تنويع مصادر تمويل الموازنة .. وجذب فئة لا تستثمر بأدوات الدين الحكومية
تدُخل مصر في عالم التمويل الإسلامي الذي بلغت تعاملاته 2.7 تريليون دولار
تستعد مصر لإصدار أول صكوك سيادية، بعد دخول مشروع قانون إصدار الصكوك السيادية مرحلة جديدة بعد موافقة مجلسى ” النواب و الشيوخ عليه ” ، وكانت الحكومة قد وافقت علي مشروع إصدار الصكوك السيادية في نوفمبر الماضي بعد تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي، على القانون الجديد الخاص به’ونشرة في الجريدة الرسمية’ فيما تواصل لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب مناقشته .. وكان مجلس الوزارة قد اعتمد الشكل النهائي لمشروع القانون الجديد بعد الرجوع إلي جميع الوزارات والجهات المعنية بالرقابة المالية، وأيضًا مع بعض البنوك الإسلامية من ذوي الخبرة في مجال إصدار الصكوك السيادية، وكذلك الأزهر الشريف بهدف الوصول لأفضل صيغة لبنود القانون بما يتماشى مع طبيعة الصكوك السيادية وأسواق المال الحكومية وأيضًا للتأكد من توافق جميع مواده مع مبادئ الشريعة .. ويأتي مشروع قانون جديد للصكوك السيادية ضمن خطة الحكومة لتنويع قاعدة المستثمرين في الأوراق المالية الحكومية، خاصة أن الصكوك السيادية تصدر بصيغ متوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية ، هذا وتوقع خبراء أن تشهد آلية الصكوك حديثة العهد بسوق المال رواجًا قويًا يُدعمها فيه مجموعة من الأسباب ..
وكان المركز المصرى للدراسات الاقتصادية قد أكد على أهمية الصكوك مع اتساع نطاق تطبيقها على المستوى الإقليمي والدولي، حيث أتجهت المؤسسات المالية والمصرفية إلى تبني تطبيق هذه الصكوك كأحد مصادر التمويل التي تلائم رغبات العديد من المستثمرين، كما أن سوق الصكوك قد نمت وازد استخدامها بشكل ملحوظ في العقد الأخير ، مشيراً إلى أن هناك اتفاق عام على أن الصكوك تُعد إحدى أدوات التمويل الهامة التي تلعب دوراً بارزاً في تمويل الاستثمار تستخدمها الشركات الخاصة والبنوك و الحكومات وغيرها من الجهات الإعتبارية لتمويل أنشطتها ومشروعاتها المختلفة أو التوسع فيها، موضحًا أن هناك ضرورة للإستفادة من هذه الأداة في إطار خطة الدولة نحو تطوير الأدوات المالية وتنويعها لزيادة قدرة الشركات والحكومة وغيرها من الجهات الإعتبارية المختلفة فى الحصول على التمويل، لما في ذلك من أثر إيجابي على زيادة حجم الاستثمار والتشغيل في الاقتصادي القومي، وعلى تمكين تلك الجهات من تنويع مصادر تمويلها، ولتلبية احتياجات شريحة كبيرة من الأشخاص الإعتبارية العامة والخاصة والشركات الراغبة في تمويل أنشطتها ومشروعاتها أو التوسع فيها عن طريق الصكوك، وكذلك تفضيل العديد من المستثمرين لهذه الأداة من أدوات الاستثمار.
تكلفة تمويل عجز الموازنة
من جانبه صرح الدكتور محمد معيط وزير المالية بأن مصر تستعد لإصدار أول صكوك سيادية، مما يفتح الباب أمام مصر للدخول في عالم التمويل، ولتنويع قاعدة المستثمرين في الأوراق المالية الحكومية، ولجذب شريحة جديدة من المستثمرين ممن يهتمون بالاستثمار طبقًا لمبادئ الشريعة الإسلامية وبما يوفر تمويلاً وسيولة إضافية لأسواق المال الحكومية ، والعمل على خفض تكلفة تمويل عجز الموازنة العامة للدولة وإطالة متوسط عمر محفظة الدين ، منوهاً أن إصدار الصكوك السيادية يقوم على أساس حق الانتفاع للأصول المملوكة للدولة ملكية خاصة، وذلك عن طريق بيع حق الانتفاع بهذه الأصول دون حق الرقبة، أو عن طريق تأجيرها أو بأي طريق آخر يتفق مع عقد إصدار هذه الصكوك السيادية مع عدم ضمان حصة مالك الصك في الأصول وفقًا لمبادئ الشريعة الإسلامية.
أكد الدكتور ” معيط ” أن الوزارة اعتمدت الشكل النهائي لمشروع القانون الجديد بعد الرجوع إلي جميع الوزارات والجهات المعنية بالرقابة المالية وأيضًا مع بعض البنوك الإسلامية من ذوي الخبرة في مجال إصدار الصكوك السيادية، وكذلك الأزهر الشريف بهدف الوصول لأفضل صيغة لبنود القانون بما يتماشى مع طبيعة الصكوك السيادي وأسواق المال الحكومية وأيضًا للتأكد من توافق جميع مواده مع مبادئ الشريعة الإسلامية.
