ثم نسألكم أيها الإخوة أن تعرفوا الذين يتعبون بينكم ويدبرونكم في الرب وينذرونكم, وأن تعتبروهم كثيرا جدا في المحبة من أجل عملهم. سالموا بعضكم بعضا. ونطلب إليكم أيها الإخوة: أنذروا الذين بلا ترتيب. شجعوا صغار النفوس, أسندوا الضعفاء. تأنوا علي الجميع. انظروا أن لا يجازي أحد أحدا عن شر بشر, بل كل حين اتبعوا الخير بعضكم لبعض وللجميع. افرحوا كل حين. بلا انقطاع. اشكروا في كل شيء, لأن هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم. لا تطفئوا الروح. لا تحتقروا النبوات. امتحنوا كل شيء. تمسكوا بالحسن. امتنعوا عن كل شبه شر
(الرسالة الأولي إلي تسالونيكي 5:12-22)
لا تحتقروا النبوات
كن قويا متمسكا بوصايا الرب, لأن تمسكك بالوصية هو اختبار إيمان.. بإمكانك أن تأخذ آية وتجعل منها ضابطا لأفكارك. فلتتدرب علي تطبيق الوصية..
تداريب علي تطبيق وصية لا تحتقروا النبوات
1- امسك بالوصية:
يقول المزمور: لا تغر من الأشرار ولا تحسد عمال الإثم. فإنهم مثل الحشيش سريعا يقطعون ومثل العشب الأخضر يذبلون (مز37:1-2), بمعني أن نجاح الأشرار إن حسب نجاحا فهو نجاح مؤقت.
ثم يقدم لنا الحل وهو: اتكل علي الرب وافعل الخير. اسكن الأرض وارع الأمانة. وتلذذ بالرب فيعطيك سؤل قلبك. سلم للرب طريقك واتكل عليه وهو يجري. ويخرج مثل النور برك وحقك مثل الظهيرة. انتظر الرب واصبر له ولا تغر من الذي ينجح في طريقه من الرجل المجري مكايد. كف عن الغضب واترك السخط ولا تغر لفعل الشر. لأن عاملي الشر يقطعون والذين ينتظرون الرب هم يرثون الأرض (مز37:3-9).
مثال.. أخاب الملك:
نظر أخاب بجوار قصره, فوجد حقلا يمتلكه نابوت, فاشتهي أخاب أن يأخذ هذا الحقل ليضمه لقصره, فاستدعي نابوت وعرض عليه عرضين: أن يعطيه كرما آخر, أو يعطيه ثمن الكرم فضة.
أخاب في كل هذا نسي الشريعة والوصايا التي تنص بألا يترك أحد حقله ميراث آبائه, فاغتم أخاب ودبرت إيزابل زوجته مؤامرة لقتل نابوت واغتصب منه الكرم (1مل12).
كن قويا متمسكا بوصايا الرب, لأن تمسكك بالوصية هو اختبار إيمان, وكل وعد في الكتاب المقدس تؤمن به تأكد أنك ستناله, لأنه بحسب إيمانك يكون لك, فتمسك بالوصية مهما كانت الإغراءات والأحداث التي تتم أمامك.
2- أطع الوصية:
اعلم جيدا أن طاعة الوصية هي بركة لحياتك مهما كانت كلماتها قليلة, وقد تكون هذه البركة هي بركة غني, أو بركة تعزية, أو بركة رضا, أو بركة سلام, أو بركة في حياة الجيل الثاني والثالث.. إلخ.
مثال.. إبراهيم أبوالآباء:
من أكبر الأمثلة علي طاعة الوصية في الكتاب المقدس ما نقرأه في سفر التكوين عن طاعة أبينا إبراهيم لله, بداية من تركه لأرضه وبيت أبيه, مرورا بالاختبار الشديد عندما دعي أن يقدم ابنه الوحيد والحبيب ذبيحة لله اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلي الأرض التي أريك (تك12:1), وقد مر أبونا إبراهيم في كل هذه المراحل بخطوات ثابتة, وفكر ثابت, ووصية ثابتة.
لقد طلب الله من إبراهيم طلبا صعبا للغاية, وهو أن يقدم ابنه وحيده إسحاق ذبيحة له خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحاق واذهب إلي أرض المريا وأصعده هناك محرقة علي أحد الجبال التي أقول لك (تك22:2), فأخذه وبني مذبحا ووضع عليه الحطب, ثم ربط إسحاق ووضعه علي الحطب. كم كان هذا مؤلما لقلب الأب والشيخ إبراهيم, ولكن من أجل الله أطاع ورفع السكين ليذبح إسحاق, إلا أن الله أنقذ إسحاق في اللحظات الأخيرة, بعد أن اختبر طاعة أبينا إبراهيم له لا تمد يدك إلي الغلام ولا تفعل به شيئا لأني الآن علمت أنك خائف الله فلم تمسك ابنك وحيدك عني (تك22:12).
وليس هذا فقط, بل أنه حسب له برا كما يقول الكتاب: فآمن إبراهيم بالله فحسب له برا (يع2:23), وصار إبراهيم أبو الآباء مضربا للأمثال في هذه الطاعة وهذه البركة, ومن العبارات الآبائية المشهورة: علي ابن الطاعة تحل البركة.
ثق أن الله يطلب خيرك ولا يمكن أن يضرك, فأطع وصاياه مهما بدت ثقيلة فهو سيسندك لتتممها.
3- احفظ الوصية:
لا تكتفي بقراءة الكتاب فقط, بل خذ آية معك, اجعل منها ضابطا لأفكارك, لتكن وصايا الله وكلامه رفيقك طول اليوم, لتعطيك القوة والعزاء وقت الحاجة, وتذكر قول المزمور: خبأت كلامك في قلبي لكيلا أخطئ إليك (مز119:11).
اجعل الوصية في كلماتك دائما, واستخدمها في حياتك اليومية, فاستخدام الوصية وترديدها وحفظ الآيات والمزامير, وبعض قطع الأجبية تساعدنا علي تطبيق الوصية.
وكما تعلمنا منذ نعومة أظافرنا أننا عند قراءة قطعة من الكتاب المقدس نستخرج آية ونقوم بحفظها, وبعض الأمهات يشجعن أطفالهن علي ذلك بطرق متنوعة مثل عمل قلوب صغيرة حمراء من الورق المقوي لكي ما يكتب عليها الطفل آية اليوم.
وهكذا توجد كثير من الأفكار لتشجيع الأطفال علي تخزين الآيات في ذاكرتهم منذ طفولتهم, ومن التداريب الجميلة أيضا حفظ الآيات علي الحروف الأبجدية, فيتعلم الطفل أن يحفظ آيات علي حروف اسمه مثلا, أو علي ترتيب الحروف الأبجدية, فمن المهم أن تجعل كلمة الله في قلبك وقلوب أولادك.
ومن مسميات الكتاب المقدس أنه: صيدلية الله فهي صيدلية تحوي كل أصناف الأدوية اللازمة لكل أمراض الحياة, مثل الاكتئاب, وعدم الصفح وعدم الغفران.. إنه قوة الله للخلاص (رو1:16).
وللقديس يوحنا ذهبي الفم هذا القول الجميل: عدم معرفة الكتب المقدسة هو علة جميع الشرور.
لذلك تمسك بالوصية, أطع الوصية, واحفظ الوصية وخبأها في قلبك.
هذه هي بعض التأملات في لؤلؤة لا تحتقروا النبوات فخذ كل يوم الوصية التي تناسبك وعش وتمتع بها, واختبر قوتها ووجودها في حياتك, وشاهد كيف يستخدمها الله معك في كل يوم.