: يصلي الناس صلاة شكر يقولون فيها:
نشكر الله لأنه سترنا (بالفتحة علي الحروف) من فعل يستر.. ويقولها بعضهم: لأنه سترنا (بكسرة السين).. أي القماشة التي تستر
… وبين الكلمتين نعيش حياتنا في غني مراحم الله
نعيش فيه لأنه سترنا
سترنا من الفضيحة.. سترنا من أن تري الناس أخطاءنا وخطايانا وخطيئتنا.. وجعلنا نقف كاملين أمام الآخرين.. غير مكشوفين أو مجروحين.
ونعيش في مراحم الله لأنه سترنا.. الستر غطانا حينما احتجنا إلي الحضن ونحن عرايا.. الستر الذي قبلنا ونحن خطاة مخطئون ولم يرفضنا بالرغم من آثامنا.
.. فبين الكلمتين نعيش حياتنا.. وأصبحنا مديونين له
توجد قصة شهيرة عن إنسان ناسك عاش في القرن الرابع الميلادي اسمه افرآم السرياني.. نسبة إلي سوريا… الذي اشتهر أنه شديد التقشف حتي قيل في كتب التاريخ إنه يشبه تمثالا من الفخار من كثرة…. التقشف
ولكن في مطلع شبابه, دخلت بقرة رجل فقير حقل أبيه بالخطأ.. فطردها وطاردها حتي اختفت في الغابة, وضاعت.
وعندما جاء صاحب البقرة المسكين يفتش عنها, أهانه افرآم ووبخه علي تركه بقرته ترعي في حقل غيره, فتقبل الفقير الإهانة ومضي.
وبعدها وبعد أيام قليلة حدث أن سرق من قطيع أحد الرعاة بعض الأغنام, فاتهموا افرآم, ورفعت عليه الدعوي, وتم سجنه وهو بريء وذل كثيرا, وحزنت نفسه, فرفع قلبه لله بصلاة حارة طالبا مساعدته لإظهار الحق, وإنقاذه من سجنه.
وفي تلك الليلة, حلم افرآم, وكأن ملاكا من السماء ظهر له, قائلا حقا, إنك بريء من هذه التهمة, ولكنك لست بريئا من كل جريرة
وعندما استيقط من نومه, أخذ يفكر في قول الملاك, فتذكر مطاردته البقرة, وندم كثيرا علي ذلك, وبالأكثر علي سوء معاملته لصاحبها الفقير.. وتفجرت عيناه بدموع التوبة وبكي علي ذنبه, وطلب المغفرة.
… وفي تلك اللحظات, نذر نفسه لخدمة الله ووعد أن يهجر العالم حالما أن يخرج من سجنه.
مكث في السجن ثمانية أيام, قبل أن يعلن القاضي براءته ويطلق سراحه ليخرج ناذرا نفسه لخدمة الضعفاء والمساكين حتي صار صاحب مدرسة شهيرة كان تلاميذها يأتون إليها من بلاد فارس.. وأصبحت له مؤلفات كثيرة وأشعار في العشق الإلهي.. حتي وصل صيته إلي مصر.. ولكنه لم ينس يوما ستر الله عليه عندما أخطأ.
وقال سليمان الحكيم
من يستر معصيته يطلب المحبة.. والمحبة تستر كل الذنوب
وقال ابن سيراخ رحمة الإنسان لقريبه, أما رحمة الرب فلكل ذي جسد.
في نهاية السنة.. نشكر الله علي ستره لنا وعلينا.. نشكره علي رحمته الكبيرة… ولكن لا يجب أن ننسي أننا مطالبون أن نكون
.. كمثال الله في الأرض.
… استروا علي خطايا الآخرين… احملوا معهم آلامهم وضيقاتهم
… استروا لا بالكلام وإنما بالفعل والمساعدة
… كونوا سترا… كأولاد الستار