من سقطوا أيضا في الدور الأول, ثم قاموا: لوط البار سقط في اختبار (عدم محبة المادة) فأحب السكني في أرض سادوم, لأنها كانت أرضا معشبة, أرض سقي كجنة الرب, كأرض مصر (تك 13:10). ولم يهتم بحالتها الروحية.
وسقط للمرة الثانية, لأنه بعد أن سبي مع أهل سادوم في حرب الأربعة ملوك, عاد وسكن في سادوم مرة أخري. وقال عنه القديس بطرس الرسول كان البار بالنظر والسمع ـ وهو ساكن بينهم ـ يعذب نفسه البارة يوما فيوما بالأفعال الأثيمة (2 بط2: 8).. إلي أن أنقذه الله وقد كان (مغلوبا من مسيرة الأردياء في الدعارة (2 بط 2:7).
إن لوط البار نوع من الناس الذين نجحوا, لا بمجهودهم الخاص, بل بنعمة من عند الله, الذي تحنن عليه (تك19).
ما أكثر الذين نجحوا بالنعمة, وربما لا يستحقون النجاح, هناك مثال لإنسان نجح أولا بالغش وبالحيلة هو يعقوب أبو الآباء, الذي بغشه لأبيه نجح في أخذ البكورية وكانت أمه هي التي غششته (تك27). كما أنه كان من قبل بالحيلة اشتري البكورية من أخيه عيسو (تك 25:29ـ34).
وقد أدبه الله علي غشه, وقال يعقوب عن حياته لفرعون أيام سني غربتي قليلة وردية (تك 47:9).
ومن الذين سقطوا, ثم نالوا النجاح بالخلاص الإلهي: أبوانا الأولان آدم وحواء.
سقطا في امتحان (المعرفة). فأخذا المعرفة عن الشيطان, أي الحية القديمة, فأغراهما وخدعهما, وكسرا وصية الله, وكانت نتيجة السقوط طردهما من الجنة. ولكنهما عادا فنجحا حينما جاء السيد, وناب عنهما وعن الجنس البشري في كل شيء, ومنحهما ومنح كل أولادهما الخلاص بدمه الكريم.
وهناك إنسان كاد يسقط فعلا في الامتحان. ولكنه نجح بواسطة امرأة حكيمة عرفته الإجابة السليمة في الامتحان العملي.
هذا هو داود النبي, الذي كاد ينتقم لنفسه ويقتل نابال الكرملي وكل ما له. وأنقذته من السقوط أبيجايل بحكمتها.
قابلته قبل الامتحان العملي, وأظهرت له النتائج الخطيرة لما ينوي أن يعمله, ونصحته بأسلوب مهذب أمكن أن يقبله, فشكرها علي الإجابة الصحيحة التي أظهرتها له.. وقال لها مبارك عقلك ومباركة أنت, لأنك منعتني اليوم عن إتيان الدماء وانتقام يدي لنفسي (اصم 25:33).
وكان داود هنا مثلا لمن نجح بعقلية غيره, لا بعقليته هو.
كان سليمان أيضا من الذين سقطوا ولكنه قام أخيرا سقط في مادة النساء, وفي مادة الترف, إذ اتخذ لنفسه زوجات غريبات يعبدن آلهة غريبة ومن جهة الترف قال عن نفسه ومهما اشتهته عيناي لم أمسكه عنهما) (جا 2:10).
وقيل في سقوط سليمان (وكان في زمان شيخوخة سليمان, أن نساءه أملن قلبه وراء آلهة أخري ولم يكن قلبه كاملا مع الله كقلب داود أبيه.. عمل سليمان الشر في عيني الرب, ولم يتبع الرب تماما كداود أبيه….) (امل 10:4 ـ 6).
وتاب سليمان ونجح في الدور الثاني, كما يظهر في سفر الجامعة الذي قال فيه باطل الأباطيل. الكل باطل وقبض الريح (جا2:11) وذلك بعد أن أدبه الرب, حسب وعده لأبيه داود قائلا (أقيم بعدك نسلك الذي يخرج من أحشائك.. إن تعوج أؤدبه بقضيب الناس وبضربات بني آدم. ولكن رحمتي لا أنزعها منه) (2صم 7: 12ـ 15).
ومن الذين سقطوا في الدور الأول, ثم نجحوا أخيرا: شمشون الجبار سقط هذا الجبار في مادتين: مادة حفظ النذر, ومادة النساء. فبسبب محبته لدليلة, استسلم لها وباح لها بسره, فقصت شعر رأسه وهكذا كسر النذر, وكانت النتيجة أن أعداءه أذلوه إذلالا شديدا, وفقأوا عينيه, وكان يجر الطاحون كالحيوان قض16. ولكنه نجح أخيرا وانتصر. ووضعه بولس الرسول ضمن رجال الإيمان عب11:32..
