توفيت السيدة جيهان السادات قرينة الرئيس الراحل محمد أنور السادات بطل الحرب والسلام، ، بعد صراع قصير مع المرض منذ أكثر من سنة ونصف أو سنتين ..
ونعت رئاسة جمهورية مصر العربية ببالغ الحزن والأسى السيدة جيهان السادات، والتي قدمت نموذجاً للمرأة المصرية في مساندة زوجها في ظل أصعب الظروف وأدقها، حتى قاد البلاد لتحقيق النصر التاريخي في حرب أكتوبر المجيدة الذي مثل علامةً فارقةً في تاريخ مصر الحديث، وأعاد لها العزة والكرامة .. أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، قرارًا بمنح السيدة جيهان السادات، التي وافتها المنية صباح اليوم الجمعة، وسام الكمال، وإطلاق أسم السيدة جيهان السادات على محور الفردوس.
وُلدت جيهان صفوت رؤوف أو جيهان السادات كما عرفت في حيِّ الروضة بمدينة القاهرة 29 أغسطس عام 1933م لأم بريطانية مسيحيَّة هي السيدة (جيلاديس تشارلز كوتريل) وأب مصري مسلم هو السيد صفوت رؤوف تعود جدذوره إلى صعيد مصر – موظف بوزارة الصحة –وكانت الثالثة بين أربعة أطفال في أسرة والدها صفوت رءوف أخوتها مجدي يكبرها بعشر سنوات، وعلي بسبع سنوات، وداليا .
كما ذكرت السيدة جيهان في ” كتاب سيدة مصر “: لم أعرف أن أسمى جيهان حتى بلغت الحادية عشرة من عمرى ، وجيهان أسم فارسي اختاره والدي وهو يعنى العالم ، وكانت أمى – وهى انجليزية – تطلق على أسم جين وهذا هو الأسم الذى نادانى به والدى.. كنا جميعاً نميل إلى الشقرة ليس فقط من ناحية أمى الإنجليزية، ولكن من ناحية والدى أيضًا و كان والد أبى من الصعيد من أصل فرعوني خالص يمتاز بالطول واللون الأسمر وبرغم ذلك فأنه كان ناصع البشرة و أزرق العينين، و كان والدى وعمى وعمتان أيضا بنفس اللون ومثل جميع الأسر المصرية كنا مترابطين تمامًا.
تلقت تعليمها الأول في مدرسة الإرسالية المسيحية في الروضة خلال الأربعينيات ثم درست بمدرسة الجيزة الثانوية في سن 11 سنة.. الجيزة وتغيرت حياتى ولم أعد أذهب لمدرسة تضم بنات وبنين كما كانت عليه مدرستى ، و إنما ذهبت إلى مدرسة حكومية بنات فقط .
في سن المراهقة نما توهجها الدينى بكل حماس و اخذت تقرأ القرآن مرتين في اليوم وبدلاً من الصيام في شهر رمضان فقط أخذت تصوم مرة أو مرتين .. و عندما كانت في الثانية عشرة تأثرت بموجة الوطنية التي كانت تحتاج البلاد ،ففي 1945 كانت الحرب العالمية الثانية قد أنتهت و انتصر البريطانيون لماذا لا يجلون عن مصر ليحكمها المصريون و يذهبون إلى بلادهم ؟ أصبحت وأنا مازلت تلك الفتاة الصغيرة مفعمة بشعور حب الوطن و تحرير مصر من المستعمرين الأجانب. كما أشعلت أمى الإنجليزية في أعماقي حبى لمصر ، فقد أشعلت العمة زوزو وصديقاتها في داخلى الافتخار بالنساء و قرأت كفتاة صغيرة قصصًا كثيرة عن بطولات النساء .
وعن قصة لقائها مع السادات للمرة الأولى في السويس لدى قريب لها صيف عام 1948م، هو حسن عزت زوج أبنة عمتها وكان صديقًا لمحمد أنور السادات ضابط الجيش الذي ترك الخدمة بعد المحنة التي اجتازها في قضية اغتيال أمين عثمان وزير المالية الذي لقي مصرعه في يناير 1946، وطوال الصيف لم يكن هناك حديث سوى أنور السادات و المحنة التى اجتازها هو و زملاءه المتهمون في قضية اغتيال أمين عثمان وزير المالية وكانت الصحف تطالعنا كل يوم بصور الضابط أنور السادات بزعم أنه قائد المجموعة المتورطة في حادث الإغتيال .
ولقد كان إعجابي بالسادات والرجال الأخرين الشجاعن يتزايد مع قراءة كل موضوع .. وكانت فصول المحاكمة قد شدتها إليه قبل أن تراه أو تعرفه، وجاء أنور السادات لزيارة حسن عزت و لم أصدق أنه في منزلنا وجاء أنور السادات لزيارة حسن عزت و لم أصدق أنه في منزلنا .
وعرفت من حسن عزت أن اسرة أنور فقير مثله تمامًا و أن الحياة كانت دائمًا لأنور درًبا من الكفاح، حتى أثناء طفولته أعجبت به فقد كان الصورة البطولية لأحلامي وتعلقى به وأنا مراهقة سرعان ما تحول إلى حب .
