ثم نسألكم أيها الإخوة أن تعرفوا الذين يتعبون بينكم ويدبرونكم في الرب وينذرونكم, وأن تعتبروهم كثيرا جدا في المحبة من أجل عملهم. سالموا بعضكم بعضا. ونطلب إليكم أيها الإخوة: أنذروا الذين بلا ترتيب. شجعوا صغار النفوس, أسندوا الضعفاء. تأنوا علي الجميع. انظروا أن لا يجازي أحد أحدا عن شر بشر, بل كل حين اتبعوا الخير بعضكم لبعض وللجميع. افرحوا كل حين. بلا انقطاع. اشكروا في كل شيء, لأن هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم. لا تطفئوا الروح. لا تحتقروا النبوات. امتحنوا كل شيء. تمسكوا بالحسن. امتنعوا عن كل شبه شر
(الرسالة الأولي إلي تسالونيكي 5:12-22)
امتنعوا عن كل شبه شر
هناك أشياء تؤدي إلي الشر وإلي الخطية وإن كانت في حد ذاتها ليست خطية.. لكن التهاون معها والوقوع في فخها يقود إلي الخطية..
تأملنا بالعدد الماضي في التردد كأحد نماذج شبه الشر.
ونتأمل بهذا العدد في الإهدار.
ثانيا: الإهدار:
الإهدار هو أن يضيع الإنسان شيئا, ومن أكثر الأشياء التي يضيعها الإنسان
1- إهدار الوقت
الوقت عطية إلهية لا تتوالد ولا تتمدد ولا تتوقف ولا تتراجع إلي الوراء إلا في ذهن الإنسان وفكره فقط.
وهناك مثل مصري يقول: إللي فات مات, فإحدي خطايا شبه الشر, والتي تؤدي إلي خطايا أكبر هي خطية إهدار الوقت, أو إضاعة الوقت, فعطية الوقت مهما زادت فهي محدودة بعمر الإنسان.
وطبيعة الوقت تختلف باختلاف طبيعة كل شخص, فالاستفادة من الوقت تختلف بين ما إن كان هذا الإنسان شابا أو مسنا أو طفلا.. فمثلا القديس أوغسطينوس في نهاية أيامه كان لا يستطيع الوقوف أو الجلوس. لذلك طلب من تلاميذه أن يكتبوا له المزامير علي حائط الغرفة لكي ما يستطيع أن يصلي, حيث لم يكن يوجد في هذا الوقت وسائل مثل المتاحة الآن, مثل كتاب الأجبية, أو مسجل لسماع المزامير.
القضاء علي ظاهرة إضاعة الوقت, يعود عليك بالمنفعة أولا.. ستستطيع أن تنجز عملا أكبر, وعندما تنجز أعمالا أكثر ستشعر بأنك أكثر ثقة في نفسك وأكثر قدرة علي العمل.
+ إن أكثر الأمور لإهدار الوقت هي
* الاتصالات الهاتفية.
* الاجتماعات.
* الزيارات.
والاتصالات الهاتفية يمكن أن تكون وسيلة لاستثمار الوقت لا لإضاعته, إذا استخدمت لصالح العمل والإنجاز.
+ إن الإنسان الذي يعرف ويتقن مهارة معرفة الوقت المناسب سيجد السعادة والنجاح, واستثمار الوقت واختيار الوقت المناسب, ويستطيع الإنسان أن يكتسبها مادام راغبا في النجاح والتميز.
أتذكر أنني كنت في خدمة في أحد البلاد الغربية واستدعي الأمر سفري بين بلدين, المسافة بينهما حوالي خمس ساعات وكان معي في هذه الرحلة مرافق من أهل البلد, وفوجئت أنه مع بداية الرحلة أخرج كتابا من حقيبته, واستمر يقرأ فيه طوال الخمس ساعات.
فالوقت وزنة أعطاها لنا الله لنستخدمه في كل ما هو خير لنفسك ولغيرك.
اهتم بقيمة الوقت وقدر هذه العطية التي يقدمها الله لك, فاستخدم الوقت لفائدة نفسك وفائدة الآخرين, فلا تضيع وقتك في أمور لا فائدة منها, تماما مثلما يجلس شخص ساعات طويلة أمام برامج التوك شو (برامج الحوارات) ولا يستفيد شيئا مما يسمعه ولا يضيف جديدا إلي معرفته أو عمله.
وأتذكر أن أحد شبابنا أرسلته الشركة التي يعمل بها إلي دولة الصين لمدة عشرة أيام, حيث كان يعمل مهندسا للاتصالات, وعندما عاد من رحلته, سألته ما الذي أعجبك هناك؟
فأجاب لقد فوجئت أن إرسال التليفزيون هناك يغلق في الساعة التاسعة مساء, وفي يوم الإجازة الأسبوعية يغلق في الساعة العاشرة مساء, فإهدار الوقت يندرج تحت هذه الوصية, وهي الامتناع عن شبه الشر.
2- إهدار المال
المال الذي يضعه الله في يديك لتستخدمه, علينا أن نستخدمه بحكمة دون بخل أو تبذير.
وتاريخ الكنيسة يوضح لنا أن كثيرا من الآباء والقديسين كان لهم ثروة كبيرة من المال, فإبراهيم أبوالآباء كان رجلا غنيا جدا, والقديسة دميانة كانت ابنة والي البرلس, والقديس الأنبا أنطونيوس أب جميع الرهبان كان يمتلك ثلاثمائة فدان من أجود الأراضي الزراعية.
المال نعمة وعطية من عند الله, ولكنها نعمة يختبر بها معدن الإنسان, فيوجد الإنسان الذي يستغل المال بطريقة سليمة سواء كان ذلك في مشاريع أو خدمة.. إلخ.
هناك شخص آخر, يسيء استخدام هذا المال بأي صورة من الصور, وبأي شكل من الأشكال, فإهدار المال خطية وشبه شر, مثل شخص يمتلك أموالا كثيرة ويستخدمها في أمور غير سليمة, فيقع نتيجة ذلك في خطايا كثيرة.
فمن المهم استخدام المال بصورة حسنة, فإن كان لديك الوفرة من المال, فالوفرة لا تعني التبذير, لكنها تعني الحكمة في الاستخدام الحسن لهذا المال, وهناك أيضا الإهدار في عطايا الله العظمي مثل الماء والطعام.
ففي الدول الخارجية من النادر أن يترك الإنسان بعض فضلات الطعام في إناء الطعام بعد الانتهاء من تناول وجبته.
وأيضا إهدار الماء خطية, لأن بعض الدول لا يوجد بها مياه علي الإطلاق.
نقطة ماء تساوي حياة, فيوجد في العالم ما يقرب من مليار من البشر لا يجدون مياها للشرب, وهكذا الطعام.
الله يحفظ بلادنا مصر, ولذلك يقال دائما: عمار يا مصر حيث إنه يوجد بها الماء والطعام والنبات والحيوان وكل الخير..
لذلك توصل العلماء إلي اختراع الثلاجات, لكي ما تقوم بحفظ الطعام, وأيضا إلي طرق لتجفيف الطعام أو حفظ الفاكهة عن طريق تحويلها إلي عصائر.
فإن أهدرت بعض الطعام فهذا يعني أنك تحرم إنسانا آخر من هذا الطعام.
أيضا إهدار الطاقة خطية, فالإهدار هو شبه شر ويؤدي إلي شر وإلي مجاعة وجفاف واحتياج وانحراف.