ثم نسألكم أيها الإخوة أن تعرفوا الذين يتعبون بينكم ويدبرونكم في الرب وينذرونكم, وأن تعتبروهم كثيرا جدا في المحبة من أجل عملهم. سالموا بعضكم بعضا. ونطلب إليكم أيها الإخوة: أنذروا الذين بلا ترتيب. شجعوا صغار النفوس, أسندوا الضعفاء. تأنوا علي الجميع. انظروا أن لا يجازي أحد أحدا عن شر بشر, بل كل حين اتبعوا الخير بعضكم لبعض وللجميع. افرحوا كل حين. بلا انقطاع. اشكروا في كل شيء, لأن هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم. لا تطفئوا الروح. لا تحتقروا النبوات. امتحنوا كل شيء. تمسكوا بالحسن. امتنعوا عن كل شبه شر
(الرسالة الأولي إلي تسالونيكي 5:12-22)
صلوا بلا انقطاع
هناك ارتباط زمني وثيق بين الفرح والصلاة والشكر بمعني أنه لا أستطيع أن أفرح بدون أن أصلي ولا توجد صلاة بدون شكر, ويطلق علي وصية صلوا بلا انقطاع حياة الصلاة الدائمة..
صلاة يسوع:
فكرة الصلاة القصيرة تعتمد علي فضيلة ترك القلب عند الله, فاترك قلبك دائما عند الله, فهو الذي خلقك وأعطاك الحياة, ثم فداك وهو الذي يدبر لك أمورك في كل يوم, بل في كل لحظة وكما يعلمنا الكتاب: لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضا (مت6:21), فسأل نفسك, أين هو قلبك؟ وكما يقول الكاهن في القداس: أين هي قلوبكم؟.
ونجيب جميعنا هي عند الرب, وأسأل أيضا أمنا العذراء, أين هو قلبك؟ بالطبع ستكون الإجابة: إن قلبي عند مسيحي, فاترك قلبك عند الله دائما, والله يستحق هذا لأنه هو الذي أوجدك وأعطاك هذا القلب. وقد أوصانا في الكتاب قائلا: يا ابني أعطني قلبك ولتلاحظ عيناك طرقي (أم23:26), ومن هنا جاءت الصلاة القصيرة التي تقول: ياربي يسوع المسيح ابن الله ارحمني أنا الخاطئ.
الصلاة الدائمة الصلاة السهمية, ولأن كلماتها قليلة تسمي الصلاة القصيرة, ولأن كلماتها تتكرر تسمي الصلاة الدائمة, وتسمي أيضا صلاة يسوع.
وكنيستنا القبطية غنية جدا بالصلاة, ويوجد بها كثير من الصلوات المتنوعة, فمثلا كلمة كيراليسون تعتبر صلاة, وقطع الأجبية عبارة عن صلوات, ويوجد صلوات طويلة مثل العشية والقداسات والتسبحة والمدائح مثل الثيؤطوكيات والإبصاليات, وكلها صلوات ملحنة ومنغمة بالموسيقي لكي ما ترتفع بمشاعر الإنسان, فكلمة الصلاة تصدر من العقل والفم, ووجود موسيقي أو نغم أو كلمات موزونة تعتبر أرقي ما يمكن أن يقدمه الإنسان لله, فقد أعطي الله للإنسان موهبة النطق, لكي ما يسبحه بها, كما أنه أعطاه آلة موسيقية طبيعية وهي الحنجرة, كما أعطاه الوتر الصوتي وهي الأحبال الصوتية, وهي من أرق الأعضاء في جسم الإنسان.
ومن هنا نجد أن التسابيح والصلوات والألحان تقدم في الكنيسة كتعبير حب لله.
الهدف من حياة الصلاة الدائمة:
1- الشعور الدائم بالوجود مع الله.
2- تصل بالإنسان للسكينة, وتعمل علي التخلص الكامل من شوشرة العالم والجسد والعواطف.
+ يقول عنها القديس إسحق تلميذ الأنبا أنطونيوس: إن الصلاة الدائمة في تلاوتها ثقة وسلام وأدوية شفاء من الهموم والأحزان والضيقات, فاجعلها لك رفيق الطريق, اجعلها علي عتبة فمك, واربطها علي صفحات قلبك.
ويروي لنا عن معلمه الأنبا أنطونيوس قائلا: كيف كان عقله يسبي وهو يصلي طوال الليل حتي إذا بدأت الشمس في الظهور قال لها وهو متقد بالروح: لماذا تعوقين؟ أتشرقين لكي تأخذيني من أشواق النور الحقيقي؟!.