سقطوا وفصلوا
تعرض البعض للامتحان فرسبوا, واستمروا في الرسوب, وفصلوا فصلا نهائيا.
لعل في قمة هؤلاء: الشيطان
كان ملاكا. وكان كاروبا ملآن حكمة وكامل الجمال حز 28:12. ولكنه سقط في مادة العظمة والكبرياء حينما قال في قلبه أصعد إلي السموات. أرفع كرسي فوق كواكب الله… أصعد فوق مرتفعات السحاب أصير مثل العلي (إش 14:13, 14).
فسقط. ولم يكتف بسقوطه, بل عمل علي إسقاط الآخرين من الملائكة والبشر, ولايزال هكذا حتي الآن, يقحم نفسه في كل امتحان للناس, ليوقعهم في إجابة خاطئة, ويفرح بسقوطهم.
وقد تم فصله نهائيا من ملكوت الله, وبعد صلب السيد المسيح قيد ألف سنة… وسينتهي إلي بحيرة النار والكبريت رؤ 20:2, 10.
لم يكن له دور ثان لينجح فيه, لأنه سقط في كل الأدوار وأصبح السقوط هو هوايته وحرفته!!
من الذين سقطوا نهائيا: أخاب الملك
هذا الذي لم يكتف بنشر عبادة الأصنام هو وزوجته إيزابل وإنما سقط أيضا في امتحان شهوة الاقتناء وامتحان السلطة فاشتهي أن يمتلك حقل نابوت اليزرعيلي وساعدته زوجته علي ذلك بتلفيق تهمة التجديف ضد نابوت والحصول علي شهود زور وانتهي الأمر بامتلاك أخاب للحقل, بعد قتله لنابوت اليزرعيلي.
وأمرالرب إيليا النبي أن يبلغ أخاب حكم الرب وهو: في المكان الذي لحست فيه الكلاب دم نابوت, تلحس الكلاب دمك أنت أيضا.
امل 21:19 وبنفس النهاية انتهت إيزابل أيضا.
ومن الذين سقطوا وفصلوا فصلا نهائيا: قايين القاتل.
وهو أول إنسان لعنه الله قائلا ملعون أنت من الأرض التي فتحت فاها لتقبل دم أخيك من يدك.. تائها وهاربا تكون في الأرض (تك 4:11, 12) فصله الرب من ملكوته وشعر قايين بهذه العقوبة فقال للرب ذنبي أعظم من أن يحتمل أنك قد طردتني اليوم عن وجه الأرض, ومن وجهك أختفي (تك4: 14).
وبالمثل يفصل الرب من ملكوته كل من نشر الوثنية مثل أخاب, وكل من قتل غيره كأخاب وقايين ومات بدون توبة.
مثل ذلك يربعام امل 12:28 ـ 33 وعمري 1مل 16:25, 26 وأخزيا بن أخاب امل 22:51, 52, ومثل منسي 2مل 21: 1ـ 7 وغيرهم من ملوك العهد القديم, ومن ملوك الأمم, ومن جميع الملحدين.
من الامتحانات التي قدمها الرب أيضا للناس: الرؤي والأحلام الكاذبة. والمعلمون أو الأنبياء الكذبة.
وفي ذلك قال الرب في سفر التثنية إذا قام في وسطك نبي أو حالم حلما, وأعطاك آية أو أعجوبة. ولو حدثت الآية أو الأعجوبة التي كلمك عنها. قائلا لنذهب وراء آلهة أخري لم تعرفها وتعبدها, فلا تسمع لكلام ذلك النبي أو الحالم ذلك الحلم, لأن الرب إلهكم يمتحنكم لكي يعلم هل تحبون الرب إلهكم من كل قلوبكم (تث 13: 1ـ 3).
وهكذا كان كل المبدعين والهراطقه من كل المعلمين والشخصيات الكبيرة كانوا امتحانا للناس: هل يتبعونهم بكل ما يقدمه هؤلاء من تعاليم عالية في نظرهم: هكذا كان أريوس أكبر واعظ في الإسكندرية في عصره. وهكذا كان أوطاخي أتقي راهب في القسطنطينية. وغير ذلك من المعلمين الذين أذهلوا الناس بتعليمهم وابتدعوا.
وأيضا امتحن الناس بالعجائب والرؤي
لأجل ذلك قال القديس يوحنا الحبيب, لا تصدقوا كل روح, بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله, لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلي العالم.. (1يو 4:1).
ولعل أخطر مثال هو الـ Anti Christ ضد المسيح, الذي يلقبه البعض بالمسيخ الدجال, الذي سيجيء في آخر الزمان ويكون سببا للارتداد العظيم الذي مجيئه بعمل الشيطان. بكل قوة وبآيات وعجائب كاذبة. وبكل خديعة الإثم في الهالكين, (تس 2:9, 10).