أعرب ويلمر أومار بارينتوس، سفير فنزويلا البوليفارية بمصر وإرتريا، عن تفاؤله بالمفاوضات بين الحكومة والمعارضة التي ترعاها النرويج والولايات المتحدة المكسيكية. وذلك خلال كلمته في الحلقة النقاشية التي نظمتها سفارة فنزويلا بمصر ومركز الحوار للدراسات الاستراتيجية والإعلامية حول “جهود السلام من أجل فنزويلا”.
وأشار أن الانتخابات القادمة والتي ستتم في 21 نوفمبر ستكون دليل على ديموقراطية فنزويلا، مؤكدًا على أن الحكومة ستقبل النتائج كما تقبلها في كل مرة، حتى في الجولتين التي خسرتهم الحكومة، على عكس المعارضة الذين يلجؤون إلى التشكيك في نزاهة الانتخابات عند خسارتهم.
وأضاف السفير: “قد تكون السنين العشر الماضية كانت قاسية، لكن فنزويلا متمسكة بالحوار” لافتًا إلى أن الحكومة طلبت الحوار منذ بداية الأزمة لكن اليمين المتطرف كان متمسك بإطاحة النظام والإطاحة بشافيز ومادورو من بعده.
وقال: “لقد ثبت أن عملية الحوار الوطني بين الفنزويليين دون تدخلات خارجية هي أفضل وسيلة لترسيخ التعايش السلمي والديموقراطي، وضمان استقرار وازدهار الأمة، وكذلك إعادة التأكيد على استقلالنا وسيادتنا، وفي الوقت نفسه دعم رفاهية الشعب، لأنه من خلال تفضيل البحث عن التوافق السياسي، ورفض أي شكل من أشكال العنف السياسي ضد فنزويلا، فإن الدولة ومؤسساتها تُعطى الأولوية، ضمان السلام والتعايش الاجتماعي والديموقراطية الكاملة، وضمان مستقبل واعد نستحقه كدولة ذات تاريخ مجيد مقدر له التغلب على الاختلافات التي يواجهها كل مجتمع من خلال المواجهة العقلانية كشعب متحضر ومسالم يستحق أعلى درجة ممكنة من السعادة.”
ودعا إلى الحذر حين التطرق بأي تحليل مستقبلي لأهمية هذه الاتفاقية الأولى بالنسبة لمستقبل فنزويلا. وأن يتم بأكبر قدر ممكن من الحذر، نظرًا للنتائج السابقة غير الناجحة، على الرغم من أنني، بصفتي في خدمة الدولة وكمواطن فنزويلي،
وأكد بارينتوس أن الحوار يعتبر الطريقة الأساسية في الحياة السياسية والاجتماعية، في ظل ممارسة دائمة ومنهجية لحكومة فنزويلا، خلال العقدين الماضيين من العمل المتواصل من أجل السلام والاستقرار والرفاه والشعب الفنزويلي.
ولفت إلى أن هذه المرحلة الجديدة من الحوار الوطني هي فرصة لحل المشاكل بين الفنزويليين واستعادة الحياة الطبيعية الديموقراطية للبلاد كما هي فرصة للمعارضة لترك مسار العنف، مشيرًا إلى أن هذه الروح التصالحية تقدم نظرة مستقبلية واعدة لتحقيق توازن الاقتصاد الوطني، حيث اننا نخرج بشكل تدريجي من التضخم المفرط والتقديرات إيجابية وسيكون هناك نمو اقتصادي في الربع الأخير من العام، يتميز بعملية إعادة تقييم العملة تبدأ في الأول من أكتوبر وهذا سيساعد على تنشيط العمليات الاقتصادية، هكذا سنبدأ عام 2022 فآفاق مشجعة وسيحسن الوضع الاقتصادي.
وتطرق السفير الفنزويلي إلى أن الحوار بدأ بين الحكومة والمعارضة في فنزويلا بدأ في العام 2014 لمواجهة تطرف بعض قطاعات المعارضة الفنزويلية. وتمت أولى تلك المفاوضات بوساطة اتحاد أمم أمريكا الجنوبية والفاتيكان. وتابع: “بدأنا مرحلة الحوار ثم في 2017-2018، في جمهورية الدومينيكان، واصلنا إرادتنا الراسخة لصالح الجميع. وخلال عام 2019، في أوسلو وبربادوس، بوساطة مملكة النرويج، استأنفنا المحادثات بحثًا عن اتفاق وطني للتعايش السياسي. ولسوء الحظ، لم تسمح مواقف وتصرفات المعارضة بنجاح هذه المراحل السابقة من الحوار.”
وأضاف: “وردًا على الموقف الراديكالي لبعض المعارضين، وقعت الحكومة الفنزويلية وممثلو المعارضة المعتدلة في 16 سبتمبر 2019 اتفاقية تهدف إلى إقامة طاولة الحوار الوطني من أجل السلام لتحقيق تدابير تضمن الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية لمواطني فنزويلا.”