لقد واظب الأنبا أنطونيوس علي الصلاة الدائمة, حتي قيل عنه إنه كان يتنفس بالمسيح.
تاريخ الصلاة الدائمة:
الصلاة الدائمة فيها يكون الإنسان في حالة يقظة روحية دائمة, وإحساس بالله مستمر مع سيطرة كاملة علي الأفكار والشهوات.
وتاريخها تاريخ قديم, فأول ما نسمع عنها نسمعه في تعاليم الآباء الكبار, أمثال القديس مكاريوس الكبير, والقديس إسحق تلميذ الأنبا أنطونيوس.
+ رغم بساطة ومرونة هذه الصلاة, إلا أنها لها قوة وفاعلية, فيها نذكر اسم الرب يسوع.. في إخراج الشياطين وشفاء المرضي.
+ هذه الصلاة تبدأ بمجهود وتغصب, فمع الثبات والمثابرة والجهاد يجزل علينا الرب ببركات وقوة ويمتلئ الإنسان بالفرح الداخلي والحرارة والاستنارة.
+ هذه الصلاة يمكنك أن ترددها في كل وقت, سواء في المنزل أو في سيرك في الطريق, تعود علي ذكر اسم الرب يسوع, وليكن لك تقليد لصلاة قصيرة ترددها أثناء سيرك وتذكر اسم الرب يسوع قبل نومك, وخلال نومك وعند قيامك واربطها علي يدك فلا تنساها..
+ هي صلاة تلقائية يمكن أن ترددها ونحن نزاول أنشطتنا اليومية, فهي لا تحتاج إلي مجهود في حفظها مثل الصلوات والمدائح الطويلة.
وهذه الصلاة من الممكن أن تستخدمها وأنت تقوم بأي عمل آخر, مثل الأم وهي تطهي الطعام, وأيضا الآباء الرهبان يصلون هذه الصلاة أثناء تأدية أي أعمال يدوية أو خدمة الزوار في المائدة.
هي عكس الصلوات القانونية التي تكون صعبة في مثل هذه الأوقات تأديتها.
+ هذه الصلاة ينطبق عليها قول الأب ثيؤفان الناسك: اليدان منشغلتان في العمل, والذهن (العقل) والقلب مع الله.
+ ترديد هذه الصلاة يجعلها عادة في اللاوعي, وتجعلك دائما في وجود دائم مع الله, ومن هنا نفهم وصية السيد المسيح حين قال: وقال لهم أيضا مثلا في أنه ينبغي أن يصلي كل حين ولا يمل (لو18:1), ولكن كيف يمكن أن نصلي كل حين, بالرغم من وجود مسئوليات لكل فرد منا من عمل أو دراسة.. إلخ؟
إجابة هذا السؤال, إنه طالما حياتك حاضرة أمام الله باستمرار فهذه تعتبر صلاة, فلا يقطع صلوات الإنسان إلا خطاياه, فمثلا من يستذكر دروسه فهو يقوم بعمل إيجابي لحياته وحياة الإنسانية كلها, وهذه تعتبر صلاة, وهكذا من يقوم بعمله بأمانة فهو بمثابة من يمارس حياة الصلاة.
وأيضا من له علاقة جيدة بأفراد أسرته فهذه صلاة, فاجعل دائما قلبك مرفوعا لله خلال كل عمل تقوم به, وهناك آية جميلة تقول: فإذا كنتم تأكلون أو تشربون أو تفعلون شيئا, فافعلوا كل شيء لمجد الله (1كو10:31) بمعني أنك تحول وتمزج كل أفعالك بروح الصلاة الدائمة, ولكن احذر لأن عدو الخير لا يمل من محاربة الإنسان, فيبعث إليه بأفكار تشتت ذهنه أثناء الصلاة, وكذلك حروب مختلفة قد تكون خفيفة أو ثقيلة من أجل تشتيت الذهن أو ترك الصلاة.
والوسيلة الوحيدة لطرد حروب الفكر الشديدة التي يحاربنا بها عدو الخير هي الصلاة السهمية, ومن هنا سميت سهمية, لأنها تكون كالسهم في إصابته للعدو, وللقديس يوحنا الدرجي هذه العبارة الجميلة: اهزموا واجلدوا أعداءكم, باسم الرب يسوع, لأنه ليس هناك أقوي منه لا في السماء ولا علي الأرض.
+ الترديد التلقائي لاسم ربنا يسوع المسيح لمرونته وبساطته يساعدنا علي الصلاة بلا انقطاع.