تسعى الحكومة المصرية لتحقيق النمو المتكامل وفق برنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل ووفق خطة التنمية المستدامة المحددة بـ 2030، وتعتزم اتخاذ الخطوات الأولى في أوائل العام المقبل ٢٠٢٢ نحو بيع حصة في الشركة الحكومية الخاصة بمشروع العاصمة الإدارية الجديدة.
وقبل حوالي ثلاث سنوات، حددت الحكومة 23 شركة مملوكة للدولة يمكن إدراجها في البورصة المصرية، وقد تم طرح واحدة فقط حتى الآن، ويرجع التأخير في ذلك إلى تفشي فيروس كورونا.
وأكد قطاع الأعمال طرح خطة لإعادة هيكلة الشركات ماليًا وإداريًا لطرحها في البورصة خلال الفترة القادمة.
وقد صرح الرئيس عبدالفتاح السيسي، بأن الدولة تخطط لطرح شركة العاصمة الإدارية في البورصة، مشيرًا إلى أن الشركة تمتلك نحو 100 مليار جنيه أموال سائلة في البنوك فيما تقدر أصولها بنحو 3 – 4 تريليونات.
وكشف وزير المالية محمد معيط وزير المالية، عن عودة اللجنة الوزارية العليا المسؤولة عن تنفيذ برنامج طرح الشركات الحكومية في سوق الأوراق المالية للانعقاد بعد توقف دام أكثر من 20 شهراً.
وأكد أن استئناف برنامج الطروحات سيطرأ عليه تغيير في إدارة العمليات ليشارك الصندوق السيادي اللجنة الوزارية العليا للطروحات، في الإدارة والتنظيم، وكشف عن جاهزية أكثر من 20 شركة وبنكاً لطرح حصص منها في البورصة.
أشاد الدكتور محمد معيط وزير المالية، بتصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي، حول نية الدولة طرح شركات مملوكة للدولة في البورصة المصرية، لاسيما شركة العاصمة الادارية الجديدة، وشركات أخرى منها العلمين الجديدة، مؤكدًا أن تصريحات الرئيس رسالة إيجابية تؤكد حرص الحكومة وجديتها في تنشيط البورصة وسوق المال وزيادة المتاح من الشركات المطروحة والمعاملات والتداول ولتعميق وتنشيط البورصة.
و قال هشام توفيق وزير قطاع الأعمال، إن اللجنة العليا لإدارة برنامج الطروحات الحكومية ستجتمع من أجل استئناف تنفيذ خطة الطروحات بعد أن تم تجميدها قبل ذلك.
وتعود بداية برنامج الطروحات الحكومية إلى إعلان وزارة المالية في مارس 2018، أسماء 23 شركة سيتم طرح حصص منها، بعضها مقيد ومطروح في البورصة، وسيتم طرح حصص إضافية منها، والآخر لم يتم طرحه من قبل.
ويُعد بنك القاهرة وشركة إي فاينانس لتكنولوجيا تشغيل المنشآت المالية من أبرز الشركات الجاهزة للطرح ضمن هذا البرنامج، حيث كان من المقرر طرح البنك في مارس أو أبريل الماضي، ولكن الطرح توقف بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد.
وقال هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام، إن إجمالي الشركات التابعة للوزارة 32 شركة سيجري دمجها في 8 شركات، وشركة واحدة للتسويق، موضحًا أن الغرض من دمج الشركات ليس توفير الأموال ولكن التركيز في إدارتها، لأن بعضها متكامل وبعضها يشترك في نشاط أو اثنين، ويجب التركيز لكي تُدار بجودة محترمة تهدف إلى التصدير، لافتًا إلى أن “الكوادر ليست متوافرة، ولذلك قررنا الدمج واخترنا القيادات العليا للشركات”.
وأشار “توفيق”، إلى أن قطاع الأعمال العام سيشهد انخفاض عدد الشركات من 119 شركة حاليًا إلى نحو 90 شركة فقط نتيجة دمجها، لافتًا إلى أنه من المتوقع انخفاض تلك الشركات مستقبلا سواء نتيجة الدمج أو التصفية للشركات الخاسرة.
فإن عمليات دمج الشركات بدأت قبل عامين بدمج 4 شركات تجارية تابعة للقابضة للسياحة في شركتين هما صيدناوى وبيع المصنوعات وهانو بنزايون، كما تم دمج عدد من الشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية منها دمج شركة العامة للورض الترسانة في شركة ميتالكو.