وتقول السيدة ” جيهان ” : كنت أعلم أنه يحبني ولكن اضطراب أنور في ازدياد ليس فقط خمسة عشر عامًا فارق السن بيننا، ولكن أيضًا انغماسه وتكريس نفسه للسياسة والتزاماته لأسرته كان متزوج من السيدة إقبال ماضي وأنجب منها ثلاث بنات قبل أن ينفصلا وهن راوية ورقية وكاميليا.
و كان الزواج الثاني في ذلك الوقت حسب رأيه ضربًا من المستحيل لم يكن في مقدوره إعالة إسرته وقام والده بهذه المهمة في حدود طاقته ولكن هذا لم يكن كافيًا .. وقررت الزواج منه رغم كل ظروفه الصعبة .
في 29 مايو 1949 كان زواجهما بعد خطبة دامت بضعة شهور، وكانت شقتهما في جزيرة الروضة، وأنجبت له أربعة أولاد، هم: لُبنى وجمال ونهى وجيهان الصغيرة.
شاركت جيهان السادات زوجها الرئيس الراحل معظم الأيام والأحداث الهامة التي شهدتها مصر، بدءاً بليلة الثالث والعشرين من يوليو عام 1952م حينما اندلعت الثورة، مروراً بالصراعات التي قامت داخل مجلس قيادة الثورة والمناصب المختلفة التي تولاها السادات أثناء رئاسة عبد الناصر لمصر، رافقت السادات في زيارته المثيرة للجدل التي قام بها إلى الولايات المتحدة الأمريكية حينما كان رئيساً لمجلس الشعب المصري عام 1966م.
بدأت نشاطها العام بداية الستينيَّات إلا أن دورها بدأ يتبلور بعد تعيين السادات نائباً لرئيس الجمهوريَّة في التاسع عشر من ديسمبر عام 1969م، ثم اختياره رئيساً بعد وفاة عبد الناصر في الثامن والعشرين من سبتمبر عام 1970م.
بدأ نجمها يظهر بشكل كبير بعد حرب أكتوبر 1973، حيث اصطحبت السيدات المتطوعات للخدمة بالمستشفيات إلي مكة المكرمة لصلاة الشكر لله ثم إلي منطقة القناة لتشكر الجنود المرابطين هناك.
في سن 41 سجلت نفسها طالبة بجامعة القاهرة، وحصلت علي الليسانس 1973، حصلت علي الماجستير في الأدب العربي، وشاهدها الملايين وهي تناقش الرسالة عبر شاشة التلفزيون شاركت في المؤتمر الأول للمرأة العربية والإفريقية والذي حضرته بالقاهرة 200 سيدة من 30 دولة.
بداء اهتمامها بالمرأة الريفية من خلال مشروع جمعية تلا التعاونية لتعليم القرويات الحياكة والتريكو، فكانت بداية لسيدات الأعمال الريفيات، مع إقامة معارض لتسويق الإنتاج ثم انغمست بعد حرب أكتوبر في مجال الخدمات الاجتماعية.
رأست جيهان السادات خلال فترة حكم زوجها 30 منظمة وجمعية خيرية ( الهلال الأحمر، جمعية بنك الدم، رئيس شرف لتنظيم الأسرة، الجمعية المصرية لمرضي السرطان، جمعية الخدمات الجامعية)، أنشأت مركزا للعناية بالمعوقين 1972، ومركز تدريب لتأهيل المحاربين القدماء أطلقت عليه اسم ” مدينة الوفاء والأمل”، لرعاية مرضى السرطان، وتم افتتاح أول قرية أطفال SOS لتسع 300 طفل في القاهرة وأخرى بالإسكندرية وثالثة بطنطا، ومشروع لكفالة الطفل اليتيم.
من أهم نشاطاتها شن حملة قوية – رغم المعارضة – من أجل حقوق النساء .
رشحت جيهان السادات نفسها “مستقلة” عام 1974 للحصول علي مقعد في المجلس الشعبي في المنوفية الذي يضم ممثلي 300 قرية وذلك بهدف إظهار دور المرأة السياسي و إفساح الفرصة للنساء الريفيات للمساهمة في السياسة، وأعيد انتخابها عام 1978 وخدمت 3 سنوات كأول سيدة رئيس لمجلس شعبي في مصر.
قادت جيهان السادات الدعوة لتنظيم الأسرة وسعت لتعديل قانون الأحوال الشخصية لصالح المرأة وإن كان قد حكم بعدم دستوريته.
حصلت علي الدكتوراه، بعد وفاة الرئيس 1981 وكرست جهودها للتدريس، وإلقاء المحاضرات في الجامعات العالمية تركت جيهان السادات جامعة ساوث كارولينا في عام 1986 وأصبحت أستاذة زائرة في جامعة رادفورد في فرجينيا، كما حصلت على درجة الدكتوراه في النقد الأدبي من جامعة القاهرة في ذلك العام أيضا.
وأصبحت جيهان السادات أستاذة الدراسات الدولية في جامعة ميريلاند في عام 1993، ومنحت كرسيا هناك للسلام والتنمية باسم زوجها الراحل.
ووزعت وقتها بين الإقامة في مصر وأمريكا ثم أصبحت إقامتها الدائمة في القاهرة، أصدرت كتابها عن ذكرياتها بعنوان “سيدة من مصر” وأصدرت بعد ذلك كتاب أملي في السلام .