فيه كوبلية من أغنية مشهورة, للشاعر اليوناني “سيمونيدس”, بيقول فيها:
“هزمناهم, ليس حين غزوناهم, بل هزمناهم حين أنسيناهم تاريخهم وحضارتهم”
دي الجملة المشهورة بالترجمة العربي, انما لو راجعنا النص الأصلي نلقاه بيقول: ” …. حين أنسيناهم ديانة آبائهم”!
لو عملنالها ترجمة بالمصري, مع روح النص الأصلي, ح تبقا كده:
“غلبناهم, مش عشان احتليناهم سنين ..لأ. غلبناهم لما نسيناهم هوما مين”
الإحتلال الثقافي أهم وأخطر من الإحتلال العسكري, وده اللي حاصل دلوقتي, وخلاصة حروب العالم القديم والجديد, الإحتلال بالشركات والأكلات والموضات والسينمات والفضائيات والموبايلات .. وآخر صيحة الإحتلال بعبوات التطعيمات!
………..
نرجع للعالم القديم, نلاقي كوبليه الأغنية اليونانية دي, كان معروف فـ زمن سيادة الثقافة اليونانية, بداية من نص الألفية الأخرانية قبل الميلاد, وفضلت السيادة دي مع البطالمة والرومان لنص الألفية الأولانية بعد الميلاد, يعني فيه حوالي ألف سنة قبل وبعد الميلاد, كان الأوربيين اليونان والرومان, هوما أسياد العالم, اللي بيحددو اقتصاده وثقافته .. لخ!
فـ وسط الألفية الأوربية دي, انطفت زهوة الحضارات القديمة, المصرية والبابلية والفينيقية, ومن بين شبورة معارك القديم, ومن الرمل ظهر شعب جديد, كان فقير ومعدم من كل ناحية, لا أصل ولا فصل, لا شكل ولا موضوع, كان عايش ع الهامش, سارح فـ البراري, قوافل وأسراب بتتحرك فـ البادية, وتتدارى فـ الخيم والكهوف, لغاية ما بقا لأفراد منهم دور, أحيان مع البطالمة, وأحيان مع الرومان!
شعوب الرمل دول, عمر ما كان ليهم دول, ولا جضارة ولا ثقافة ولا أي وجود حقيقي, طول عمرهم موجودين, عبارة عن ناس سريحة وبياعين متجولين فـ المنطقة, ومن هنا جا اسمهم, ووصفهم فـ الكتابات المصرية القديمة:
“عبرو” أو “عابيرو” = آسيويين سريحة/ عمال بالأجرة .. لخ!
ترجمة الإسم المصري للعبرانيين, دلوقتي كتاب العالم بيتجاهلوه, وبيحاولو يلاقو تفسير للإسم, من كتبهم وحواديتهم القديمة, ويقولك أصل اسمهم “عبرانيين” عشان عبرو نهر الفرات, نهر مين يا سيدي؟ وايه المعجزة فـ عبور ترعة؟ ترعة بنفس المعنا الحرفي للكلمة, وفيه كمان أماكن فـ الترعة دي ممكن واحد ينطها, زاي القناية, ترعة نطها أو عبرها قبلهم وبعدهم آلاف وآلاف!
حواديت العبرانيين بتستخف بالتاريخ والجغرافيا, وكأن مكنش فيه فـ العالم غيرهم, ولا حضارت عظيمة ومدن كبيرة قبلهم؟
اعتمدو فـ حواديتهم, علا ايه؟
ان الناس بتنسا؟
إن الكدبة المكتوبة, بتعيش وبتكبر, والأجيال بتكررها وكأنها حقايق مفروغ منها؟
الإثارة اللي بيعملها الخيال؟
الحقيقة, ان الكدبة بتفضل كدبة, ولو رددها الملايين لآلاف السنين!
……….
كتبة العبرانيين, القدام والوسطانيين والجداد, ذاكرو اللي انكتب قبلهم كويس, واجتهدو فـ مذاكرتهم لأغاني وحواديت الشعوب, وكتبو الأغاني والحواديت بلغاتهم, لفقو أصل, وألفو تاريخ, وطرزو كل ده بالأغاني والحواديت المسروقة!
الكاتب العبراني حط لمسته, من بيئته وضعفه وحقده ع الشعوب الغنية اللي سبقته, انما لأنه فقير, فضل لحن الأغنية القديمة, والتيمة الدرامية للحدوتة القديمة, معرفش يغير فيهم كتير, مجرد رتوش ورموز متغيرش المعنا, زاي سرقة اللوجو بتاع الشركات دلوقتي, “سامسونج” يتسرق يبقا “سانسونج”, مجرد الفرق بين الميم والنون!
اللي كتبه سيمونيدس طبقه كتبة العبرانيين بالحرف, سرقو الآلهة القديمة والحواديت القديمة والأغاني القديمة!
………..
ملحمة جلجامش, وصعود رع بالبقرة المقدسة, وفتق الأرض عن السما, وحدوتة الساحر اللي شق البحيرة, وغواية مرات الأخ فـ قصة الأخوين, ومغامرات زيوس وآلهة الأولمب وهركليز .. لخ!
كتب العبرانيين القديمة والوسطانية والجديدة, اتملت بتيمة الحكايات دي, وخيال الكتاب اشتغل, زود شخصيات وافترض أحداث فـ أماكن غير الأماكن الحقيقية, لدرجة ان حدوتة واحدة منهم واخدة مساحة كبيرة أوي, من غير ما يكون لها أي وجود فـ آثار أو تاريخ الشعوب, اللي بقا معروف كويس دلوقتي!
ممكن حد يعلق ع الكلام ده ويقول:
وده فايدته ايه ؟ ما اللي راح راح, واحنا ولاد النهاردة! .. صحيح الحاضر مهم, والمستقبل أهم, انما اللي ميستفيدش من التاريخ, يندبح زاي الخرفان اللي بتمشي برجليها للسكينة اللي بتدبحها!
التاريخ وتجارب وحكمة الأجداد, زاد وزوادة مستقبل الأحفاد!
طب نعمل إيه؟
البداية: “علم دراسات الهوية المصرية”, تاريخ مصر, وثقافة مصر, والأهم لغة مصر الأصلية!
ونسمع, ونسمع ولادنا أغنية سيمونديس:
“غلبناهم, مش عشان احتليناهم سنين ..لأ. غلبناهم لما نسيناهم هوما مين”
ملحوظة: هذا المقال مكتوب باللغة المصرية وليس باللغة العربية.. الكلمات قد تبدو بها أخطاء إملائية مقارنة باللغة العربية، لكنها في الحقيقة صحيحة بحسب القواعد اللغوية للغة المصرية.