ثم نسألكم أيها الإخوة أن تعرفوا الذين يتعبون بينكم ويدبرونكم في الرب وينذرونكم, وأن تعتبروهم كثيرا جدا في المحبة من أجل عملهم. سالموا بعضكم بعضا. ونطلب إليكم أيها الإخوة: أنذروا الذين بلا ترتيب. شجعوا صغار النفوس, أسندوا الضعفاء. تأنوا علي الجميع. انظروا أن لا يجازي أحد أحدا عن شر بشر, بل كل حين اتبعوا الخير بعضكم لبعض وللجميع. افرحوا كل حين. بلا انقطاع. اشكروا في كل شيء, لأن هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم. لا تطفئوا الروح. لا تحتقروا النبوات. امتحنوا كل شيء. تمسكوا بالحسن. امتنعوا عن كل شبه شر
(الرسالة الأولي إلي تسالونيكي 5:12-22)
لا تحتقروا النبوات
الوصية بحسب تعاليم الآباء تحمل قوتها في داخلها, بمعني أن الوصية تعطي قوة لمن يمارسها, لكي لا يستطيع أن يمارسها, فمثلا لا يستطيع كل إنسان أن يطبق وصية محبة الآخر, لكن قوة الوصية هي التي تعطي الإنسان القوة أو الدافع لتطبيق هذا الفعل, وهو أنه يستطيع أن يقبل الجميع ويحب الآخرين.
الكنيسة حفظت وصايا الله وكلامه بحياتها وسفكت دماء طاهرة كثيرة جدا من نفي وتشديد وتعذيب وخوف بلا رحمة..
تأملنا بالعدد السابق في أهمية وصايا الله
أولا: الوصية مصباح
ونتأمل بهذا العدد
ثانيا: الوصية لجام
ثالثا: الوصية طريق للحياة الأبدية
ثانيا: الوصية لجام
الوصية لجام يوقف الإنسان عن اتباع الشهوات, ففي الإنسان شهوات وميول شريرة تبلغ شدتها في زمن الشباب ولا يضبطها إلا وصايا الله.
لذلك نقول إن الوصية تلجم الإنسان عن إتيان الشهوات, فاللجام هو وسيلة التحكم في الحركة, مثلما يحدث مع الحصان أثناء جر عربة, وهذا ما ذكره لنا السيد المسيح حين قال: الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة (يو6:63), فالكلام الذي يكلمنا به الرب, هو روح يسري إلي روحك فيتحول إلي حياة وسلوك.
مثال..
أ- شعب بني إسرائيل وبنات مؤاب
بالرغم من اقتراب الشعب جدا من أرض الميعاد, وكان لا يفصلهم عنها سوي نهر الأردن, إلا أنهم وقعوا في شر عظيم.. فقد استدرجت النساء الموآبيات رجال بني إسرائيل فزنوا معهم وابتدأ الشعب يزنون مع بنات موآب (عد25:1), وكنوع من المجاملة والمشاركة سجد الرجال وعبدوا الأوثان, ثم استبدلوا عبادة الله بعبادة الإله فغور, وخالفوا وصايا الله وعهوده.
فغضب الله, وضرب الله الشعب بالوباء فمات منهم 24000 هذا بخلاف رؤساء الشعب والزناة وكان الذين ماتوا بالوباء أربعة وعشرين ألفا (عد25:9).
ب- سليمان الحكيم
نفس الوضع حدث مع سليمان الذي اشتعل قلبه بمحبة النساء, وكيف ارتبط بزيجات كثيرة سواء من بني إسرائيل أو من الشعوب المحيطة, ولم يحفظ وصايا داود النبي أبيه حين قال له: احفظ شعائر الرب إلهك إذ تسير في طرقه وتحفظ فرائضه وصاياه وأحكامه وشهاداته كما هو مكتوب في شريعة موسي, لتفلح في كل ما تفعل وحيثما توجهت (1مل 2:3).
سليمان الحكيم عاش أربعين عاما حاكما علي بني إسرائيل, وانحرف في زيجات متعددة, إلا أنه يعود في نهاية أيامه بعد أن فاق لنفسه, ويؤكد علي أهمية حفظ وصايا الله فكتب لنا سفر الجامعة الذي يشمل 12 أصحاحا, وكتب في آخر السفر يقول: فلنسمع ختام الأمر كله: اتق الله واحفظ وصاياه, لأن هذا هو الإنسان كله (جا12:13).
