لا حديث في العالم هذه الآونة يضارع الحديث عن الانسحاب الأمريكي المثير من أفغانستان والعودة السريعة لحركة طالبان التي ظن الأمريكيون أنهم قضوا عليها عبر جيش حكومي مدعم بالسلاح والعتاد, وإذا بالجيش الأفغاني يفر مذعورا من وجه طالبان صاحبة السطوة والقوة والعائدة من مكامنها بالجبال لتقبض علي السلطة في كابل العاصمة وكل الولايات بعد 20 عاما من دخول أمريكا البلاد أملا في القضاء علي الإرهاب في عقر داره بعد كارثة سقوط برجي التجارة العالمي في نيويورك في الحادي عشر من سبتمبر .2001
عقب الانسحاب المريب وفزع آلاف الأفغان ممن عملوا مع الجيش الأمريكي والحكومة خوفا من عقاب طالبان, نشط المحللون أملا في تفسير لغز الانسحاب واستشراف الغد حول حركة طالبان المرشح الأبرز للإرهاب الدولي.
ربط كثير من المحللين الأمريكيين علي النيويورك تايمز, بين دخول أمريكا حرب فيتنام عام 1961 ودخولها أفغانستان سنة.2001
قال محللا السياسة الخارجية الأمريكية جيمس تشاس وديفيد فرومكين في منتصف ثمانينيات القرن الماضي عن حرب فيتنام زعم الجنرالات الأمريكيون أن الفيتناميين الشماليين تعرضوا للجلد, وكانت المشكلة أن الخصم رفض الاعتراف بالهزيمة وواصل القتال, وخسر الأمريكيون في مغامرة فيتنام الفاشلة نحو 55 ألف قتيل و303 آلاف مصاب وأكثر من 150 مليار دولار.
وقالت الصحيفة إن التاريخ يسجل للزعيم الفرنسي شارل ديجول تحذيره لنظيره الأمريكي جون كيندي بقوله لا أتوقع أن تنزلق خطوة بخطوة إلي مستنقع عسكري وسياسي بلا قاع له مهما أنفقت من أموال أو بعثت من رجال وبطبيعة الحال أصغي كيندي للجنرالات العسكريين.
وكتب كثير من المحللين أن الثالوث الذي وقعت فيه الولايات المتحدة في فيتنام تكرر في أفغانستان, وهو ثالوثالجنرالات بشطحاتهم والعدو غير الراكع والحليف الضعيف وهي أسباب فشل الأمريكيين في التجربتين.
كانت الرواية الأمريكية أن أمريكا عقب سقوط البرجين ظنت أن بمقدورها مساعدة الأفغان علي محاربة آفة الشر الكريهة ألا وهي طالبان, وبدا أن كثيرا من الأفغان لم يكونوا يحاربون تلك الحرب, فإلي متي سوف تبقي أمريكا؟! وهذا تبرير للخطوة الأمريكية.
حرب أفغانستان كلفت أمريكا نحو 3آلاف جندي قتيل وأكثر من 60ألف مصاب وما يقرب من 3 تريليونات دولار عبر 20 سنة.
والأن الوضع أكثر من غامض في أفغانستان بحسب وكالات الأنباء فلا أحد يعلم نوع الحياة التي سوف يحياها الأفغان تحت حكم طالبان المشهود لها بالقسوة في أحكام العقاب ونظرتها للمرأة, فضلا عن السجون السرية المنتشرة بطول البلاد وعرضها وتؤوي آلاف الأفغان!.
وثمة تساؤلات: خرج الأمريكيون من أفغانستان بصفقة مع حركة طالبان فهل تلتقط الحركة الخيط وتحظي باحترام المجتمع الدولي وتفوز بحكم البلاد بالشكل الذي ترضاه ولا يثير منظمات حقوق الإنسان, وهل تفي الحركة بوعدها ألا تستقبل منظمات إرهابية علي أرضها..أم ماذا؟! الأيام كفيلة بالإجابة..