في المقال المنشور للراحل أنطون سيدهم كلمات معبرة ومجسدة للوضع الراهن بالرغم من أن تاريخه يرجع لأواخر عام1976, إلا أنه في عدة مقاطع تمثل حال الواقع الحالي في وصفه للعلاقة المضطربة بين المواطن ومنظومة الضرائب حيث يقول في إحدي الفقراتلقد فات الحكومات المتتالية وهي تصدر التشريعات العديد لتزيد من حصيلة الضرائب حقيقة مهمة وهي أنه كلما ازدادت أعباء الضرائب أدي ذلك إلي قلة الحصيلة لا زيادتها!!.
هذا حرفيا ما يفسر سلوك المواطنين والمستثمرين في اتباع وسائل وحيل مختلفة للتهرب الضريبي, ونجد ذلك يتجلي فيما يطلق عليه الاقتصاد الموازي وهو الاستثمار أو التجارة أو التصنيع الذي يتم خارج الاقتصاد الرسمي-تحت بير السلم-وبالتالي يكون خارج مظلة الضرائب كليا.
ففي الوقت الذي تتوجه فيه سياسة الدولة لضم هذا الاقتصاد الذي يقدر بنسبة 50% من الناتج المحلي نجد فرض مزيد من الضرائب والزيادات المستمرة في الشرائح الضريبية لايشجع أي مستثمر علي الدخول تحت المظلة الضريبية.
وفي هذا الخصوص نجد أنطون سيدهم يقوللنا أن نتسائل:ما هي النتيجة الطبيعية لهذه الزيادة المرتفعة في نسب الضرائب لدي الممولين؟ لقد أدي ذلك لمحاولات التهرب من الضرائب بشتي الأساليب والسبل سواء بإخفاء حقيقة الأرباح, أو بالقيام بعمليات تجارية بعيدة عن أعين مصلحة الضرائب, وبالتالي ضاع علي الحزينة العامة للدولة ما كان يجب أن يدفعه هؤلاء الممولين لها.
وبتطبيق هذا الكلام علي واقعنا الحالي نجد التاريخ يعيد نفسه, حيث المزيد من الاقتصاد الطفيلي الذي ينمو ويتصاعد ويحقق ملايين الجنيهات بعيدا عن أي التزامات قانونية ودون الخضوع لأي ضوابط بل ويبتكر من الحيل والألاعيب التي تجعله بمنأي عن المظلة الضريبية وهذا ما ينتافي مع سياسية الدولة الحالية تجاه تعظيم وزيادة موارد الدخل القومي لزيادة معدلات التنمية الشاملة التي تعود بالنفع علي جميع أفراد المجتمع.
فكان من الأجدي أن تتبع وزارة المالية وسائل مبتكرة لترغيب هؤلاء الذين يعملون بالاقتصاد الموازي, وهذا يتأتي مثلا بمنحهم أماكن معدة ومجهزة لتجارتهم أو صناعتهم خارج الأطر العمرانية مثلما حدث سابقا مع عدة صناعات, وكذلك أيضا يمكن تحفيز هؤلاء بمنحهم مددا للإعفاءات الضريبية التي تجعلهم يشعرون بالأمان والثقة تجاه مصلحة الضرائب وغيرها من التسهيلات والامتيازات التي يتحتم علي الحكومة أن تسعي لتطبيقها جديا من خلال الاستعانة بمستشارين وخبراء في عالم الاقتصاد بهدف ضم هؤلاء الخارجين عن مظلتها القانونية ودخولهم لجعبة الاقتصاد القومي.
فالحل لايكمن في زيادة قيمة الضرائب وفرض ضرائب جديدة بمسميات جديدة أو زيادة قيمة فواتير الكهرباء والغار والمياه أو فرضضريبة مضافة علي فواتير شحن الموبيل أو فاتورة المأكولات والمشروبات في المطاعم والمقاهي مما يشكل أعباء إضافية علي المواطن العادي البسيط الذي لم يزيد دخله بما يتحمل كل هذه الزيادات التي تفرضها الحكومة.