ما أجمل كلمات القديس بولس الرسول عن المحبة في نشيده الشهير:لو تكلمت بلغات الناس والملائكة, ولم يكن لدي محبة, فما أنا إلا نحاس يطن أو صنج يرن…وإن لم تكن لدي المحبة, فما أنا بشيء…فالإيمان والرجاء والمحبة هي الثلاثة الباقية, وأعظمها المحبة(1كورنثوس13:1-13) نحن نعيش في عالم يفتقر إلي الحب الحقيقي, نتيجة السعي وراء المصالح الشخصية والمال حتي لو في سبيل خيانة الأصدقاء والأقارب.
كم من حروب وصراعات ودمار نتيجة السعي للحصول علي كل شيء وإن كان علي حساب الفقراء والمساكين والضعفاء؟ يحكي أن معلما سأل تلاميذه قائلا:كيف نستطيع أن نميز الخيط الفاصل بين نهاية الليل وبزوغ النهار؟ فأجاب أحد التلاميذ بسرعة دون تفكير:عندما نستطيع التمييز بين رجل وامرأة, شجرة مانجو وعامود الإنارة, بين إنسان وحيوان ولكن المعلم لم يقتنع بتلك الإجابات,فسأله التلميذ:إذا متي نستطيع أن نميز هذا الخيط الدقيق بين نهاية الليل وبدء النهار؟ أجاب المعلم:عندما أري في كل إنسان أتقابل معه أخا أو أختا لي, وخلاف ذلك سأعيش في ظلام مهما كانت الشمس مشرقة.
لذلك من يريد أن يحيا في النور, يجب عليه أن يعتبر جميع الناس إخوة له, ويتخلص من ظلام الخوف الذي يعتم عينيه عن رؤية الغير, ومعرفة حقيقة ذاته وقبوله, وأن نكتسب شعاعا من نور الشمس الذي يساعدنا علي التقرب من الآخرين والانفتاح عليهم.
كما يجب أن نقبل الآخر كما هو بميزاته وعيوبه وأفكاره ومعتقداته, وليس كما نريده نحن, نعطيه الفرصة, بأن يصبح ذاته, أي نقبله مهما كان مختلفا عنا,للأسف إن الغالبية العظمي من البشر, فقدت المعني الحقيقي للمحبة في حياتها اليومية, لذلك يجب أن نضع في الاعتبار أن الشخص الذي يحذف كلمة المحبة من قاموسه الشخصي الذي يحتوي علي كلمات لا حصر لها, فإنه فقد كل المعاني الأخري لجميع الكلمات حتي أنها أصبحت بلاقيمة بعد ذلك, إذا من يريد أن يسير في النور, يجب عليه أن يحب, ومن يقوم بهذا ينبثق منه نور يشع علي وجهه في كل مكان وزمان.
نقرأ في تعاليم الآباء بأن الشيطان يستطيع أن يقتدي بكل شيء في الإنسان حتي الصوم لأنه لا يأكل أبدا وعدم النعاس لأنه لاينام مطلقا لكنه لا يستطيع أن يعيش فضيلتي التواضع والمحبة, إذا الشخص الذي يرغب في هزيمة الشيطان يجب عليه أن يتحلي بالتواضع والمحبة, فالمحبة تمتلك قوة خارقةللطبيعة تستطيع أن تبدل كل شيء للأفضل والأجمل, كما أنها واجب ضروري علي كل إنسان, ومن لايستطيع أن يعيش بالمحبة,سيكون مصيره الفشل في كل شيء لذلك يجب علينا ألا ننتظر بعض المناسبات لنظهر فيها ومن خلالها محبتنا للآخرين لكن يجب أن تكون في كل لحظة اعتاد كل واحد منا أن يقول:أنا أشعر بأنني أحب ذلك الشخص, ولكن الحقيقة والواقع هي أن الآخر عليه أن يشعر بمحبتنا له دون أن نصرح ذلك بالكلام كما يفعل الآباء والأمهات الذين لا يعلنون بقولهم عن محبتهم,ولكنهم يثبتون ذلك ويظهرونه بالتضحية والتفاني والعمل من أجل أبنائهم مما لاشك فيه أن مصدر معظم الصراعات والحروب في العالم, هو أننا غير قادرين علي قبول الآخرين لأنهم مختلفون عنا لذلك يجب أن نعي جيدا بأن كل واحد منا له الحق في أن يصبح ذاته وليس نسخة منا, لأن الله خلق كل إنسان في البشرية فريدا عن الآخرين,إذا له الحق في أن يقول ويعمل خلاف مانقوم به نحن فكل شخص لايتكرر أبدا لأنه فريد من نوعه ولا توجد نسخة أخري منه, وكل وجه نتقابل معه في كل مكان يحمل رسالة يجب علينا أن نحترمها ونقدرها والمحبة الحقيقية تدعونا ألا نستبعد أحدا من محبتنا وأن نزيل المسافة الموجودة بيننا وبين الآخرين حتي تظهر لنا الصورة الحقيقية للغير ومن ثم لن نشعر بأي خوف أو كوابيس في التعامل مع الآخرين, وسنكتشف ملامح الإنسان الحقيقية علي وجوههم, وبذلك ستصبح الأض كلها فردوسا مزهرا ونحيا في نعيم وسعادة وانجسام ولطف وستكتسب حياتنا طعما جديدا ولونا مختلفا ونختم بالقول المأثور:ليس هناك رادار أقوي من المحبة ولا عطر أطيب منها ويخطئ من يقول إن الجمال يزول ولكن المحبة تبقي, فالجمال لايزول إلا إذا ذهبت المحبة.