كلما قرأنا فصل الإنجيل بحسب ما دونه القديس لوقا ٧ وضعنا له عنوانا “انجيل المرأة الخاطئة” و فات علينا كلمة من اربعة حروف سجلها لنا الوحى المقدس بعناية و هى “كانت” “إذ امرأة فى المدينة كانت خاطئة” (لو٣٦:٧ ) ، فهو ليس بانجيل المرأة الخاطئة إنه انجيل المرأة التائبة،المرأة المبررة، المرأة القديسة و التى يحق لنا أن نطلب صلواتها عنا كى نسير فى دربها بهذه الروح النارية الملتهبة فى التوبة.
فى هذا اللقاء نجد أن الرب يسوع قد انحاز جدا إلى هذه المرأة المنبوذة من المجتمع لدرجة انه لم يسمح للفريسى ان يتكلم عنها رديا و لو فى سره. و فى الوقت الذى لم يعاتب فيه الرب يسوع الفريسى لإستقباله الفاتر المتعالى المتغطرس لكنه عاتبه دفاعا عن هذه الزانية فى نظرهم و لفضح الفرق الشاسع بين قلبين و بين منهجين فى الحياة ، و من ناحية أخرى ليكشف لنا روعة محبته و هو يضم التائب فى حضنه و يحامى عنه ضد المشتكى و أعوانه.
فما الذى قدمته هذه المرأة جعل المسيح له المجد ينحاز لحالها؟
لقد قدمت قلبها بالكلية للرب بطيب خاطر و اعلنت عن هذا بدموعها، الدموع هى اللغة الوحيدة التى لا تعرف الكذب فربما يجيد الإنسان تنميق الكلمات دون مشاعر فما اكثر نفاق اللسان أما الدموع فهى لغة القلب الرقيق الكسير، يقول القديس انبا مقار: [إيه أيتها اللآلئ الثمينة المنحدرة من العيون الباكية! لقد حننت قلب السيد حتى فاض بالرحمة عليك]. و قد اجابها الرب”حولى عنى عينيك فإنهما قد غلبتانى” (نش٥:٦ ). لقد فاقت بقطرات دموعها وليمة الفريسى مهما عظمت “إن أعطى الانسان كل ثروة بيته بدل المحبة تحتقر احتقارا” ( نش٧:٨).
أيضا اعلنت عن حبها بتحويل آلات الإثم إلى آلات بر فقد أخذت قارورة الطيب لتحولها من آلة للخطية إلى بخور عطر يصعد مع صلواتها الطاهرة الصامتة و بطيب خاطر كسرت القارورة عند قدميه و هذه واحدة من اجمل علامات التوبة بل و المحبة التى معها تصير كل الأشياء بلا قيمة و مطروحة عند اقدام المسيح بمنتهى السهولة كما قال القديس بولس “و أنا احسبها نفاية كى أربح المسيح” (فى٨:٣ )و كما حدث مع القديسة بائيسة عندما تابت فتركت بيتها بكل ما يحويه من ممتلكات و مجوهرات .. هذا هو كسر القارورة و هذه هى البشارة و انجيل المرأة التى كانت خاطئة.