موضوع هام وشيق وهو نظرة السيد المسيح في الأيقونة
وهل لها أبعاد أو معاني خصوصا وقد استخدم بعض الفنانين نظرات الأعين كلغة تعبيرية عن الموقف أو الحدث لتوصيل المعلومة وقراءة .الأيقونة
وفي هذا الصدد يقول نيافة الأنبا مارتيروس أسقف شرق السكة الحديد:
لقد اهتم عدد كبير من الفنانين القدامي من خلال ما يقدمونه لتوصيل رسالة للبشرية،
فإلى أين تتجه نظرة عين السيد المسيح؟
يتبين لنا سرا في الموضوع، لقد اعتاد الفنان المسيحي أن يخفي أسراره خلف الخطوط والألوان، بسبب ما ورثه من تخوفات وقت الاضطهاد الروماني، الذي حاول أن يقضي على المسيحية والهوية الجديدة التي ينتمي إليها أتباع المصلوب، فشرع يسحق الفن المعبر عن تلك الهوية، فالتجأ الفنان إلى الرمزية، ولغة الإشارات، وحدث عندما زال الاضطهاد، حلت الواقعية في الفن، حيث بدأت الحرية في الفن، فظهرت أيقونات السيد المسيح، والعذراء، والشهداء والقديسين، بل ورسمت أحداث من الكتاب المقدس بعهديه صراحة، ولكن لم يتخل الفنان المسيحي عن أسراره في الأيقونة، حتى هذه اللحظة، ومازالت تختفي أسراره خلف الخطوط والألوان.
دعونا نأتي إلى التمعن على سبيل المثال لنظرة السيد المسيح بعينه، ونتسائل لماذا ينظر يمينا؟!، أو يسارا؟!، أو في اتجاه واحد؟!، ثم نتفاجئ بأمر غريب حيث حركة الوجه أيضا ، فهي تحوي شبهة سرا خفية، كيف ذلك؟ وما السر فيما اتسم به الوجه من حيث الصرامة والبساطة؟ لقد اكتشف المتخصصون في الأيقونجرافي ، أنه عندما ينظر المسيح إلى ناحية اليسار يصير وجهه صارم، ومتجهم غير راض، بل ويحمل ملامح التهديد والوعيد ، نعم إنه يحمل التهديد والوعيد مع العتاب الشديد، للذين عن يساره، الذين لم يرحموا الفقير الجائع والمريض والعريان والمحبوس في آلامه، واكتشف العلماء أيضا أنه عندما ينظر لناحية اليمين، تجد ملامحه وديعة، مريحة، مرحبة لمن هم عن يمينه، الذين رحموا الفقير في جوعه، وعطشه، وعريه، ومرضه، وسجنه، لأن كل تلك الأفعال كانت في الأساس مع المسح نفسه، حيث قال “بي قد فعلتم”.
وقد وصل الأمر بالفنان أن يرسم نصف وجهه اليسار بنظرة مهددة وخد صارم، ونصف وجهه اليمين بنظرة مرحبة وخد وديع متناسق، كنت ذات مرة أتطلع إلى إحدى الأيقونات التي تحوي رسم للسيدة العذراء مريم تحمل ابنها السيد يسوع الابن الكلمة، وقد استرعاني ما رأيت!! أن نظرة كلاهما ناحية اليمين فقط!! حيث يريد الفنان أن يظهر محبتهما للأبرار الذين عن يمينه فقط، حيث إن السيد المسيح ووالدته العذراء مريم سوف لا ينظران إلا للمستحقين فقط، كما جاءت الآية “يقُولُ الرَّبُّ وَإِلَى هذَا أَنْظُرُ إِلَى الْمِسْكِينِ وَالْمُنْسَحِقِ الرُّوحِ وَالْمُرْتَعِدِ مِنْ كَلاَمِي. أش٦٦ – ٢: 2