حكى أحد الأباء عن خدمته فى البرازيل، أنه بينما كان يوزع بعض المأكولات على الفقراء فى بيوتهم الصفيح، وقال له أحد الأطفال: هل انت الله؟ فتأثر جداً وقال له: أنا خادمه. وقال آخر: من فوائد الصوم معايشة معاناة الفقير فى جوعه.
كيف يهدأ لنا بال ونحن نترفه فى المآكل بينما لعازر الفقير مطروح تلحس الكلاب قروحه؟! أو كيف نستقبل العيد مرتدين آخر خطوط الموضة وأغلى الملابس ثمناً بينما يسوع متمثلاً فى كل فقير، مقمطاً فى مزود فى أشد ليالى السنة برودة إذ ليس له موضع فى المنزل؟!!
إن كانت الذبيحة أمر اساسى فى العبادة فإن الله يفضل الرحمة عليها “أريد رحمة لا ذبيحة” (هو٦:٦ ) وبالمثل إن كان الصوم تقدمة محبوبة لدى الله فالرحمة تفوقه قبولا.
قيل أن امرأة فقيرة دخلت كنيسة بها تمثال للرب يسوع مغطى بثوب من القطيفة الأنيقة وبينما هى لا تجد ما يحميها من برد الشتاء القارص فى تلك البلدة، تقدمت أمام الحاضرين إلى التمثال ونزعت عنه الثوب والتفحت به! صمت الجميع ولم يجرؤ أحد أن يعارض المرأة فهذه هى تعاليم المسيح نفسه.
إن العطاء والرحمة بالمحتاجين هو فى حقيقة الأمر رحمة بأنفسنا وأخذ من الله بما لا يقاس.
هل أعطت أرملة صرفة صيدا أم أخذت؟ لقد بدأت بتقواها أن تعطى حفنة دقيق وقطرات زيت لكنها نالت من الرب كيلات كثيرة من الدقيق وسيل غزير من الزيت، بل أخذت ابنها حياً بعد أن مات. وإن كان هذا ليس الغرض من العطاء لكن كما يقولون الرب لا يمكن أن يكون مديون لأحد لأن “من يرحم الفقير يقرض الرب وعن معروفه يجازيه” ( أم ١٧:١٩) يجازيه “مئة ضعف الآن فى هذا الزمان.. وفى الدهر الآتى الحياة الأبدية” (مر٣٠:١٠ ).