وفقا للقوانين المنظمة لعمل النقابات المهنية في مصر منذ نشأتها فإنها معنية باختصاصين رئيسيين الأول حماية أعضائها والدفاع عن مصالحهم والثاني هو العمل علي تطوير المهنة وتنمية قدرات أصحابها وهذا ما هو متبع ومستقر منذ أن تأسست نقابة الموسيقي في عام 1942 وقد لعبت أم كلثوم دورا كبيرا في تدشين تلك المؤسسة ويرجع إنشاؤها لأهداف إنسانية بالأساس وهي مساعدة أعضاء النقابة والوقوف إلي جوار الحالات الحرجة وأصحاب المظالم وقد أبدي الموسيقار محمد عبدالوهاب اعتراضه علي تولي كوكب الشرق منصب أول نقيب للموسيقيين لا لشيء سوي لأنها ـ سيدةـ !!!
ورحبت سيدة الغناء العربي بإجراء انتخابات نافسها خلالها عبدالوهاب وتمكنت أم كلثوم من الفوز بالمنصب 7 دورات كاملة منذ عام 1942 إلي عام .1952
لم يكن حصول أم كلثوم علي ثقة أعضاء النقابة يرجع لأنها أهم فنانة في مصر والوطن العربي لكن تلك الثقة التي منحها الموسيقيون لها كانت بسبب دورها الإنساني العظيم في دعم المهنة وأصحابها فلم تشن سيدة الغناء العربي حملة ضد نوع من أنواع الغناء والذي كان بعضه يمثل إسفافا بل علي العكس فقد رفعت شعار الحكم للسميعة طوال رئاستها للنقابة علي الرغم من أن تلك المرحلة كانت تزدحم بأغنيات يعتبرها البعض مبتذله.
نتذكر هذا ونحن نتابع حالة نقابة الموسيقيين بقيادتها الحالية والخطوات الحثيثة من جانب نقيبها في اتجاه لا علاقة له بالدور الذي من أجله كانت النقابة فما يتم بعيدا تماما عن دورها الخدمي ومهمتها الأهم في حماية حقوق أعضائها وتنمية قدراتهم ومواردهم ليتحول الأمر إلي رقيب أخلاقي وقيمي وبوابة مقدسة لتعريف ما هو الفن الجيد وما يجب أن يستمع إليه المصريون وكأن هذا الشعب لم يعرف الغناء من قبل ومازال قاصرا يحتاج إلي وصاية علي وجدانه.
الغريب أن هذا لا يحدث بشكل دائم فأحيانا تغض النقابة البصر عن البعض مثل حفلات محمد رمضان التي يحضرها عشرات الآلاف بينما يقرر هاني شاكر منع فنان ما لأن ملابسها ـ من وجهة نظره ـ غير لائقة ولا تناسب الشعب المصري!!!
وأيضا في عام 2016 يشن هجوما ليس له علاقة بالفن ويتهم بعض الشباب بأنهم عبدة الشيطان, لأنه يعزفون الميتال والروك وبناء علي هجومه يتم القبض علي هؤلاء الشباب جميعا.
لم تنشغل النقابة بدعم المهنة بنفس القدر الذي اهتمت بالسعي لخلق نفوذ وسيطرة علي بوابات الغناء المصرية وهي محاولة لن تجدي أبدا للسيطرة علي آذان المستمع ووجدان الجمهور.
لم ينشغل النقيب ونقابته بدعم الفنانين الجادين الذين لولا الدور الذي تقوم به دار الأوبرا في احتضانهم لصاروا في طي النسيان.
لم يبحث في أمر هام وهام جدا وهو لماذا يقبل الجمهور ـ العادي ـ علي حفلات بعض المطربين الأقل موهبة رغم ما يقدمونه من فن لا يرقي ـ لسمعة مصر ـ وفقا لتعبيرات قيادات النقابة؟.
لماذ يقف عشرات الآلاف من الشباب علي طريق الساحل ويتعطل المرور انتظارا لحفلة يحييها هؤلاء؟.
بينما تعاقر أصوات مثل حنان ماضي ومحمد محسن وغيرها.
لماذا لم نسمع صوت النقابة ونقيبها في أزمة اعتزال آمال ماهر رغم إعلان المطربة عن دوافع قرارها بينما انشغلت وانشغل النقيب بمطاردة مطربي المهرجانات وربما ساهمت تلك المطاردة في تحويلهم لأثرياء وربما ساهمت الحرب الإعلامية التي قادها النقيب في زيادة شعبيتهم وتحقيق أغنياتهم أرباحا غير مسبوقة. وبالتأكيد فإن تقييم هذا النوع من الغناء له وقت آخر ومساحة أخري.
المؤكد أن المنع لم يعد يجدي في ظل عالم مفتوح ووسائل تواصل لا يمكن السيطرة عليها.
علينا أن ننشغل بدعم الفن الجاد والمطربين الموهوبين أكثر كثيرا من مطاردة ما لا يتوافق مع بعضنا بحجة الذوق العام والقيم المجتمعية فللذوق شعب يحميه ويدركه وللقيم الأخلاقية والدينية منافذ أخري بالتأكيد ليس من بينها نقابة الموسيقيين فهي حاضنة لكل أعضائها تدعمهم وتشد من أزرهم وتطور إمكاناتهم وتحافظ علي حقوقهم.
أما هذا الدور الذي يقوم به النقيب منذ عام 2015 وربما حتي قبل توليه مهامه النقابية حين طالب في عام 2014 بمنع إذاعة أغنية بشرة خير وقال إنها تصور مصر كأنها كباريه.
هو ذات المنهج ونفس الطريقة في التقييم لكن الفارق أن في حالة بشرة خير لم يستجب له أحد وعلي العكس تعرض لهجوم واسع.
الأغنية المصرية الجادة والرائدة تحتاج إلي قبلة الحياة ولا يمكن منحها ذلك بعيدا عن دور أكبر للمؤسسات الرسمية المعنية ومن بينها نقابة الموسيقيين ولن يتم ذلك إلا بعد أن تدرك النقابة أنها ليست وصيا علي الذوق العام بل هو داعم للفن الجيد وداعم للموسيقي في أزماتهم وليس العكس….
عندما تستعيد النقابة روح قيادة أم كلثوم لها سوف يتغير الأمر قطعا.
البرواز
أبدي الموسيقار محمد عبدالوهاب اعتراضه علي تولي كوكب الشرق منصب أول نقيب للموسيقيين لا لشيء سوي لأنها ـ سيدة ـ !!!