وخلال العام القادم ستكون الشركة القابضة للتشييد والتعمير أتمت دمج 12 شركة تابعة وتحويلها لـ5 شركات فقط، وذلك بضخ 21 مليار جنيه استثمارات للتطوير.
وأكد خبراء بسوق المال، أن الفترة الحالية تعد من أنسب الأوقات أمام الحكومة لاستئناف برنامج طرح حصص من الشركات الحكومية في البورصة المصرية، فيما يعرف ببرنامج “الطروحات الحكومية”، ولكن هناك عدة عوامل على الحكومة مراعاتها من أجل استغلال الفرصة وإنجاح أي طرح قد تنفذه في الفترة الحالية.
وقال الدكتور محمد فريد رئيس البورصة المصرية، إن البورصة جاهزة لاستقبال الطروحات الجديدة الحكومية منها والخاصة.
وأوضح أن تخطيط الدولة لطرح كيانات كبيرة مثل «العاصمة» في البورصة، سيكون بمثابة خطوة كبيرة ومهمة لزيادة معدلات الحوكمة والإفصاح والشفافية بالشركات التابعة للدولة، عبر قيدها في سوق رأس المال، الأمر الذي سيعود بالنفع على الاقتصاد القومي.
والمحور الثاني، هو سعى الدولة نحو توسيع قاعدة الملكية، وما يتضمنه من زيادة عدد المستفيدين من المشروعات التنموية التي تقوم بها، والاستفادة من ثمار النمو الاقتصادي الذي يتم تحقيق جزء منه عبر الشركات المدرجة والمقيدة في البورصة.
وأكد أن طرح شركة «العاصمة»، أضاف مزايا مباشرة للسوق، مثل تنشيط معدلات التداول والأوراق المالية المتداولة في السوق و جذب شرائح جديدة من المستثمرين.
وقال الدكتور خالد الشافعي الخبير الاقتصادي، إن فكرة طرح الشركات المملوكة للدولة سيشكل التداول في البورصة المصرية، إذا تم فعليًا طرحها في البورصة، ولكن :”أتوقع أن هذه الخطوة قد تتأخر بعض الشئ لاعتبارات عدة على رأسها أن الحكومة حتى الآن لم تقم بطرح الحصص المتبقية التي أعلنت عنها في البورصة للشركات المطروحة حاليًا، لكن شركة العاصمة الإدارية إذا جرى طرحها ستعمل على جعل حجم رأس المال في السوق المصري ضخم جداً، خاصة أن الحجم المبدئي وفق ما أعلنه الرئيس السيسي حوالي 100 مليار جنيه”.
وأضاف: أعتقد أن الطرح سيجري العمل عليه بقوة خاصة في ظل توجيهات الرئيس السيسي بأهمية وسرعة الطرح الخاص بالعاصمة الإدارية، وإذا تمت هذه الخطوة فإننا مقبلين على اقتصاد قوي جدًا ويزيد من قيمة الشفافية في السوق المصري، ويرفع من تنافسية وضع البورصة المصرية أمام البورصات الأخرى.
وأكد “الشافعي”، أن فكرة اكتتاب المصريين في الشركات الحكومية وشركات القوات المسلحة مسألة تعني مزيد من التشاركية بين المواطن والدولة، وتزيد من ترابط المستثمر الصغير والمواطن العادي مع الحكومة، وهي خطوة ربما تجعل البورصة أحد أكبر البورصات في المنطقة من حيث قيمة التداول، وقد تصل إلى 20 ألف نقطة إذا تم هذا الطرح.
وقال أبوبكر الديب مستشار المركز العربي للدراسات والباحث في الشأن الاقتصادي والعلاقات الدولية، إن عملية طرح الشركات في البورصة تستغرق من عام إلى ٣ أعوام هو أحد أسباب تأخر الطروحات الحكومية، حيث يتم دراسة القوائم المالية للشركات والحوكمة داخل كل شركة وبيئة السوق لآلية طرح الشركة الذي أصبح في غاية الصعوبة، نظرًا لظروف كورونا، بالإضافة إلى الإجراءات المختلفة بين تعيين المستشار المالي المستقل والمستشار القانوني ومراجعة العقود من قبل مجلس الدولة وغير ذلك من إجراءات قانونية.
وأضاف “الديب”: بالرغم من المؤشرات الاقتصادية الجيدة التي تجنيها مصر من برنامج الإصلاح الاقتصادي وتصدرها للأسواق الناشئة في معدلات النمو، إلا أن البورصة المصرية تخالف المسار الإيجابي للاقتصاد المصري.
