كلما تنطفئ نار الحزن على فقد أحد الأحباء تشتعل نار جديدة، واليوم يغمرنا الحزن و يعتصرنا الألم لفقد الزميلة والصديقة والأخت الحبيبة جورجيت صادق، جمعت بيننا الصداقة قبل العمل في جريدة وطني منذ أن كنا طلبة في جامعة القاهرة في النصف الأول من الثمانينيات رغم انني كنت في كلية الآداب قسم اللغة الانجليزية وهي في كلية الإعلام، لكنني تقابلت معها أثناء لقاءاتي بصديقة الطفولة نادية برسوم، ثم جمعتنا الزمالة في جريدة وطني وتطورت الزمالة بسرعة إلى صداقة وإخوة، وعشنا مجموعة من الزملاء و الزميلات من نفس الجيل في محبة حقيقية و في جو أسري مبهج للنفس: نادية برسوم و جورجيت صادق وسلوى رفعت و ثروت كامل ومارسيل نصر ووجدي كمال وكاتبة هذه السطور، أما الأستاذ نبيل عدلي فهو الأخ الأكبر لنا وهو شاهد على المحبة التي جمعت بيننا .
جورجيت صادق .. كصحفية .. كانت شعلة من النشاط والعمل الدؤوب، تعمل بحماس ولا تكل، قامت بعمل عدد هائل من التحقيقات عن المتاحف المصرية وأهم الحدائق في مصر، و كانت في كل عيد للربيع تغطي أحداث معرض الزهور الذي يقام في حديقة الأورمان . أما وزارة الصحة و منظمة الصحة العالمية فالكل يشهد التزامها الشديد و مداومتها على تغطية كل ما يتعلق بالصحة في جميع الموضوعات و بكل التفاصيل، وخاصة في فترة جائحة كورونا، فقد كانت في قمة اليقظة والمتابعة الدائمة حتى اليوم الأخير من حياتها على أرض الشقاء .
أما على المستوى الإنساني فهي شخصية مبهجة للقلب دائمة الابتسامة تتحلى بالمرح والمحبة و الكرم دائمة الود، تحاول أن تختلق أية فرصة للمجاملة حتي بدون اية مناسبة حقيقية، والأهم من كل ذلك أنها كانت شخصية وقورة وجادة، لم أسمع منها كلاما تافها أبداً ولم أجدها أبدا منهمكة في أي نوع من الثرثرة مع أي أحد من الزملاء أو الزميلات، و لم أسمع منها كلمة مسيئة، كانت عفيفة اللسان نقية القلب، و لذلك فهي ستظل محبوبة من الجميع إلى أن نلتقي .
جورجيت الحبيبة كنا نصلي بلجاجة حتي ينعم عليك يسوع المسيح بالشفاء، لكنه قد أعد لك مكانك و إكليلك ورأي أنك مستعدة و مستحقة للإكليل فتوجك به، ليت عيوننا تنفتح فنستطيع أن نري المجد الذي وصلتِ إليه، جورجيت الحبيبة عشتِ تجارب مريرة و تجرعتِ آلام المرض المبرحة، و لم أسمع منك شكوى أو نبرة تبرم، كل كلامك كان طلب صلاة، حملتِ الصليب و تبعتِ المسيح كما قال في الكتاب المقدس: “إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه و يحمل صليبه و يتبعني” ، نعم حملتِ الصليب وتبعتيه خاضعة وشاكرة . طوباك يا جورجيت .