واستطرد ويملر أومار في سرده لتاريخ الحوار قائلًا: سمح مناخ التفاهم هذا بتعيين سلطات جديدة للمجلس الانتخابي الوطني أدى إلى إجراء انتخابات تشريعية في 6 ديسمبر 2020 وضمن انتخاب جمعية وطنية جديدة تمارس دورها المؤسسي المنصوص عليه في الدستور الوطني. من أجل تشجيع مشاركة سياسية أكبر وتوفير الضمانات الكاملة، بعد عملية تمت وفقًا لأحكام الدستور في إطار الحوار الوطني الكبير الذي يجري مع جميع القطاعات السياسية والاجتماعية في فنزويلا، تم في 4 مايو 2021 الانتهاء من تجديد السلطات الانتخابية في البلاد، وهو ما يعتبر دليل جديد على ديناميكية وقوة الديموقراطية الفنزويلية.
وفي بداية شهر يونيو، تم الإعلان عن عملية حوار جديدة مع المعارضة بدعم من الحكومة البوليفارية. وتجدر الإشارة إلى أنه بسبب مبادرات الحوار السابقة التي دعمتها الحكومة الفنزويلية، يمكن التأكيد على أن هذه المرحلة الجديدة ستعزز مسار الثورة البوليفارية: ألا وهو الاجتماع مع أكثر القطاعات تنوعًا، حتى في ظل الظروف الكثر تعقيدًا في البلاد.
في 12 يوليو 2021، خلال اجتماع مع لجنة الحوار والسلام والمصالحة في الجمعية الوطنية، صدق الرئيس نيكولاس مادورو على استعداده للحوار مع جميع قطاعات البلاد، بعد الدعوات المختلفة التي وجهها في البلاد من أجل المصالحة وسلام المواطنين.
وتجدر الإشارة إلى أن رئيس الدولة وضع الشروط الشرعية التالية لإقامة طاولة حوار دولية، بدعم من سلطات المكسيك والنرويج هي: رفع العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، الاعتراف بالسلطات العامة للدولة، أي أن جميع القطاعات السياسية تعترف بصلاحية وعمل السلطات العامة ودستورية البلاد وسلطاتها الشرعية، أن تتخلى جميع القطاعات عن المخططات العنيفة والانقلابية، مشاركة كافة القطاعات السياسية الراغبة في الانضمام والمشاركة.
وأقر الرئيس مادورو مرة أخرى رغبته في الحوار مع جميع القطاعات، واقترح اجندة للمناقشات العامة التي سمحت بتوقيع مذكرة التفاهم في المكسيك، في 13 أغسطس، بين حكومة فنزويلا البوليفارية والمعارضة المتمثلة في منصة توحيد فنزويلا.
من بين جوانب أخرى، تنص المذكرة كهدف على: “الوصول إلى اتفاق، من خلال مفاوضات مكثفة وشاملة وتدريجية وسلمية لوضع قواعد واضحة للتعايش السياسي والاجتماعي، مع الاحترام المطلق للدستور الوطني.”
وعقب توقيع مذكرة التفاهم، عقدت المحادثات يومي 14 و15 أغسطس. حيث ذكرت حكومة مملكة النرويج، بصفتها الميسر، أن الأطراف عقدت “اجتماعات بناءة” ناقشوا فيها “إنشاء آلية تشاور مع الجهات الفاعلة السياسية والاجتماعية بحيث تكون شاملة قدر الإمكان” وانهم سوف يجتمعون مرة أخرى بين 3 و6 سبتمبر.
وأكد ويملر أومار بارينتوس على أن المرحلة الجديدة من الحوار ستساهم في إعادة فتح القنوات التجارية مع الشركاء السابقين لإعادة تنشيط مجالات النفط والغاز والمعادن الاستراتيجية. لافتًا إلى أنه في بيئة جديدة من التفاهم، ستساهم في تسريع عملية تنويع نظام الإنتاج الوطني، وكذلك العلاقات الخارجية للدولة الفنزويلية. في هذا السياق، أعرب السفير عن اعتقاده بأن طاولة المفاوضات هذه تعمل كأداة لإعادة اجراء المحادثات مع الولايات المتحدة بشروط متساوية وفي إطار الاحترام المتبادل.
وقال: “للقيام بذلك، يجب أن نتبع ما صرح به رئيس الجمعية الوطنية والمفاوض الرئيسي للحكومة الفنزويلية، خورخى رودريجز، بحيث أنه يجب علينا إيجاد اتفاقات ملموسة لضمان حلول للفنزويليين للوقوف أمام الهجمات الظالمة التي طالما عانى منها المتمثلة في الحصار الإجرامي والتدابير القسرية أحادية الجانب، لأن هذه المرحلة الجديدة من الحوار “هي فرصة ذهبية لإظهار أنه يمكننا، بخلاف ما حدث في الماضي، أن نجد حلولًا لضمان مستقبل وسعادة شعب فنزويلا.”