لآلئ للحياة من رسائل بولس الرسول
ثم نسألكم أيها الإخوة أن تعرفوا الذين يتعبون بينكم ويدبرونكم في الرب وينذرونكم, وأن تعتبروهم كثيرا جدا في المحبة من أجل عملهم. سالموا بعضكم بعضا. ونطلب إليكم أيها الإخوة: أنذروا الذين بلا ترتيب. شجعوا صغار النفوس, أسندوا الضعفاء. تأنوا علي الجميع. انظروا أن لا يجازي أحد أحدا عن شر بشر, بل كل حين اتبعوا الخير بعضكم لبعض وللجميع. افرحوا كل حين. بلا انقطاع. اشكروا في كل شيء, لأن هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم. لا تطفئوا الروح. لا تحتقروا النبوات. امتحنوا كل شيء. تمسكوا بالحسن. امتنعوا عن كل شبه شر
(الرسالة الأولي إلي تسالونيكي 5:12-22)
افرحوا كل حين
الصورة الرئيسية في الكتاب المقدس هي نغمة الفرح والرجاء والسرور, وجميعها ضمن الوصية افرحوا كل حين…
كيف نقتني الفرح؟
بالفرح تندفع داخلك طاقة متدفقة, يقول أحد الأطباء: الأشخاص السعداء يتعافون من المرض بسرعة أكثر من الحزاني المتذمرين, بل ويعيشون أطول.
ولذلك نقتني الفرح بـ:
1- التواجد مع الله باستمرار
لكي ما تقتني حياة الفرح, تواجد مع الله بصفة مستمرة, وتأكد أن هذه الحياة التي نحياها لا نحياها بمفردنا, لأن الله يتواجد معنا فيها, فهو الذي يراقبها ويضبطها, لأنه هو ضابط الكل ويعرف كل صغيرة وكبيرة فيها, لذا حاول أن تكون قريبا من الله دائما في (عملك ـ في كلامك ـ في دخولك وخروجك ـ في بيتك ـ في خدمتك ـ في مجتمعك الذي تعيش فيه.. إلخ) وأن عرف أ عين الله دائما علي الإنسان الذي خلقه, فكن متواجدا باستمرار في الحضرة الإلهية, وداود النبي يعلمنا في المزمور قائلا: جعلت الرب أمامي في كل حين, لأنه عن يميني فلا أتزعزع, لذلك فرح قلبي, وابتهجت روحي, جسدي أيضا يسكن مطمئنا (مز16:8-9).
التواجد مع الله بممارسة وصاياه, وبالمواظبة علي الصلاة والاعتراف والتناول والاجتماعات الروحية, وبالقراءة في الكتاب المقدس.. كل هذا يجلب لك فرحا داخليا.
إن الرهبان والسواح تركوا العالم لطلب التواجد الدائم مع الله, فجلب عليهم فرحا داخليا..
الأنبا أنطونيوس الذي عاش 105 سنوات كان بشوشا ممتلئا بالفرح, لأنه كان يعيش التواجد الدائم مع الله.
فالإنسان بوجوده مع الله يشعر بقوة وفرح, فتواجد في الجو الإلهي وفي المعية الإلهية, لأنك إن بعدت عن الله ستفقد فرحك, ويكفي أنه أثناء وجودك مع الله تشعر أن هناك كبيرا يقود مسيرة حياتك.
2- عمل الخير
اعمل دائما أشياء جميلة, أشياء تفرحك وتفرح من حولك, اعمل أي شيء حتي لو كان بسيطا مثل زيارة مريض, أو زيارة أحد بيوت الأطفال الصغار, مساعدة الفقراء, إراحة تعبان, إنقاذ مسكين, إنصاف مظلوم, حل مشكلة, تقول كلمة طيبة لشخص ما, تشجع آخر بمكالمة تليفونية, مشاركة الناس أفراحهم وأحزانهم.. إلخ, أي خدمة تقدمها مهما كانت بسيطة تجعل الفرح يحل في قلبك.