ثالثا: الوصية طريق للحياة الأبدية
إن الوصية تربط بين حياة الإنسان علي الأرض ونصيبه في السماء, وهذا هو سبب تمسكنا بالوصية, فيحدثنا الكتاب عن شاب غني تقدم بكل خضوع للسيد المسيح وسأله قائلا: أيها المعلم الصالح ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟ (مر10:17).
إن روعة هذا السؤال تتلخص في أنه صدر من شاب مازالت أمامه الحياة, وليس من إنسان كبير في السن, وأيضا أن هذا السؤال, سؤال بكل الاحترام حيث أن هذا الشاب كان جاثيا علي ركبتيه, وقد أجابه السيد المسيح قائلا: أنت تعرف الوصايا: لا تزن. لا تقتل. لا تسرق. لا تشهد بالزور. لا تسلب. أكرم أباك وأمك (مر10:19).
ففرح الشاب بهذه الإجابة وقال: يا معلم هذه كلها حفظتها منذ حداثتي (مر10:20), ولكن هذا الشاب كان له نقطة ضعف وهو أنه متعلق بماله, لذلك خرج من أمام السيد المسيح وهو خالي الفائدة ولم يجن شيئا, ولم يسمع للوصية الكتابية التي تقول: لأن محبة المال أصل لكل الشرور (1تي6:10).
ومن ناحية أخري نجد بولس الرسول ينبه من خلال الوصية بالبعد عن الخطية, للوصول لملكوت الله, فيقول: أم لستم تعلمون أن الظالمين لا يرثون ملكوت الله؟ لا تضلوا: لا زناة ولا عبدة أوثان ولا فاسقون ولا مأبونون ولا مضاجعو ذكور, ولا سارقون ولا طماعون ولا سكيرون ولا شتامون ولا خاطفون يرثون ملكوت الله (1كو6:9:10).
قصة:
في إحدي المرات ذهب مبشر بالمسيحية إلي أحد البلاد الوثنية لكي ما يبشر فيها, ثم قام بترجمة الإنجيل إلي لغة هذه البلد, لكنه كان لا يمتلك المال اللازم للطباعة..
فقرر العودة إلي بلده لجمع المال اللازم لطباعة الإنجيل باللغة المطلوبة, وبالفعل جمع اللازم للطباعة, ثم عاد إلي هذه البلد ليقوم بطبع الكتاب, وقبل أن يذهب إلي المطبعة سمع أنه قد حدثت مجاعة في هذه البلد وذلك أثناء غيابه في بلده, فقرر أن يقوم بتوزيع كل ما جمعه من مال لطباعة الإنجيل علي أهل هذه البلد, وبالطبع لم يتم طباعة الإنجيل.
بعد انتهاء المجاعة فكر هذا المبشر في أن يعود مرة أخري لبلده, ليقوم بجمع مبلغ آخر من المال لطباعة الإنجيل, وبالفعل عاد إلي بلاده وجمع قدرا آخر من المال ثم عاد إلي هذه البلد مرة أخري ليقوم بطباعة الكتاب, ولكن كانت المفاجأة أنه وجد هذه البلد قد أصابها وباء صعب فقرر أن يقوم بشراء بعض الأدوية بالمال الذي جمعه لمساعدة أهل هذه البلد علي مقاومة الوباء الذي أصابهم.
وبعد انتهاء الوباء قرر أن يعود إلي بلده ليجمع مالا آخر لطباعة الكتاب, وبعد أن جمع قدرا آخر من المال عاد إلي هذه البلد مرة أخري لطباعة الكتاب, وبالفعل ذهب إلي صاحب مطبعة وأعطي له المال اللازم للطباعة, وبعد الانتهاء من الطباعة وذهابه لاستلام الكتب, فوجئ أن صاحب المطبعة كتب علي الكتاب الطبعة الثالثة, وكأنه في الطبعة الأولي أطعم أهل البلد نتيجة المجاعة, وفي الطبعة الثانية قام بعلاجهم وبذلك طبق الوصية بطريقة عملية قبل أن يقوم بالطباعة الورقية أو الحرفية.