وضع الله على صليب يسوع كلّ ثقل خطايانا وأثامنا ، وكل الظلم الذي يقوم به اليوم كلّ قايين ضد أخيه الإنسان، كلّ مرارة ابتدأءاً من خيانة يهوذا ونكران بطرس ، وكلّ غرور الأذكياء والمتكبرين . لقد كان صليبًا ثقيلاً لكُلِّ الأشخاص المرضى والمهمشين والمتروكين والمتضطهدين ، لأنه يُلخّص كل فظاعة الشرّ التي يقوم بها الإنسان .
ولكنّه أيضًا صليب مجد وفخر ، ” أُمّاً انا فمعاذَ الله أن أفتخِرَ إلاّ بصليبِ رَبِّنا يسوع المسيح “( غلاطية ٦ : ١٤ )، لأنه يجسّد محبة الله ( يوحنا الأولى ٤ : ٨ ) التي لا حدود لها، والتي تفوق شرورنا وخياناتنا .
بالصليب نرى قساوة قلب الإنسان ووحشيته عندما ينقاد للشر، لكننا نرى أيضًا عظمة رحمة الله الذي لا يعاملنا بحسب خطايانا وإنما بحسب رحمته . وأمام صليب يسوع يمكننا أن نلمس بأيدينا محبة الله الأزلية لنا . أمام الصليب نشعر بأننا ” أبناء : وليس مجرّد ” أشياء ” كما يقول القديس غريغوريوس النزينزي في إحدى صلواته .
لو لم تكن موجوداً في حياتي يا يسوع ، لشعرتُ بأني مخلوق محدود . لقد وُلدتُ وكبرت ، ولكنني أشعر بأنني سأموت وسأختفي . آكل ، أنام، أشعر بالمرض وأُشفى . وبعد التعب أرتاح . إنّ العطش والعذاب يهاجمانني باستمرار، أستمتع بالشمس وبالهواء وبكل ما ينمو على هذه الأرض . أعرفُ جيداً بأنني سأموت وسيصبح جسدي تراباً مثل الحيوانات التي لم تُخطىء . ولكن ماذا أملك أكثر منهم ؟ لا شيء سوى الله .
يا يسوعنا قدنا من الصليب إلى القيامة ، وعلمنا أن الكلمة الأخيرة ليست للشرّ وإنما للحب والغفران .
أيها المسيح علمنا أن نعلن من جديد: ” أمس صلبت مع المسيح واليوم أتمجد معه . أمس مت معه واليوم أشترك في قيامته . أمس دُفنت معه واليوم أستيقظ معه من رقاد الموت ” .
في سر الصليب المُقدّس ، نتأمل كيف يجذب الابن العالم إلى الآب ، فيتجلّى العالم في مجد الله الآب المتألق على وجه المسيح الذي يُضرِم العالم بالحُبِّ والرحمّة .
في عيد الصليب المقدّس، نصلي من أجل المرضى والمعذبين والمتروكين تحت ثقل الصليب لكي يجدوا في تجربة الصليب قوة الرجاء ، ” رجاء القيامة ومحبة الله ” .
لصليبك أيُّها المسيح نسجُد وإيّاه نُبارك ، لأنك بصليبك المُقدّس خلّصت العالم .