ماتعرضت له طالبة الفستان بكلية آداب جامعة طنطا من تنمر صادر عن مراقب امتحانات ومراقبتين يحمل دلالات عديدة في غاية الخطورة.
فأبطال هذا التنمر ليسوا من عينة شيوخ الفتاوي أمثال يعقوب والحويني وحسان وغيرهم, وإنما من عامة الشعب.
مجرد مراقب ـ موظف ومراقبتان إحداهما منتقبة والأخري ترتدي الخمار ولا مشكلة في نوع الرداء, فالكل يملك حرية اختيار الملبس الذي يروق له طالما لم يخرج عن تقاليد وآداب المجتمع.
الدلالة الخطيرة هنا أن شيوخ الفتنة والفرقة حاضرون وبقوة بعد أن تغلغلوا داخل عقول العامة وحتي المثقفين عبر سنين كانت فيها الدولة مغيبة بفعل التغيير.
ولولا ثورة الثلاثين من يونيو لكان الوضع لا يحتمل بالنسبة لأمور حياتية كثيرة.
كنا نظن أنه بعد سبع سنين علي الثورة بإنجازاتها المتعددة أن موجة الفتاوي في طريقها إلي الانحسار.
لكن الواقعة أشارت إلي أن شيوخ الفتنة حاضرون في المشهد وبقوة.. فما الذي تغير؟!
فقط المناخ هو الذي تغير.. فالفتاة عقب واقعة التنمر لم تجرؤ علي الذهاب لمكتب رئيس الجامعة.
وما أن عادت للمنزل لجأت إلي نشر ما جري لها علي شبكة التواصل الاجتماعي فيس بوك, وبمجرد أن وصل الخبر لرئيس الجامعة حتي وجه خطابا للنيابة العامة يخطرها بالواقعة ويدعوها لاتخاذ ما تراه مناسبا.
وفي الخطاب أشار رئيس الجامعة إلي أن الفتاة تملك حق ارتداء ما تريده من حجاب أو نقاب أو بدون, مؤكدا عدم السماح للمجتمع لأن يكون وصيا علي ما ترتديه الفتاة. ثم تم استدعاء الطالبة لمكتبه.
المدهش, علي الجانب الآخر, لم يمر يومان حتي استغاثت فتاة بأحد حمامات السباحة لاعتراض المسئولين علي نزولها الحمام بالمايوه الشرعي البوركيني وهو عكس ما جري لفتاة الفستان.. ونفس التنمر.
تشدد وتنمر علي الجانبين, وهو ما يجب التصدي له بقوة القانون وتفعيله.
الجديد أن مجلس النواب يبحث بجدية حاليا تغليظ عقوبة التنمر من جنحة إلي جناية.. ويبقي أن العبء الأكبر يقع علي الإعلام بكافة وسائله لنشر ثقافة الحرية ورفع الوصاية عن المرأة في كل ما يخصها مع الاحتفاظ بثوابت وتقاليد المجتمع.
ولتكن واقعة فتاة الفستان بداية النهاية للوصاية المقيتة علي المرأة ولإزالة الورم الخبيث, ألا وهو التنمر.