ونوه أن نجاح الطروحات يعتمد على عدة عوامل، أبرزها الظروف الخاصة بالعرض والطلب على الأوراق المالية المقيدة أو الجديدة، بالإضافة إلى عدم وجود أي مخاطر.
وطالب “الديب”، بالإسراع في تنفيذ برنامج الطروحات وإدراج شركات ذات قوة مالية بسوق البورصة المصرية، خاصة أن أسعار أسهم شركات البورصة وصلت مناطق جاذبة للشراء، ووصلت لمناطق دعوم قوية وأنها تستعد للانطلاق والوصول إلى مناطق سعرية أعلى، حال اهتمام الحكومة بتنشيط سوق المال.
ولفت “الديب”، إلى أن السوق لا يستطيع تغطية طروحات كبيرة متتالية في وقت واحد في ظل تراجعها، كما أن حالة السوق لا ترتبط بقصة الشركة محل الطرح ذاتها، ولكنها ترتبط بظروف السوق وحجم السيولة المتاحة.
كما لفت أن الرؤية ستكون أكثر وضوحًا بشأن الطروحات في سوق الأسهم خلال ما تبقى من العام الجاري، حسب مستقبل كورونا في مصر وتطور عملية التطعيم بلقاحات كورونا المختلفة، وعدد من الملفات الهامة بالسوق.
وأوضح “الديب”، أن القيمة السوقية للبورصة تعادل 10 % من الناتج المحلي الإجمالي السنوي لمصر، ومن ثم فإن البورصة تحتاج إلى طروحات عديدة وكبيرة لزيادة عمق السوق وزيادة جاذبيته وملائمته للاستثمار المؤسسي الأجنبي الضخم الذي تستهدفه الدولة.
وحول الشركات المرشحة للطرح بينها “سيدي كرير للبتروكيماويات” و”أبو قير للأسمدة”، إضافة إلى “شركة الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع” و”إي فاينانس” المملوكة لوزارة المالية وبنك القاهرة الذي يملك البنك المركزي المصري الحصة الحاكمة به، إضافة إلى شركات في قطاعات عقارية أو صناعية وبترولية وتعدينية.
وقال طارق توفيق عضو مجلس إدارة صندوق مصر السيادي، إن فكرة الصندوق لا تعتمد على طرح الشركات الحكومية للبيع أو طرح أسهمها في سوق الأوراق المالية فقط، بل إنه تم تأسيسه لإدارة محفظة أصول مصر بالكامل.
ويرتكز صندوق مصر السيادي على محاور رئيسة عدة، في مقدمها طرح الشركات الحكومية المملوكة للدولة في بورصة الأوراق المالية؛ لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من ملكية الدولة للشركات العامة، سواء بالملكية الكاملة أو نظيرتها التي تسهم فيها بأكثر من 50 في المئة، أو حتى المشتركة التي تسهم فيها بنسبة محددة.
ويسعى الصندوق إلى تحقيق أقصى استفادة ممكنة من الأصول الضخمة غير المستغلة التي تمتلكها الحكومة من دون استثمار يحقق الفائدة الكبيرة من تلك الأصول.
*تطوير القاهرة الخديوية
وأكد “توفيق”، أن انتقال تلك الأصول لتصبح تحت إدارة الصندوق يسهل تعظيم الاستفادة من أصول الدولة غير المستغلة، وتحقيق أعلى عائد من استخدامها بالشكل الأمثل لزيادة مواردها واستغلال تلك العوائد في مشاريع التنمية والتطوير المختلفة الجاري تنفيذها في مصر.
وأضاف أن الصندوق يدرس الدخول في شراكات استثمارية مع القطاع الخاص بالتنسيق مع وزارات الحكومة المصرية لتطوير منطقة القاهرة الخديوية، تمثل العاصمة القديمة للدولة الفاطمية.
وأشار إلى أن الصندوق سيدير جميع الأصول المملوكة للحكومة المصرية، بعد انتقال الحكومة بالكامل إلى العاصمة الإدارية الجديدة قريباً.
