في كلمته في افتتاح الدورة 47 لمؤتمر العمل العربي الذي يعقد بالقاهرة – دولة المقر-، ويستمر المؤتمر حتى 12 سبتمبر الجاري ، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي ، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط: إنه من دواعى سروري أن أشارككم اليوم افتتاح أعمال مؤتمر العمل العربي، التي تعذر عقدها العام الماضي بسبب ظروف جائحة فيروس كورونا المستجد، وأتوجه بالشكر إلى سلطات دولة المقر، جمهورية مصر العربية، التي سهرت على توفير الظروف المناسبة للقائنا هذا، مشيرا إلى أن الشكر موصول لكل من ساهم فى الإعداد الجيد لهذه الدورة.
وقال أبو الغيط: مرت سنة ونصف منذ بداية جائحة فيروس كورونا المستجد التي نأمل جميعاً أن تنجلي قريباً، وهي فترة مررنا فيها بظروف عصيبة كانت تبعاتها ثقيلة على المنطقة العربية، رغم الجهود الكبيرة التي بذلتها الحكومات العربية لمجابهة الأزمة.
وأشار الأمين العام إلى أنه في هذا السياق يقدم لنا التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2020 الصادر عن جامعة الدول العربية والذي أدعوكم إلى التمعن في خلاصاته، يقدم لنا مؤشرات أولية عن خسائر الأزمة، إذ تراجعت أرقام التشغيل والإنتاج بشكل كبير، وتدهورت مؤشرات الفقر متعدد الأبعاد، وبلغ العجز في الموازنات مستويات تبعث على الانزعاج.
وقال أبو الغيط: إن أزمة كورونا الصحية، وما فرضته من تبعات اقتصادية واجتماعية واسعة، تعد نموذجاً على نمط الاضطرابات والأزمات المفاجئة التي يُنتظر أن تواجه العالم في المستقبل، ويقتضى الأمر تعزيز قدرة الاقتصادات على التكيف مع مثل هذه الاضطرابات والصدمات، وزيادة كفاءة الحكومات في إدارة الأزمات وقدرتها على الصمود، والاستجابة والتعافي السريع.
وأكد أبو الغيط، أنه كان للجائحة تأثيرات عميقة على أسواق العمل ومستويات التشغيل في كافة الدول العربية التي لا يخفى ما تعانيه من مؤشرات مرتفعة للبطالة، خاصة بين الشباب، وكان الأثر السلبى للجائحة شديد الوطأة على المؤسسات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر التي لا تملك الموارد اللازمة للصمود والتكيف مع الصدمات، وقد استجابت الحكومات العربية وقدّم بعضها دعماً استثنائياً لمواجهة الانكماش والركود الاقتصادي.
وأشار الأمين العام لجامعة الدول العربية، إلى الأهمية الكبيرة التي ينطوي عليها دعم قطاع ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة وذلك لأن هذا القطاع على نحو خاص يوفر مجالاً مهماً للتوظيف، خاصة بين الشباب، كما أنه يُعد المولّد الأكبر لطاقات الإبداع والابتكار التي تشتدّ الحاجة إليها في اقتصاداتها العربية.
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية : إن التحولات التكنولوجية تمثل نوعاً آخر من الصدمات التي يتعين الاستعداد لها والتفاعل معها، فالثورة التكنولوجية، خاصة في مجالات الميْكنة والذكاء الاصطناعى، وبرغم ما توفره من فرص كبيرة لرفع الإنتاجية، إلا أنها تطرح أيضاً معضلات عدة حول طبيعة العمل، والمهارات اللازمة للمستقبل، ومدى توفر فرص العمل، فضلاً عن القضايا المتعلقة بالأجور.
وأكد أنه لا شك أن جائحة كورونا سوف تسهم فى تسريع وتيرة هذه التطورات المستقبلية، وقد شهدنا جميعاً ما أفضت إليه الجائحة من تحولات في بيئة العمل، بما فى ذلك انتشار نموذج العمل عن بعد، وغير ذلك من التحولات التي تدخل في باب الانتقال من نماذج تقليدية في العمل إلى أخرى إبداعية.
ويتعين على حكوماتنا ومجتمعاتنا النظر في هذه القضايا وانعكاساتها على التشغيل والتوظيف ليس باعتبارها اتجاهات مستقبلية. وإنما بوصفها واقعاً صار يتشكل أمامنا وحاضراً يوشك أن يطرق الأبواب في مجتمعاتنا، إن علينا الذهاب إلى المستقبل، وليس انتظاره لكي يداهمنا.
وقال أبو الغيط: إن الثورة التكنولوجية التي نعيشها ستؤدي إلى تغير عادات واندثار وظائف واستحداث أخرى جديدة، ونحتاج إلى وضع خطط استشرافية وسياسات محكمة تهتم بتطوير التعليم والتعليم المهني والتدريب. كما تهتم أيضاً بتطوير التشريعات المتعلقة بالعمل والحماية الاجتماعية. ولقد قررنا في جامعة الدول العربية معالجته بشكل أساسى وجعله محوراً لأعمالنا، بالإضافة إلى موضوعات ريادة الأعمال والتنمية المستدامة.
وأشار أبو الغيط إلى أنه في هذا الصدد، يقع على عاتقنا استغلال كل الجهود الدولية لإعادة بعث مسارات التنمية المستدامة في بلداننا وتنفيذ خطط تأخذ في عين الاعتبار مواضيع التغير المناخى وتأثيراته على ظروف العمل، لافتا إلى أنه في هذا السياق بأن جمهورية مصر العربية ستستضيف قمة المناخ (COP27) العام القادم، وهي فرصة مهمة يجب علينا اغتنامها.
وأشار إلى موضوع يقع في قمة أولوياتنا، لافتا في هذا الصدد إلى استكمال مسار الاندماج الاقتصادي العربي لما له من أهمية في القضاء على البطالة واستغلال الموارد العربية بشكل أفضل وبأيدي عربية، وكذا سد الفجوة التنموية بين الدول العربية.
وأكد أن جامعة الدول العربية جاهدة في هذا الصدد لاستكمال وضع منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى التي دخلت حيز النفاذ، كما تعمل أيضاً على الانتهاء من وضع العديد من الاتفاقيات العربية التي من شأنها تسهيل حركة الأيدي العاملة ورؤوس الأموال داخل الوطن العربي ومنها على سبيل الذكر تحديث اتفاقية الاستثمار العربية، واتفاقيات النقل بين الدول العربية.
ودعا في هذا الصدد منظمة العمل العربية وشركائها من أطراف العمل الثلاثة إلى العمل على توحيد تشريعات العمل وتحديثها بما يتناسب مع التطورات الحاصلة و بما يساهم في اندماج أسواق العمل العربية.
وفي ختام كلمته قال: لقد اطلعت باهتمام كبير على وثائق هذه الدورة ووجدتها غنية بالأفكار والتوصيات التي أتمنى أن تجد طريقها للتنفيذ، كدعم المرأة في سوق العمل وتشجيع ريادة الأعمال وتمكين المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وغيرها.
واشاد بالدور الفعال الذي تقوم به منظمة العمل العربية ومديرها العام فايز على المطيري الذي يبذل مجهودات مقدرة لتطوير المنظمة وتعزيز التعاون العربي والتنسيق بين أطراف العمل الثلاثة أملاً في الوصول إلى التكامل الاقتصادي العربي المنشود، وأتمنى لكم كل النجاح والتوفيق في أعمالكم.