إلغاء مد حالة الطوارئ قرار ذو دلالات مهمة, يمكن قراءتها في ضوء الظروف التي تم فرض حالة الطوارئ فيها, فحينما فرضت حالة الطوارئ في سيناء في نهاية2014, كان ذلك بعد استهداف جنودنا هناك, واتسع فرض الطوارئ ليشمل كل أراضي الجمهورية منذ أبريل2017, تحديدا بعد تكرار الحوادث الإرهابية التي تستهدف قوات الشرطة والجيش والأقباط, خاصة حادث هجوم الواحات البحرية الذي استشهد فيه 17شرطيا. حادثة استهداف كنيستي الإسكندرية وطنطا,الذي أسفر عن استشهاد وإصابة العشرات في آن واحد, مما جعل الأقباط في بؤرة الاستهداف وكانت مخاوف الناس عظيمة.
بالنظر إلي تلك الظروف منذ 2017 حتي الآن, وبمقارنة الوضع الأمني السابق والحالي نجد أن لإلغاء المد في هذا التوقيت تحديدا دلالات إيجابية أولا باعتبارها رسالة طمأنة للشعب المصري عموما فالظروف التي فرضت فيها الطوارئ تراجعت منذ 2018, بشكل واضح, وتم رفع الحراسات عن الكنائس, وفك السياجات الأمنية, وتراجعت الأحداث الإرهابية ضد الأقباط بشكل واضح, وتم افتتاح عدد من الكنائس الجديدة, مع الوضع في الاعتبار هنا أننا نتحدث عن الجريمة المنظمة إرهابيا وعن السلوكيات المتشددة لبعض من الغوغاء.
ثانيا:يشير إلغاء مد العمل بالطوارئ إلي أن مصر استعادت عافيتها من الهجمات الإرهابية المتتالية التي عانت منها عبر السنوات الأخيرة وأنها تضمن درجة حماية عالية منها في المستقبل القريب.
ثالثا:أيضا هناك دلالة أخري وهي أن الدولة قوية ويمكنها الاستغناء عن حالة الطوارئ, حتي لو كانت صلاحيات تلك الحالة موجودة مسبقا في بعض القوانين الأخري,مثل قوانين مكافحة الإرهاب والكيانات الإرهابية,كل ذلك يعني أننا نسير علي الطريق الصحيح, من أجل الديمقراطية والحرية, لأنه لا أحد يقفز في هذا الطريق فجأة,لكن خطواته تأتي رويدا رويدا مع قدرة المجتمع في ضوء الظروف المحيطة علي استيعابها.
كل ما سبق يدعونا لمزيد من الطموح في بناء المرحلة الجديدة التي تدخلها مصر باعتمادها الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان, وإلغاء حالة الطوارئ, فهناك عدد من الإجراءات الاستثنائية التي من المفترض أن يتم وقف العمل بها, فمثلا ما الموقف القانوني لمحتجزي الرأي والذين تم اتهامهم بمواد تابعة لقانون الطوارئ من سجناء الرأي أو المتهمين بإشاعة أخبار كاذبة؟ فالعمل أيضا عبر محاكم الطوارئ من المفترض أن يتوقف كيف يمكن نقل المحاكمات من المحاكم الاستثنائية إلي المحاكم الجنائية ليحاكم المتهمون كل أمام قاضيه الطبيعي؟هل يمكن تطهير التشريعات من المواد المشتركة بينها وبين قانون الطوارئ؟
في الإجابة علي التساؤلات السابقة يكمن الأمل وتستعيد مصر بقية حرياتها التي حاول الإرهاب سلبها إياها فلن تحيا مصر قيد تشريعات أجبرتنا الأعمال الإرهابية علي سنها لضمان حق الحياة للفئات المستهدفة.