على ما فيها من بركات لا حصر لها لا ننكر ما فيها من صعوبة بالغة.. إنها الطاعة التى تتعارض مع العقل والمنطق والإرادة، وإلا لما كانت تسمى طاعة، يبدو فيها الإنسان وكأنه مقدم على مخاطرة أو مجازفة بحسب المفهوم البشرى.
هل هناك مجازفة أكثر من خضوع أبينا إبراهيم لله فى ذبح إسحق، بل خضوع إسحق لسكين أبيه إبراهيم، لكنها الطاعة التى حصدت أعظم البركات.
قبل أن يطرح القديس بطرس شبكته فى عمق البحر على كلمة الرب، طرح عنه فهمه وحكمته جانباً ليطيع المسيح دون فحص، دخل إلى العمق كاسراً فكره ومطوعه لفكر الرب ليخرج، وقد اصطاد من عمق الاختبار كنزاً روحياً لا ينساه ما حيا على الأرض وسجد عند قدمى الرب، وقال: “اخرج من سفينتى يا رب لأنى رجل خاطئ” (لو ٨:٥ )
“أن أفعل مشيئتك يا رب سررت وشريعتك فى وسط احشائى” ( مز٨:٤٠)
يقول بعض المفسرين أن يونان النبى لم يكن فقط مستهتراً ولكنه رأى فى توبة أهل نينوى و عبادتهم لله خطراً عظيماً على الأمة اليهودية ظناً منه أن الله سيتحول عنهم إلى شعب آخر. ضحالة الفهم الروحى وتغليب فهمه على أمر الرب منعته من الإبحار فى عمق مقاصد الله نحو كل البشرية.
صحيح إن طاعة الله تأخذ أحيانا شكل المجازفة ولكنها طريق مضمونة سلامته لأن الله مدبر الخليقة هو ضامن الطريق.