أنشأ القديس سابا مع تلاميذه دير لعبادة الرب يسوع فيه عام 483 ميلادية في فلسطين، ووضعوا قوانينهم الخاصة التي لا تزال قائمة إلى اليوم في الديره وأبرزها أنّ أكل التفاح ممنوع داخل الدير، وسبب ذلك أن القديس سابا أراد أن يأكل تفاحة في غير موعدها، لكنه رأى في ذلك شراً، فلم يأكلها “فحُرّمت” عليهم إلى الأبد، وكذلك ممنوع دخول النساء داخل الدير.
_حياة الرهبان داخل الدير
ويعيش الرهبان في الدير منقطعون عن العالم الخارجي، ويكرسون وقتهم للصلاة والصيام ومنذ أن شيد الدير يرفضون مد أي خطوط للكهرباء أو المياه أو الإنترنت أو أي وسائل تكنولوجية حديثة التي من شأنها أن تشتت العبادة، ويكتفون بوجود نبع مياه بالقرب من الدير، للشرب ولتلبية حاجاتهم الأخرى، ونعتمد على الشموع وفوانيس الكيروزين للإنارة، وآخر مرة جرت فيه أعمال ترميم وبناء كانت عام 1840 من قبل الكنيسة الروسية”.
_تفاصيل الدير من الداخل والخارج
الدير يتميز بكونه تحفة معمارية أثرية، وهو منحوت في الصخر من طبقات عدة، يضم الأدراج والأبواب والممرات التي تؤدي إلى أقسام عدة من المبنى، أبرزها غرفة فيها تابوت زجاجي بداخله جثمان القديس مار سابا، مؤسس الدير، وفيه مقبرة دفن فيها الرهبان ورجال الدين الذين توفوا في الدير، أما في الخارج، فهناك مبنى مرتفع يعرف باسم برج النساء، ويقال إنه بني فوق المكان الذي التقى فيه القديس سابا والدته، بعدما منعت من دخول الدير.
وكذلك يشاهد الزائرين للدير أكواماً من جماجم الرهبان الذين قتلوا في القرون السابقة، وإلى الشرق من ساحة الدير، هناك الكنيسة الكبرى مزدانة برسومات القديسين، التي يعود بعضها لعام 1865، وعلى بعد بضع خطوات من الكنيسة، مغارة القديس سابا حيث أقام عند مجيئه للمرة الأولى، وإلى جانبها، كنيسة القديس يوحنا الدمشقي، وعلى بعد 350 متراً إلى الجهة الشمالية، هناك دير صغير يعرف باسم دير القديسة صوفيا وهي والدة القديس سابا.
_دخول الدير لائحة التراث العالمي
أصبحت فلسطين تتمتع بعضوية كاملة في اليونسكو عام 2011، بات هناك عدد كبير من الأماكن الأثرية في فلسطين على لائحة التراث العالمي، ودير مار سابا كان في صدارة عشرين موقعاً مرشحاً عام 2016، فهو يرمز إلى حياة “الرهبنة الصعبة” الذي يقصده رجال الدين المسيحيين من كل مكان في العالم، وبالتأكيد هذا الدير يستحق أن يكون على لائحة التراث، وما يميز دير مار سابا، إضافة إلى كونة تحفة فنية منحوتة في الصخر، أن هناك عدداً من الرهبان المهمين الذين أقاموا فيه، كالراهب يوحنا الدمشقي الذي ترك سوريا وقصد الدير، كي يتفرغ للعبادة عام 720 ميلادي خلال الفترة الأموية”.
_أسباب منع دخول السيدات
ومازال الرهبان داخل دير مار سابا الذين يتبعون للروم الأرثوذكس ويقدر عددهم بـ15 راهباً، مقتنعون تماماً كما أسلافهم بأن زلزالاً سيضرب الدير إذا ما دخلته امرأة، فهم منقعطون فيه للعبادة، ودخول النساء سيشوش اتصالهم بالله، لكن يمكنهن الوصول إلى مدخله والوقوف عند بابه أو النظر إليه من الخارج، والحصول على شربة من نبعه أو بعض الطعام لأخذ البركة.