ويرى رئيس قطاع الاستثمار بالصندوق السيادي عبدالله الإبياري، أن فكرة اكتتاب المصريين في الشركات الحكومية وشركات القوات المسلحة، مسألة تعني مزيد من التشاركية بين المواطن والدولة، وتزيد من ترابط المستثمر الصغير والمواطن العادي مع الحكومة، وهي خطوة ربما تجعل البورصة أحد أكبر البورصات في المنطقة من حيث قيمة التداول. وقد تصل إلى 20 ألف نقطة إذا تم هذا الطرح. إضافة إلى مشروعات التطوير والاستفادة من القدرات الإدارية والفنية والتسويقية، وذلك مع الحفاظ على حقوق العمال بالشركات وإعادة تأهيلهم ورفع كفاءتهم وتنمية مهاراتهم، إلى جانب خلق فرص عمل جديدة.
وأشار إلى أن الشركات التابعة للوزارة تمتلك حجماً ضخماً من الأصول ومن بينها أصول عقارية غير مستغلة قد يتم الاستفادة منها كأحد البدائل التمويلية لعمليات إعادة الهيكلة.
ويرى محمد رضوان رئيس شركة “آراب فاينانس” لتداول الأوراق المالية، إن الفترة الحالية تعد مناسبة لاستئناف برنامج الطروحات الحكومية في ظل الأداء الحالي للبورصة، خاصة أن هناك بعض الطروحات التي حدثت في عام 2020 ببعض البورصات العالمية رغم الأزمة ومنها البورصة الأمريكية وحققت نجاحًا كبيرًا.
وأضاف “رضوان”، أن هناك مشكلة بمصر في تحديد التوقيت المناسب لطرح الأسهم، وهو ما تفقد معه الأهداف التي يتم من أجلها هذه الطروحات.
وأشار “رضوان”، إلى أن اهتمام الدولة بالبورصة من خلال مثل هذه الطروحات وتنويع القطاعات الممثلة فيها وغيرها من الإشارات تمثل عنصر جذب للمستثمر الأجنبي، حينما يرى في هذه الإجراءات توجهًا عامًا من الدولة نحو الاهتمام بسوق المال.
وذكر إيهاب سعيد الخبير المالي، أن السوق شهد دخول أموال جديدة خلال فترة أزمة كورونا مع عدم وجود فرص في الاقتصاد الحقيقي؛ بسبب المخاوف الناتجة عن الأزمة، خاصة أن الاستثمار والتداول في البورصة لا يحتاج إلى حركة ويمكن مباشرتها من المنزل في ظل إجراءات الحظر والمطالبات بعدم النزول من المنازل قدر الإمكان من أجل عدم انتشار العدوى.
وشدد على ضرورة أن تستغل الحكومة الفرصة وأن تبدأ في استئناف طرح الشركات في أقرب وقت ظل الحاجة لوجود “بضاعة جاذبة” لبقاء هذه الأموال في البورصة وعدم خروجها مرة أخرى مع تحسن الأوضاع الاقتصادية.
*فوائد استئناف الطروحات
قال إيهاب سعيد، إن هناك عدة فوائد ستعود على الدولة وأيضًا السوق والشركات المطروحة والمستثمرين مع استئناف برنامج الطروحات الحكومية في أقرب وقت.
وأضاف “سعيد”، أن من بين الفوائد التي ستعود على الدولة التخلص من تحمل أعباء الشركات والأصول التي تملكها، والتي تكبلها عن التفرغ لدورها الأساسي وهو التنظيم والرقابة ومنع الاحتكار، وعدم منافسة القطاع الخاص.
وذكر “سعيد”، أنه من ناحية السوق تتضمن الفوائد طرح بضاعة جديدة ورفع نسبة تمثيل السوق في الناتج المحلي الإجمالي إلى المستوى المتعارف عليه، والذي يصل إلى حدود 60% وأحيانا 70%، مقابل نحو 12 أو 13%، بحيث تكون أكثر تعبيرًا عن واقع الاقتصاد الحالي، ووجود تمثيل حقيقي للقطاعات المختلفة في البورصة.
ومن بين هذه الفوائد أيضًا، إعطاء الثقة والطمأنينة للقطاع الخاص من أجل طرح شركاته في البورصة وإرسال رسالة بأن الدولة مهتمة بسوق المال، وأيضًا تكرار تجارب الطرح الناجحة.
وأشار “سعيد” أيضًا، إلى أن الطروحات ستسهم في جذب مستثمرين أجانب خاصة من المؤسسات العالمية مع توفير بضاعة جديدة وبالتالي توفير عملة صعبة، بالإضافة إلى تنويع القطاعات الممثلة وتعميق السوق، وتكبير حجمه وبالتالي زيادة الاهتمام العالمي به.