تضحك حين يعزف.. لا تظهر علامات الارتياح على وجهها إلا حين تتحرك أنامله باحترافيه على أوتار العود الذي يحتضنه.. نظراتها ثاقبة حنونة تخترق قسوة العالم.. أنا مولعة بقراءة العيون والحب الذي يظهر أو يختفي بينهما.. نظرات دينا تحكي كثيرًا ولا تخفي شيئا من الحب.. فالحب تفضحه عيونه وهي امرأة تعشق الحب..
تصيب غسان الحيرة أحياناً هل يحتضن عوده بقوة أم برفق .. وفي كلتا الحالتين هي تنظر لهما في خشوع وسعادة بالغة ..
هو يتعامل مع عوده كجسد يتلمس مواضع الاحساس فيه فيثيره ويخرج منه أبدع الأصوات.. يغمض عينيه وكأنه يستحضر أرواحاً عبرت من خلاله لكي تحكي قصتها عن طريق أنامله..
سألت نفسي كثيرًا كيف تتركه هي يمارس طقوس الاحتضان مع غيرها، بل وتنظر لهما في حب وفخر.. كأنها تقول: هذا ماصنعناه سويا ياحبيبي .. هذا الذي في يديك ليس إلا طفلاً كفلناه وصببنا كامل اهتمامنا داخله حتى اصبح ناطقاً بما تعجز الألسن عن البوح به..
ثم يأتي دورها لتعزف على العود الأفتح لونا الذي اختارته بعناية ليعبر عنها، رقيق مثلها .. هل العزف جميلاً إلى هذه الدرجة أم أنها هي التي جعلته رائعا برقتها البالغة..
لم اشعر بسعادة كسعادتي حين اكتفيا بعود واحد لهما.. اقتربت هي منه ليخلقا سيمفونية من حب معا.. الصورة كانت لزوجين يتلاصقان وبينهما تاريخ وحلم واحد..
سنوات اختزلاها في عود واحد وكأنه طفلاً مدللا يحتضناه بحنان ليحكيا من خلاله عن قصة كفاح وحب وعطاء مازالت مستمرة.
احببتهم كثيرا وتمنيت أن لا تنتهي الأمسية فقد كانت السعادة تطل من عيون كل الحضور، وكنت في جنة، اختار شكلها وتكوينها دينا وغسان بعناية فائقة.
ليلة من ألف ليلة وليلة في قاهرة المعز الساحرة على مسرح قبة الغوري.. لثنائي العود بالاوبرا المصرية، الفنانة دينا عبد الحميد والفنان غسان اليوسف ليمتعونا بعزفهم الراقي من مؤلفاتهم الموسيقية مع فن الزمن الجميل ويتنقلوا بعزفهم الجميل مع اجمل باقات من الأغاني التراثيه القديمة للفنان وموسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب والست ام كلثوم والفنان عبد الحليم حافظ والفنان فريد الاطرش..