يواجه أربعة ملايين من المواطنين الأثيوبيين، جوعاً شديداً في إقليم تيجراي بشمال إثيوبيا، وأكثر من 350 ألف منهم يعيشون الآن ظروف المجاعة الكارثية، وبحسب بيانات التقرير ” التحليل الصادر عن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، لتابع للوكالات الإنسانية بالأمم المتحدة ” فإنه في تيجراي ومنطقتي أمهرة وعفار في شمال أثيوبيا ، يقع أعلى معدل لهذه الكارثة الإنسانية بين شهري مايو ويونيو 2021 ، منذ عام 2011 أثناء المجاعة في الصومال.
وطبقاً للبيانات فانه حتى مايو 2021،هناك 5.5 مليون شخص اي 61 % من سكان المنطقة، يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، و 3.1 مليون شخص في حالة أزمة غذاء ومعيشة حادة، و2.1 مليون شخص في حالة إغاثة إنسانية، مرحلة طارئة.
في هذا الصدد، أعربت الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، وهي منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، وبرنامج الأغذية العالمي، واليونيسف، عن قلقها بشأن الوضع في إقليم تيجراي، حيث يلوح شبح المجاعة في الأفق، ما لم يستمر توسيع نطاق المساعدات الغذائية وسبل العيش وغيرها من التدخلات المنقذة للحياة، وضمان الوصول دون عوائق ووقف الأعمال العدائية .
أسباب المجاعة
قال متحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إن إعاقة الحركة الإنسانية والاستجواب والاعتداء على العاملين في المجال الإنساني واحتجازهم عند نقاط التفتيش العسكرية في إقليم تيجراي الإثيوبي، لا تزال مستمرة، ولا يزال يتعذر الوصول إلى العديد من المناطق في منطقة تيجراي”، مضيفا أنه “في المناطق التي يمكن الوصول إليها، فإن الوضع مروع، بما في ذلك أنظمة مياه غير فعالة ومحدودية المرافق الصحية أو انعدامها.” في النزاع بين الحكومة التي يترأسها أبي أحمد وبين إدارة إقليم تيجراي بلغ أشده.
وبحسب التقرير ، فإن سبب انعدام الأمن الغذائي الحاد في تيجراي هو النزاع المسلح الذي أدى إلى نزوح جماعي للسكان، من بطش القوات التابعة لحكومة أبي احمد، ومن يناصرها من حلفاء على الحدود، مما أدى لتدمير واسع النطاق لسبل العيش والبنية التحتية الحيوية وفقدان فرص العمل، كما حد الصراع من الوصول إلى الأسواق.وقال المدير العام لمنظمة الفاو، شو دونيو: “تأثرت المجتمعات الريفية في شمال إثيوبيا بشكل خاص بالنزاع. وتم تدمير العديد من المزارع وفقدان الأصول الإنتاجية مثل البذور والماشية ” .
وأضاف أنه من الضروري مساعدة هذه المجتمعات على إطعام أسرها، ودعم إنتاج الغذاء المحلي مما يمهد الطريق للتعافي بشكل أسرع. لكن لمساعدة الأشخاص على شفا المجاعة، “نحتاج إلى الموارد والوصول – وكلاهما لا يزال يمثل مشكلة ” .
ومن المتوقع أن تزداد حدة انعدام الأمن الغذائي الحاد خلال شهر سبتمبر، لاسيما في تيجراي، حيث من المتوقع أن يواجه أكثر من 400 ألف شخص ظروفا كارثية بدون مساعدات عاجلة ودون عوائق.
وقد أطلق برنامج الأغذية العالمي بسرعة عملية مساعدة غذائية طارئة ونشر أكثر من 180 من طواقمها مع زيادة توزيع المواد الغذائية لتصل إلى 1.4 مليون شخص، “لكن هذا بالكاد نصف العدد الذي يجب الوصول إليه، بحسب المدير التنفيذي للبرنامج، ديفيد بيزلي.
يقول بيزلي: “الواقع القاسي لموظفينا في تجراي هو أنه مقابل كل أسرة نصل إليها بالطعام المنقذ للحياة، هناك عدد لا يحصى لا سيما في المناطق الريفية الذي لا يمكن الوصول إليه. لقد وجّهنا نداء من أجل وصول المساعدات الإنسانية، لكن الجماعات المسلحة لا تزال تمنعنا”.
وأشار إلى أن قدرة السكان في تيجراي على الوصول للخدمات الحيوية، ووصول برنامج الأغذية العالمي إليهم بالمساعدات الغذائية، أمران ضروريان لدرء الكارثة. موضحاً: “يجب أن يمتد الوصول إلى ما هو أبعد من المدن الرئيسية للوصول إلى الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليها أينما كانوا، بمساعدة كافية ودون تأخير”. .
وبحسب برنامج الأغذية العالمي، في 53 قرية زارتها فرق الوكالة، يعاني 50 % من الأمهات وما يقرب من ربع الأطفال الذين خضعوا للفحص من سوء التغذية. والملايين من الناس بحاجة ماسة إلى الغذاء، بدونه، يموت الكثير منهم.
قلق على حياة الأطفال
من جانبها، قالت هنرييتا فور، المديرة التنفيذية لمنظمة اليونيسف: “نحن نرى المزيد والمزيد من الأطفال الصغار والرضّع ينزلقون بشكل كبير ويقتربون من المرض والموت المحتمل بسبب سوء التغذية”.وأضافت أن اليونيسف تعمل مع الشركاء على توفير التغذية والرعاية الصحية ودعم المياه النظيفة.
وأوضحت: “يعاني ما يقدّر بنحو 33 ألف طفل من سوء التغذية الحاد في المناطق التي يتعذر الوصول إليها حاليا في تيغراي وهم معرّضون بشدة لخطر الموت. لا يمكن للعالم أن يسمح بحدوث ذلك”..
جذور الصراع
وأتى الصراع بعد فترة طويلة من التوتر بين رئيس الحكومة الفيدرالية أبي أحمد من جهة، وجبهة تحرير شعب تيجراي، ” القوة المهيمنة في السياسة الأثيوبية إلى حين وصول آبي أحمد إلى الحكم عام 2018″ من جهة اخرى، واندلع الصراع على عدة جبهات، و انخرطت فيه قوات متعددة مختلفة، بعد إعلان آبي أحمد شنّ هجوم عسكري، ردّاً على تعرّض قاعدة عسكرية لاعتداء في ميكيللي، عاصمة الإقليم.
وانضمت قوات الأمهرة المسلحة، من المناطق المجاورة في جنوب وجنوب غرب تيجراي، للقتال إلى جانب الجيش الفيدرالي ضدّ جبهة تحرير شعب تيجراي.
وعلى الرغم من تمكن الحكومة الفيدرالية من السيطرة على جزء كبير من تيجراي في غضون أسابيع -هذا في مارس الماضي- إلا أن الوضع الأمني لا يزال متقلبًا مع ورود تقارير عن قتال دائر في بعض المناطق.. اتهامات أميركية لأبي أحمد بالتآمر مع قوات الجيش الإريتري للتدخل العسكري في تجراي من الحدود الشمالية، لدعم قوات الحكومة الإثيوبية ضد الإدارة المؤقتة في إقليم تيجراي بأثيوبيا.