لقد كان تطوير سلاح الدفاع الجوي وتحديثه من عوامل النصر في حرب أكتوبر المجيدة، وكان رجال الدفاع الجوي “حُماة سماء مصر” من ضباط ومقاتلين أهم هذه العوامل، والذين تم تدريبهم بكفاءة عالية لتشغيل المعدات والأجهزة المتطورة والتعامل معها، وهنا ظهرت براعة مقاتلي قوات الدفاع الجوي وقدرتهم على استيعاب التكنولوجيا الحديثة المتطورة.
“وطنى ” حاورت أحد هؤلاء المقاتلين، ولقب بـ “صقر الدفاع الجوي”، استطاع بحكم خبرات عمله أن ينقذ السرية من قصف جوي، ويراه العدو” سراب” على شاشاتهم، إنه العريف علي محمد علي نمنمة.
العريف علي محمد علي نمنمة من مدينة السويس الباسلة، بدأ حديثه معنا عن التحاقه بالجيش المصري، قائلًا:”التحقت بالخدمة في الجيش في فبراير 1969 .. في بادىء الأمر تم اختياري في سلاح الصاعقة في التل الكبير وبعد 11 يوم جاءت الأوامر المستجدين يتم تجنيدهم بالدفاع الجوي، وكانت خدمتي في قاعدة بني سويف الجوية توجد بالقرب من قرية دنديل، و تعتبر ثاني أكبر قاعدة جوية بمصر بعد قاعدة شرق القاهرة الجوية.
تم اختياري من قبل قائد السرية الضابط شوقى عبد الشافي كابتن النادي الأهلي للعمل على جهاز قيادة النيران تشمل قائس مسافات وارتفاعات، وحواسب آلية، وأجهزة توجيه ودارات نقل وتوزيع عناصر الرمي والبيانات على المدافع وتوجيهها ذاتياً نحو أهدافها.
كانت مهمتى قياس مسافات وهي حساب المسافة من المدفع حتى الهدف المعادية.
وأردف في حديثه عن التدريبات التي كانت تتم لرفع القدراتنا القتالية للمجندين فأجابنا:”كانت التدريبات مستمرة لا تنقطع ، حصلت على دورة تميز جوىي في مرسى مطروح، وعلمت من خلالها التميز بين الأهداف المعادية والمصرية”الصديقة” وأنواع الطائرات أيضاً.
تتطرق نمنمة إلى بداية ثمار هذه الدورات بقوله:”و بالفعل استفدت كثيراً من هذه الدورات، ففي نفس العام كان في مناسبة احتفال خاصة و تم وصول العديد من الطائرات إلى مطار بني سويف وأثناء هذا الاحتفال ووسط هذه الطائرات فوجئت بطائرة إسرائيلية استطعت تميزها ،كانت تحلق فوق مطار بني سويف.
من هنا صوبت عليها بالرشاش وأصبتها، ثم انتقلت إلى جنوب السويس بعد اختياري مع اثنين آخرين لسد خسائر على الجبهة . وفي 1 يناير 1970 كان في اشتباك واستطعت تمييز الطائرة إنها فانتيوم، مما أثار دهشة قائد الوحدة و شكرني على ذلك.
لقب بـ “صقر الدفاع الجوي” حدثني عنه بفخر وعزة المصري، قائلاً:” في إحدى المرات جاء لزياراتنا على الجبهة كمال جنبلاط الزعيم هو زعيم الدروزي اللبنانيين، وأثناء زيارته ويراقب عملي وأبلغ عن وجود هدف معادي، وهو لم يراه يقول:”فين يا ولد الهدف..فين ياولد الهدف” وبعد الاشتباك، وهنا صاح ينادي عليا انزل..تعالى..وسألني مندهشاً :”عرفت وشفت إزاي يا ولد بوجود هدف؟ والله صقر..الله صقر.
و عن دوره في إنقاذ الموقع من ضرب وقصف جوي بفكرته البسيطة، أوضحها لنا بقوله:” أتذكر وقتها تم إبلاغنا وتحذيرنا من قبل الاستطلاع الإلكتروني، في اشتباك في الصباح مع هدف معادي هدفه تدمير موقعنا، وكان موقعنا كان بجانب المياه..هنا اقترحت على القائد بحكم خبرتي وعملىيكـ “ميكانيكي” برش سولار على الرمل بجانب المعدات و المدافع لانغ السولار يتبخر مع أشعة الشمس ويختلط سراب البحر مع بخار السولار إلى أن تكون الرؤية سراب، وهنا القائد تعجب لم ير المعدات، وبالفعل تم رش السولار قبل الأمر بوجود هدف بوقت بسيط حتى نستقيد من تبخير السولار، بالفعل لم ير العدو موقعنا ط، الاستطلاع الإلكتروني كان يسمع محادثتهم:” أين الموقع ..لم نر أي موقع “، لأن العدو كان يرى سرابًا، وعلى بعد مسافة قصيرة من موقعنا يوجد موقع تبادلي يوجد به معدات والآلات هيكلية واستدراج العدو إلى هناك عن طريق إشعال نيران فيه وعندما شاهد العدو الدخان ظل يضرب عليه معتقد أنه الهدف.
وعن يوم العبور العظيم قال صقر الدفاع الجوى نمنمة :” جاءت خدمتي بعد ذك في أبو سلطان ثم المنصورة، و5 أكتوبرطلب مننا نذهب للقيادة لتسلم جوابات، لتسليمها لقائد السرية وفجاة طلب نستعد للتحرك، توجهنا إلى الجميل في بورسعيد، وبعدها ذهبنا للمعدية وأثناء انتقالنا كان الضرب فوق رأسنا واستقر موقعنا بسهل التينة بالقرب من بور فؤاد، وظلت بالخدمة في القوات المسلحة حتى 1975 .
وهنا أنهى المقاتل حديثه معنا باللقاء شعر عنوانه “رسالة إلى قائد الأمة” يقول في مطلعها:
ياريس ربنا معاك ..
وإحنا أبطال أكتوبر قدامك وجنبك ووراك
وإحنا فدى مصر وفداك