يتابع العالم، الأحداث في أفغانستان بقلب حزين وقلق عميق بشأن ما سيحدث. من فوضى، واضطرابات وعدم يقين وخوف. و نتشرت حالة من الهلع بين الناس في أفغانستان بعد دخول طالبان الى العاصمة كابول، بعد ما يقرب من 20 عاماً على الإطاحة بطالبان من قبل تحالف عسكري بقيادة الولايات المتحدة. وهكذا وجدالناس الملاذ الامن في مغادرة البلاد، فتزاحم كثيرون على ماكينات الصراف الآلي لسحب النقود، وتكدس آخرون أمام مكتب جوازات السفر ومراكز استخراج تأشيرات دخول الدول الأجنبية، كما علقت العديد من شركات الطيران رحلاتها أو غيرت مسارها حول العاصمة كابل.
جاء ذلك بقيادة هبة الله أخوند زاده زعيم حركة طالبان، الذي قام بتصعيدات عسكرية في 2021، ضد القوات الحكومية وسيطر على مساحات شاسعة من أفغانستان. حتى فرضت الحركة سيطرتها الكاملة على العاصمة كابول
عقد مجلس الأمن جلسة طارئة صباح اليوم الاثنينلبحث الوضع الدولي تجاه الشعب الافغاني، وخلال الجلسة، ناشد الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو جويتريش مجلس الأمن والمجتمع الدولي، التحرك واستخدام جميع الأدوات المتاحة ضد “القمع والتهديد الإرهابي العالمي” في أفغانستان وذلك لضمان احترام حقوق الإنسان الأساسية.وفي كلمته خلال الجلسة التي عقدها مجلس الأمن صباح يوم الاثنين بتوقيت نيويورك لبحث الوضع الراهن في أفغانستان بعد دخول طالبان إلى العاصمة الأفغانية كابول، ومغادرة رئيس البلاد، أكد أنطونيو جوتيريش أن الأمم المتحدة ملتزمة بدعم الأفغان.
ودعا جوتيريش المجتمع الدولي إلى الوحدة لعدم استخدام أفغانستان مرة أخرى كمنصة أو ملاذ آمن للمنظمات الإرهابية.مشدداً على ضرورة حماية الحقوق التي تم تحقيقها بشق الأنفس للنساء والفتيات في أفغانستان.
وقال الأمين العام: “نتلقى تقارير تقشعر لها الأبدان عن قيود صارمة على حقوق الإنسان في عموم افغانستان. ويساورني القلق بشكل خاص من روايات عن انتهاكات متزايدة لحقوق الإنسان ضد النساء والفتيات في أفغانستان اللواتي يخشين العودة إلى أحلك الأيام.”
وذَكّر جويتريش جميع الأطراف بواجبها في حماية المدنيين، مشيراً إلى أن الصراع أجبر مئات الآلاف على ترك منازلهم. وشهدت العاصمة تدفقاً هائلاً للنازحين داخلياً من الولايات في جميع أنحاء البلاد حيث شعروا بعدم الأمان أو فروا خلال القتال، وقال: “في هذه الساعات العصيبة، أحث جميع الأطراف، ولا سيما طالبان، على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس لحماية الأرواح وضمان تلبية الاحتياجات الإنسانية، وتزويد العاملين في المجال الإنساني بإمكانية الوصول دون عوائق لتقديم الخدمات والمساعدات المنقذة للحياة في الوقت المناسب. وأحث جميع البلدان على الاستعداد لاستقبال اللاجئين الأفغان والامتناع عن ترحيلهم..”
طواقم الأمم المتحدة باقية
وأشار الأمين العام إلى أن طواقم ومكاتب الأمم المتحدة لا تزال موجودة في المناطق التي أصبحت تحت سيطرة طالبان. وأضاف لمجلس الأمن: “يسعدني أن أبلغكم أنه إلى حد كبير، تم احترام طواقمنا ومبانينا. نحث طالبان على مواصلة القيام بذلك واحترام سلامة وحرمة المبعوثين الدبلوماسيين وأماكن العمل، واؤكد أن وجود مكاتب الأمم المتحدة سيتكيف مع الوضع الأمني هناك . وسنستمر في تقديم الدعم للشعب الأفغاني وقت الحاجة.