أدوات مالية مستحدثة
وقال مدحت نافع الرئيس الأسبق للشركة القابضة للصناعات المعدنية أن الصكوك أحد المنتجات قديمة الذكر في سوق المال المصرى ، لكنها واجهت مشكلات في البرلمان بسبب خلافات سياسية ، ممنوهاً أنه بعد إحياء التجربة في 2008 والتي ارتبطت بصكوك الملكية الشعبية وفي عام 2010 كان قانون سوق المال يتضمن أيضا ذكر الصكوك والتي كانت متروكة وقتها إلى نشرة الطرح للخوض في التفاصيل، موضحاً أن الشركات تبحث حالياً استخدام أدوات مالية مستحدثة وأدوات تحوط، وأن شركة النصر للسيارات تسعى إلى إصدار صكوك وسندات خضراء قابلة للتحويل، وكذلك مصر للألومنيوم ضمن خطة تحويل 84% من استخداماتها من الطاقة إلى الطاقة المتجددة ولا يوجد موانع لدى الشركات لإصدارها.
” الصكوك ” و ” المستثمرين ”
وأشار النائب أحمد فرغل وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب إلى أن مشروع الصكوك السيادية تهدف إلى زيادة استثمارات المستثمرين الحاليين فى الإصدارات الحكومية بإعتبار أن الصكوك منظمة طبقًا لأحكام المشروع وتصدر طبقًا لأى من الصيغ المتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية، ما يؤدى إلى اشتراك طائفة من المستثمرين عزفوا عن ضخ استثمارات فى الإصدارات الحكومية الحالية من الأوراق المالية وأدوات الدين.
هذا وتوضح نسخة مشروع قانون الصكوك السيادية التعديلات التي أدخلتها اللجنة الاقتصادية علي النص الحكومي، والتي تضمنت تعديل مسمي “ الشركة ذات الغرض الخاص ” لتصبح شركة التصكيك السيادى، والتي بموجب هذا القانون تقوم بإدارة وتنفيذ عملية التصكيك، وإبرام التعاقدات اللازمة طبقًا لهذا القانون بصفتها وكيلا عن مالكى الصكوك السيادية.
مُفضلة لدى البنوك الإسلامية
وقال دكتور محمد البلتاجىى رئيس الجمعية المصرية للتمويل الإسلامى إن بدء التحرك فعليا نحو آلية الصكوك، خطوة إيجابية ستجذب أحجامًا كبيرة من رءوس الأموال للسوق المحلية سواء من الداخل، والخارج ، وأن الصكوك ستكون أداة تمويلية مُفضلة لدى البنوك الإسلامية، أو غير إسلامية على السواء، والتى ستقوم بإصدارها استغلالاً لفوائض رءوس أموالها، وبديلاً عن أذون الخزانة ، موضحاً أن شركات التصكيك تقوم بطرح الصكوك واستخدام حصيلة الإصدار فى تمويل الجهات المستفيدة والتى تتولى تنفيذ مشروعات فى مجالات متعددة .
اشراك المواطن فى التطوير
وأكد المهندس محمد عبد العاطى، خبير الاستثمار والتنمية الصناعية ، أن مشروع قانون الصكوك السيادية يُساهم فى جذب الاستثمارات وخاصة المستثمرين المهتمين بالاستثمار طبقًا لمبادئ الشريعة الإسلامية ، إضافة لما فيه من الفوائد كثيرة أهمها توفير السيولة النقدية، وأن مخاطرها أقل للمستثمرين لأنها تمكنه من بيعها لطرف ثالث إذا شعر بخسارة ، منوهاً أن الصكوك السيادية لا تمثل دين على المصدر ، كما أنها تدخل مصر في عالم التمويل الإسلامي الذي بلغ حجم تعاملاته الى 2.7 تريليون دولار بنهاية يونيو 2020 ، كما أنها أكثر راحة للمستثمر لأنها ليس لها فوائد ربوية فهو شريك فى الأصل بالمكسب أو الخسارة ، كما أن الصكوك تجذب شريحة كبيرة من البنوك والمؤسسات الدولية داخل وخارج مصر التى تريد الاندماج والمشاركة الاقتصادية لثقتهم فى الاقتصاد المصرى ما يساعد على جذب العديد من المشروعات والاستثمارات .
أوضح ” عبد العاطى” أن الصكوك السيادية تخفف عجز الموازنة ، اضافة الى أنها تهدف الى اشراك المواطن فى عملية التطوير والتنمية من خلال المشروعات القومية التى تقيمها الدولة ، موضحا أن الصك هو أداة تهدف لزيادة الاستثمارات فى مشروعات وجذب الايرادات واطالة مدة سداد الدين وتقليل الفائدة .
كيف تصدر الصكوك السيادية
ينشئ مشروع القانون شركة تسمى شركة التصكيك السيادي، بموجبها تدير وتنفذ عملية التصكيك وتبرم التعاقدات اللازمة طبقًا للقانون بصفتها وكيلًا عن مالكي الصكوك السيادية .. وتخضع عملية الإصدار إلى لجنة عليا للتقويم من الخبراء المعنيين، لتقويم حق الانتفاع أو تأجير الأصول التي تصدر الصكوك بناءً عليها.مهمة الصكوك تستخدم حصيلة الصكوك في تمويل الموازنة العامة للدولة، لتمويل المشروعات الاستثمارية والاقتصادية والتنموية المدرجة بخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة، كما سيكون للصك موعدًا محددًا للاستحقاق بمدة لا تزيد عن 30 عامًا من تاريخ إصداره، وعند نهاية عمره، يسترد مالكه قيمته وينتهي حق الإنتفاع المقرر على الأصول التي اتخذت أساسًا لإصداره.
هذا وينص القانون على أن الصكوك السيادية تصدر في شكل شهادة ورقية، أو إلكترونية بالمواصفات التي تحددها اللائحة التنفيذية، وتكون اسمية، متساوية القيمة، ومُبينا بها عُمر الصك بالجنيه المصري، أو بالعملات الأجنبية، عن طريق طروحات عامة، أو خاصة بالسوق المحلي، أو بالأسواق الدولية .