عطية ، هبة من الله مُنحت لنا بمجانية ، بذبيحة المسيح على الصليب ، لا يمكن شراؤه بدم الثيران والتيوس كما كان في العهد القديم . وحده التواضع يدخلنا في هذا سر ، سر الخلاص والفداء ” فهو الذي حقَّقّ السلام بدمه على الصليب ” ( قولسي ١ : ١٩ ) ، ” فوضع نفسه وأطاعَ حتى الموت ، الموت على الصليب ” ( فيليبي ٢ : ٨ ) ، بقلب منسحق ومنصاع تماماً إلى إرادة الله على مثل قلب مريم المتواضع .
مسيرة التواضع تبدأ عندما كل واحد مِنّا يرفع عينيه إلى السماء وينظر إلى الله ، يفتح يديه ويرفع صوته ، ويقول ببساطة : “يا الله ، أنت هو الإله الحقّ ، خالق السماء والارض ومبدع الإنسان على صورتك ومثالك ، ونحن نسير بحضورك في الطاعة لإرادتك ومشيئتك بقلب منسحق .
اليوم ونحن نحتفل بعيد تقدمة العذراء مريـم إلى الهيكل نعانق الله الآب من خلال دم إبنه يسوع الذي تجسّد من العذراء مريـم وأصبح كواحد منا ” وصارَ بَشَراً ” ( يوحنا ١ : ١٤ ) وخلّصنا وأدخلنا معه إلى الملكوت السماويّ الذي أعده لنا بسر قيامته .
إنّ هذا الآب المحب للبشر ، ينتظرنا كلّ يوم ، فعلينا أن ننظر إلى أيقونة آدم وحواء ، أن ننظر إلى أيقونة يسوع ومريم ، أن ننظر إلى التاريخ الذي كان وما زال الله يسير فيه ، مع شعبه في الماضي ومعنا في الحاضر والمستقبل ونقول : ” شكراً يا رب . لأنّك اليوم منحتنا الخلاص بيسوع المسيح المولود من العذراء مريـم .