ترأس البابا فرنسيس صباح اليوم الأحد القداس الإلهي في بازيليك القديس بطرس، بمناسبة عيد يسوع المسيح الملك واليوم العالمي السادس الثلاثين للشباب الذي يُحتفل به على صعيد أبرشي تحت عنوان “انهَضْ! سأَجعَل مِنكَ شاهِدًا لِهذهِ الرُّؤْيا”.
وللمناسبة ألقى البابا عظة قال فيها: تساعدنا الصّورتان اللتان سمعناهما، والمأخوذتان من كلمة الله، لكي نقترب من يسوع ملك الكون. الصّورة الأولى، المأخوذة من سِفرِ رّؤيا القدّيس يوحنّا، والتي استبقها النبي دانيال في القراءة الأولى، تصفها الكلمات التّالية: “آتٍ في الغَمام”. وتشير إلى مجيء يسوع المجيد ربًّا، وإلى نهاية التّاريخ. أما الصّورة الثّانية فهي الصورة التي يقدّمها الإنجيل: صورة المسيح الذي يقف أمام بيلاطس ويقول له: “إِنِّي مَلِك”. سيساعدنا أيّها الشّباب الأعزّاء، أن نتوقّف ونتأمّل في صور يسوع هذه، فيما نبدأ مسيرتنا نحو اليوم العالمي للشباب لعام 2023 في لشبونة.
تابع: لنتوقّف إذًا عند الصّورة الأولى: يسوع يأتي في الغَمام. إنّها صورة تتكلّم عن مجيء المسيح الثّاني في المجد، في نهاية الأزمنة، وهي تجعلنا نفهم أنّ الكلمة الأخيرة حول حياتنا ستكون ليسوع. ويقول الكتاب المقدّس أيضًا: إنّه هو “الرَّاكِبِ على الغَمام” الذي يظهر قدرته في السّماوات: أي أنّ الرّبّ يسوع الذي يأتي من العُلى ولا يغيب أبدًا، هو الذي يقاوم كلّ ما يزول، وهو ثقتنا الأبديّة التي لا تتزعزع. إنَّ نبوءة الرّجاء هذه تنير ليالينا. وتقول لنا إنّ الله آتٍ، وهو حاضر، ويعمل، ويوجّه التّاريخ نحوه، نحو الخير. هو يأتي “في الغّمام” ليطمئننا، وكأنّه يقول: “لن أترككم وحدكم عندما تغمر الغيوم الدّاكنة حياتكم. أنا معكم على الدوام. آتي لكي أُنيركم وأعيد إليكم الصّفاء”. لكنَّ النبي دانيال قد حدّد في كلامه أنّه رأى الرّبّ آتيًا في الغَمام، فيما كان ينظُرُ في رُؤياه لَيلاً. في الرّؤى الليليّة: إنَّ الله يأتي في الليل، في الغمام المظلم غالبًا، والذي يدْلَهِمُّ ويشتدُّ ظلامه في حياتنا. نحن بحاجة لأن نتعرّف عليه، ولأن ننظر أبعد من الليل، ونرفع نظرنا لكي نرى الله وسط الظّلام.
وختم البابا فرنسيس عظته بالقول: وهكذا نجد في حرّيّة يسوع أيضًا الشّجاعة لكي نسير عكس التّيّار؛ ليس ضدّ أحد، كما يفعل الذين يدّعون أنّهم ضحيّة أو المتآمرون، الذين يلقون اللوم دائمًا على الآخرين، لا، وإنما ضدَّ التّيّار غير السليم للـ “أنا” الأنانيّ، المنغلق، والقاسي، لكي نضع أنفسنا على خُطى يسوع. هو يعلّمنا أن نقاوم الشّرّ بقوّة الخير المتواضعة والوديعة فقط. بدون مساومات وأكاذيب. إنَّ عالمنا الذي تجرحه شّرور عديدة، لا يحتاج إلى المزيد من المساومات الغامضة وإلى أشخاص تتلاعب فيهم أمواج البحر فيذهبون قليلاً إلى اليمين وقليلًا إلى اليسار بحثًا عما يتناسب معهم. لا، أيّها الشّباب الأعزّاء! كونوا أحرارًا، وحقيقيين، وكونوا الضمير التفاضلي للمجتمع. تحلّوا بشغف الحقيقة لكي تتمكّنوا من أن تقولوا بأحلامكم: إنَّ حياتي ليست عَبْدَة لمنطق هذا العالم، لأنّني أَمْلِكُ مع يسوع من أجل العدالة، والمحبّة، والسّلام! أتمنّى أن يشعر كلّ فرد منكم بفرح أن يقول: “مع يسوع، أنا أيضًا مَلِك”. أنا مَلك: أنا علامة حيّة لمحبّة الله، ورحمته وحنانه. أنا حالم بهرني نور الإنجيل، وأنظر برجاء في رؤى الليل. وعندما أسقط أجد في يسوع الشّجاعة لكي أكافح وأرجو، والشّجاعة لكي أحلم مجدّدًا في جميع مراحل الحياة.