مثال.. قصة المفلوج
في قصة المفلوج المدلي من السقف كشفوا السقف حيث كان, وبعدما نقبوه دلوا السرير الذي كان المفلوج مضطجعا عليه (مر2:4), لو تأملنا فيما فعله أصدقاء هذا المفلوج سنجد أنها فكرة جنونية!
ولم يكن هناك شفاء لهذا المفلوج سوي بمعجزة, وأصدقاؤه يشعرون بتعبه ويكنون له محبة كبيرة, ففكروا فيما فعلوه من نقب السقف. كانت فكرة مبدعة, فقد كانوا في قمة الفرح والإيمان, وكان سبب سعادتهم أنهم استطاعوا مساعدة صديقهم في الوصول إلي السيد المسيح رغم ازدحام المكان.
المفلوج لم يفرح وحده, بل أيضا أصدقاؤه الأربعة فرحوا أيضا, لأنهم صنعوا خيرا.
يقول الرب: مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ (أع20:35), إن العطاء والخدمة هو الطريق للوصول للفرح.
3- سلوك طريق الفضيلة
اسلك سلوك الفضيلة, إذا كانت الرذيلة تجلب العار والمرار والفقر والمرض, فإن الفضيلة جميلة تبعث في النفس سلاما وسرورا دائما, وطالما أنت في الحياة الفاضلة, فسلوكيات الفضيلة بصفة عامة تستطيع أن تفرحك, فالخير سيظل خيرا, والوصية ستبقي وصية, فمثلا إذا شاع القتل في العالم كله, هل هذا يعني أنه سيتم إلغاء وصية الكتاب لا تقتل (مر10:19)؟ بالطبع لا, ستظل الوصية تقول: لا تقتل, وسيظل القتل خطية وجريمة, حتي إن شاعت الفوضي..
+ القديس يوحنا المعمدان كان يقتني الاتضاع وفضيلة القناعة, وباقتناء فضيلة القناعة مثلا, جلب الفرح الداخلي بالرضا بالموجود, بالرضا بالظروف المتاحة..
القديس بولس الرسول يكلمنا عن القناعة بأن الطموح في الأمور المادية والمناصب الدنيوية كلها أمور فانية, واعتبرها نفاية وخسرها كلها من أجل ربح المسيح. ولذلك نجده يقول: افرحوا كل حين.
+ اقتناء فضيلة الشكر, الشكر يخفف من وقع الألم, ويعطي النفس تعزية وسلاما, الشكر علي كل حال ومن أجل كل وفي كل حال, سواء الأحزان أو الأفراح, في الراحة أو التعب, في الصحة أو المرض, في العوز أو الغني, في الشباب أو الشيخوخة.. كل هذا يجلب لك الفرح.
سلوك الفضيلة يجعلك دائما راضيا عن نفسك, وهذا الرضا يتحول دائما إلي فرح, فاسلك في الفضيلة بالاتضاع, والقناعة, والشكر, وطالما هذه الأمور متوفرة في حياتك ستجد الفرح علي الدوام.
4- تواجد مع صحبة مفرحة
اجعل بجانبك دائما أصدقاء مفرحين, وليس المقصود بكلمة مفرحين هي روح الدعابة, فهناك صديق يجعلك تشيل الهم, بمعني عندما تراه من بعيد ترشم الصليب وتقول: يارب استر.
تواجد مع بيئة وصداقة مفرحة, أنت كإنسان مسيحي تحتاج أن تكون دائما إنسانا مفرحا, فالعالم جائع لهذا الفرح, ومن المعروف أن الفرح هو أول ثمار الروح القدس بعد المحبة أما ثمر الروح فهي محبة فرح, سلام, طول أناة, لطف, صلاح, إيمان وداعة, تعفف (غل5:22ـ 23).