متابعة وترقب تشهده الساحة العالمية وكل دول الشرق الأوسط فيما يجري في المشهد التونسي والذي فاجأ العالم في صبيحة الخامس والعشرين من هذا الشهر بتصريح رئاسي خرج به رئيس الدولة قيس سعيد وأشار فيه وبتعبيرات صارمة مستندا إلي الدستور التونسي والمعدل 2015 وفي مادته 80 والتي تنص لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان وأمن البلاد واستقلالها, يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة, أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية, وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية, ويعلن عن التدابير في بيان الشعب ويظهر ذلك في قرارات الرئيس والذي جمد عمل الحكومة وترأس السلطة التنفيذية لحين تعيين رئيس حكومة جديد مع إقالة رئيس الوزراء ووزراء الدفاع والداخلية والخارجية وكذلك تجميد ووقف عمل مجلس النواب لمدة شهر ورفع الحصانة عن كل النواب وترأس المجالس النيابية للدولة وبذلك يكون الرئيس قد نفذ أمرا داخليا بموجب الدستور والذي استوفي أركان قراره في عدم إعلام المحكمة الدستورية حيث إن نشاطها متوقف منذ 2015 وتبليغ كل من رئيس البرلمان قبل التصريح بسويعات وتتوالي تصريحات الرئيس والإفصاح عن ملف الفساد والذي وصلت أركانه من رجال سلطة حزب النهضة ورجال أعمالها إلي أكثر من 460 شخصية نهبت أموال التونسيين بل إن هناك جماعات إرهابية أنشأها إخوان النهضة للتخلص من المعارضين ونشر الإرهاب في المناطق التي ليس لهم أرضية تدعمهم وامتدت ذلك إلي أن تكتل الوزارة الحالية والتي تمثل أغلبية وزرائها من الإخوان والتي يزداد توجهها وانصياعهاإلي رئيس البرلمان راشد الغنوشي والذي أصبح مركز قوي يسن القوانين والتشريعات والقرارات دون الرجوع إلي مشاركة رأس السلطة والذي عاني فيه الرئيس قيس سعيد من عدم الاهتمام والتعاون بين السلطات الثلاث والتي أصبحت تحت سيطرة الغنوشي وأهل عشيرته.
ومن خلال سرد مجريات الأحداث أذكر هنا أكذوبة الربيع العربي الذي بدأت من تونس بعد أن ضاقت الدنيا بأحد مواطنيها من ظلم وفقر أدي أن يحرق نفسه كي تكون أنظمة السوشيال ميديا جاهزة وكي يدار مخططها برعاية دول أمريكا وإسرائيل وقطر وتركيا مدبرا وراعيا ومنفذا وهكذا اندلعت الشرارة تحت شعار عيش حرية وعدالة اجتماعية ولكن يبدو أن المخطط هو استخدام سياج الجماعات المتأسلمة الإخوان كي تقبض زمام الحكم في دول العرب وتسلط نفسها وعشيرتها إلي تسيد مفاصل الدولة ومن يعارض يكون يقتل أو يرهب.
وقد تكن التجربة التونسية لحكم الإخوان وعشيرتها هو النتيجة الواضحة دون تشكيك حيث كان الاقتصاد قبل ثورة الربيع التونسي لديه مميزات الانتعاش في كل المجالات سواء السياحة والصناعة والطاقة والتجارة ولم يتعد الدين العام 50% من الناتج المحلي الإجمالي ووصل إلي 92% بعد 10 سنوات من حكم إخوان النهضة وكذلك الدين الخارجي إلي 16 مليار دولار قبل 2011 ووصل إلي 35 مليار دولار 2020 وكذلك معامل العجز المالي 11.5% من الناتج الإجمالي وأصبحت تونس غير قادرة علي دفع أقساط الديون وأصبحت نسبة البطالة لدي مواطنيها أكثر من 22% ولم يكن لدي حكومات إخوان النهضة أي اهتمامات لأكثر من رئيسين المرزوقي الباجي السبسي ثم قيس سعيد كي تعيد حساباتها في اختيار الوزراء والشخصيات التكنوقراط التي تستطيع أن تدير دفة البلاد بنوع من الدراسة والخبرة والفهم ولكن هم دائما يفضلون أنفسهم وأهل عشيرتهم , وهكذا تأزمت الأحداث وتدهورت حياة المواطنين التونسيين والذين يعانون الفقر والبطالة والمرض والذي عجزت عنه وزارة الصحة في الإجراءات الوقائية لحماية المواطن من جائحة كورونا والتي تفشت في كل ربوع تونس دون وجود رعاية واهتمام من نواب وحكومة الإخوان.
وقد يبدو من الوهلة الأولي أن القرار الذي اتخذه الرئيس قيس سعيد هو تضحية من أجل حماية الوطن تونس ويظهر أيضا مدي الدموية في ردود الغنوشي وممثلي النهضة وأتذكر هنا إخوان مصر حيث إن الأحداث مستنسخة من رد الفعل عند إخوان النهضة وبنفس اللهجة أما أن يعود الرئيس قيس عن قراراته أو أن تكون الدم واترك الذاكرة هنا كي أزكي وأشكر رجال مصر من القيادة العامة والمجلس العسكري وزير الدفاع الشجاع الوطني والذين تفهموا وأداروا الوضع الخطير والحرج بعد عام من حكم إخوان الدم في مصر عانت فيه أركان ومفاصل الدولة من سرعة الاحتلال ونشر أهل الثقة وعشيرتهم الجاهلون في كل داواوين الدولة ووزاراتها ووقف الجيش ورجاله كي تقطع أرجل سرطان الإخوان الذين باعوا أسرار الوطن إلي الأعداء.
وهنا يتدخل رجال مصر من القيادة العامة للدولة ويضعون خارطة طريق واضحة من بدايتها وفي وقت عرضها تفي بكل كلمة واتفاق من رجال عاهدوا الله علي صون تراب الوطن وسلامة شعبه فلن ينسي التاريخ من أنقذ الشعب وحماه عندما نزل إلي الشوارع والقري والميادين بالملايين وصان أمانة بالجيش والشرطة وانفضت ميادين الإرهاب في رابعة والنهضة بتضحيات أبناء ورجال مصر الشرفاء من الشرطة والجيش وبدأت الدولة المصرية في العودة مرة أخري وبقوة إلي الساحة العالمية وتصنفها المؤسسات الاقتصادية بالمرتبة الخامسة علي أكثر من 50 اقتصادا عالميا نجح وقت جائحة كورونا وبين ما حدث في مصر من رفض تام للأخونة الإرهابية ومقاومة واعية من براعة القوات المسلحة المصرية والشرطة نجحت مصر في القضاء علي إرهاب الأخونة وكسرهم داخليا وخارجيا ولكن يبدو أن الموقف قد يكون أكثر صعوبة في القضاء علي إخوان النهضة في تونس بعد أكثر من 10 سنوات من انتشارهم في مفاصل ودواليك تونس مما يقتضي أن تدعم الدول العربية وأن تقوم الجامعة العربية بدورها في تقديم الدعم الرسمي والمالي, والدولي للرئيس التونسي قيس سعيد والذي يريد أن يحفظ ويصون تونس بتخليصها من مرتزقة الإخوان في دواوين حكومتها ومجلسها النيابي والبرلماني كي يصل إلي ائتلاف وطني يدير دفة الدولة واقتصادها ويفي بمطالب الشعب ومصالحه…. حمي الله مصر ومد يد السلامة لتونس وأهلها.
وإلي تكملة قادمة.