ورغم ان طالبان قالت في بيان صدر أمس، بعد سيطرها على العاصمة كابول، إنها ستعمل مع المؤسسات القائمة. إلا أن قلقاً يجتاح مجلس الامن من العواقب خاصة بعدما اعلن ممثل افغانستان في الأمم المتحدة، غلام إيزاكزاي، في كلمته أمام مجلس الأمن اليوم، “إننا نشعر بقلق إزاء عدم وفاء طالبان بوعودها والتزاماتها التي قطعتها في الدوحة وغيرها من خلال بياناتها. لقد شهدنا مرارا وتكرارا كيف نكثت طالبان بوعودها والتزاماتها في الماضي.”
النازحون في مخيمات قندهار
وقال سفير أفغانستان لدى الأمم المتحدة، إنه يتحدث نيابة عن ملايين الأفغان الذين يعتبر مصيرهم على المحك ويواجهون مستقبلاً مجهولاً للغاية. ويتحدث نيابة عن ملايين الفتيات والنساء اللواتي على وشك فقدان حرياتهن في الذهاب إلى المدرسة والعمل والمشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد، ونيابة عن آلاف المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والأكاديميين والموظفين المدنيين وأفراد الأمن السابقين الذين تتعرض حياتهم للخطر بسبب دفاعهم عن حقوق الإنسان والديمقراطية. مشيراً الى ان آلاف العائلات في أفغانستان فرت من ديارها بسبب النزاع ويعيشون الآن في مخيمات النازحين داخليا في قندهار.
رغم ذلك، أكد المندوب الأفغاني أن الفرصة لا تزال متاحة لمنع انزلاق أفغانستان إلى حرب أهلية وتحولها لدولة منبوذة. ودعا مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة إلى استخدام كل الوسائل المتاحة من أجل الدعوة إلى وقف فوري للعنف واحترام حقوق الإنسان والقوانين الإنسانية الدولية. ودعوة طالبان إلى وقف القتل المستهدف والهجمات الانتقامية والامتثال إلى القوانين الإنسانية الدولية.واستخدام كل الوسائل المتاحة من أجل الدعوة إلى إقامة ممر إنساني على وجه السرعة لإجلاء أولئك المعرضين لخطر انتقام طالبان وهجماتها. ودعوة الدول المجاورة إلى فتح حدودها وتسهيل خروج الأشخاص الذين يحاولون الفرار.بالإضافة إلى الدعوة إلى تشكيل حكومة انتقالية شاملة وتمثيلية تضم جميع المجموعات العرقية، مع تمثيل نسائي.
كما دعا السفير، إلى التشديد على أن المجلس والأمم المتحدة لن يعترفا بأية إدارة تفرض سلطتها بالقوة أو أي حكومة غير شاملة لا تمثل التنوع في البلاد. وعدم الاعتراف باستعادة الإمارة الإسلامية كما تم التأكيد في بيانات واتفاقيات المجلس السابقة. ووضع ضمانات دولية لتنفيذ اتفاق سياسي مستقبلي.
الالتزام بمساعدة الأفغان
من جانبها، قالت ليندا توماس-جرينفيلد، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة إن دور الأمين العام ومبعوثه الخاص والممثلة الخاصة في أفغانستان مهم “مع دخولنا فترة غير مؤكدة وحاسمة تتطلب من المجتمع الدولي التحدث بصوت موحد لضمان قدرة كل افغاني على العيش في أمان وكرامة.
وشددت السفيرة الأميركية على ما جاء في هذه الدعوة، قائلة: “يجب حماية السكان المدنيين، بمن فيهم الصحفيون وغير المقاتلين. يجب وقف الهجمات ضد المدنيين أو الأعيان المدنية، ويجب احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية لجميع المواطنين الأفغان، وخاصة النساء والفتيات وأفراد الأقليات.”وأضافت “كما ندعو جميع الأطراف إلى منع الإرهاب، ويجب علينا جميعا أن نضمن أنه لا يمكن لأفغانستان على الإطلاق أن تكون مرة أخرى قاعدة للإرهاب.”
وأكدت : “أي عمل يعرض أفراد الولايات المتحدة أو بعثتنا للخطر سيُقابل برد عسكري سريع وقوي.” وأشارت إلى أن الولايات المتحدة تتعهد بأن تكون سخية في إعادة توطين الأفغان في الولايات المتحدة. وقالت: “نحن بحاجة إلى بذل المزيد من الجهود وحان وقت النهوض.”
ووفقا للأمم المتحدة، تؤثر الأزمة الإنسانية في أفغانستان على 18 مليون شخص ، هم نصف سكان البلاد بالكامل. ومن غير المضمون استمرار تقديم الخدمات الأساسية.