استقبل الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار، بمكتبه بمقر الوزارة بالعباسية، المواطن يحيى طه، الذي عثر على لوحة أثرية داخل قطعة أرض يمتلكها بالإسماعيلية أثناء قيامه بتمهيدها للزراعة وقيامه على الفور بإبلاغ شرطة السياحة والآثار، وذلك بحضور الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار.
وقامت الوزارة بمنح صاحب الأرض وأسرته تصريح زيارة مجاني لزيارة المتاحف والمواقع الأثرية المفتوحة للزيارة، كما سيتم العرض على اللجنة الدائمة للآثار ومجلس إدارة المجلس الأعلى للآثار في اجتماعه القادم لتحديد قيمة المكافأة التي سيتم منحها له.
وفي ضوء هذا يشير خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، إلى أنه طبقا للمادة 24 من قانون حماية الآثار 117 لسنة 1983 وتعديلاته فإن الحالات التي توجب المكافأة هي العثور على أثر منقول مصادفة وإخطار أقرب سلطة إدارية والعثور على جزء أو أجزاء من أثر ثابت وإخطار أقرب سلطة إدارية وطبقًا للمواد 24, 44 من قانون حماية الآثار فإن المجلس الأعلى للآثار هو الجهة التي تمنح المكافأة مقابل الإبلاغ عن العثور على أثر وذلك بعد قيام اللجنة الدائمة المختصة بتحديد قيمة المكافأة.
ومن هذا المنطلق كانت الدراسة الخاصة للدكتور محمد عطية هواش مدرس بقسم الترميم – كلية الآثار – جامعة القاهرة باحث دكتوراه في القانون الدولي الخاص، والذي تكشف عن عيوب المواد 24 , 44 من قانون حماية الآثار ومنها تحديد مدة 48 ساعة للإبلاغ عن العثور على أثر من لحظة العثور عليه فقرة ليس لها أي فائدة حقيقة لأن الشخص الذي عثر على الأثر هو منفردًا من يعرف وقت العثور عليه ويجب إلغاء المدة المحددة .
كما أن نص المادة 24 ,44 جعل قيمة الأثر احتمالية وبالتالي إعطاء المكافأة احتماليًا أيضا حيث نصت المادة 24 ” وللمجلس إذا قدر أهمية الأثر أن يمنح من عثر عليه وأبلغ عنه مكافأة تحددها اللجنة الدائمة.
ويتابع الدكتور محمد عطية بأن المادة 44 نصت على ” يصبح الأثر فور العثور عليه ملكًا للدولة ممثلة في المجلس, ويجوز له تقدير مكافأة لمن عثر عليه تحددها اللجنة الدائمة وفقا لأهمية الأثر”.
ومن خلال النصوص السابقة يتضح أن القيمة التي يحويها الأثر احتمالية بحيث من الممكن أن لا يعترف المجلس الأعلى للأثار بأن القطع الأثرية تحمل أي قيمة وبالتالي لا محل لاستحقاق المكافأة وهنا مكمن الخطر والعوار، حيث أنه ليس منطقيًا أن يقوم من عثر على الأثر بتسليمه للمجلس الأعلى للآثار طالما أنه من المحتمل أن يكون ما عثر عليه من وجهة نظر المجلس لا قيمة له ولا يستحق المكافأة عليه, وأيضا في حال الاعتراف بالقيمة طبقًا للمادة 44 جعل استحقاق المكافأة جوازيًا وليس واجبًا.
ويلقى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان الضوء على هذه الدراسة، موضحًا أن المكافأة تعتبر نقدية فقط وبالتالي تخضع لتوفر مخصص مالي من عدمه وهو ما سوف يؤثر سلبًا على قيمة المكافأة في حالة تقديرها رغم أن فكرة المكافأة فكرة جيدة للحفاظ على عناصر التراث وتوفير قدر من الحماية المدنية له ولكن يجب ضبط صياغة المادتين 24 , 44 بما يحد من اتساع دائرة التجريم وتحديد قيمة المكافأة من قبل اللجنة، وكذلك يجب أن يشترك في تحديد القيمة والمكافأة خبراء مدركين لقيمة السلع الثقافية على المستوى العالمي وكذلك عدم ترك تحديد قيمة الأثر احتمالية فكونه أثرًا لابد من احتوائه على القيمة فبدونها لا يعتبر اثرًا من الأساس لأنها هي المعيار الأساسي لإسباغ صفة الأثرية.
وينوه الدكتور ريحان من خلال الدراسة، إلى أن اعتبار المكافأة نقدية فقط ليس بالأمر الصائب لأن توفير مخصصات مالية ليس بالأمر السهل وهو ما سوف يؤثر سلبًا على قيمة المكافأة بحث تصبح عبثية قليلة القيمة بحيث تدفع من يجد أثرًا أن يمتنع عن تسليمه وبهذا سيكون تصرفه التالي هو ارتكاب ما يجرمه القانون كما يجب التحول إلى المكافأة العينية أي تغيير طبيعة المكافأة، ومنها على سبيل المثال إذا نظرنا لقانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 مادة 13 والتي تتناول الوظائف المحجوزة لبعض الفئات مثل ذوي الاحتياجات الخاصة أو مصابي العمليات الحربية ويجب اعتبار من يسلم أثرًا داخلًا في الفئات المذكورة بالمادة 13 من قانون الخدمة المدنية ويتم إيجاد وظيفة له على إخلاصه ووطنيته وأمانته.
ويوضح الدكتور ريحان، أن هناك أنواع عديدة للمقابل العيني والذي سوف يزيد من فاعلية فكرة المكافأة كفكرة حماية مدنية لعناصر التراث الثقافي، حيث أن الباعث على عدم تسليم الآثار هو الرغبة في بيعها بغرض تحقيق الثراء وهي عملية محفوفة بالمخاطر والتي من الممكن أن تؤدي في النهاية إلي السجن, لذا فإن وجود مقابل عيني سيكون أكثر واقعية في مكافئة من قام بتسليم أثر لأنه في حالة الحصول على وظيفة مثلًا يعتبر مقابلًا مجديًا.
ومن ناحية أخرى، نجنب المواطن الذي عثر على أثر ويلات ومخاطر الخروج على القانون, والمقابل العيني يحل مشكلة اجتماعية كالبطالة وتدني مستوى المعيشة اللذان يعتبران من أهم بواعث جرائم الآثار وغيرها من الجرائم التي تقع على المال , وهنا يجب التأكيد على البعد الاجتماعي أثناء تناول مشكلات وأشكال الحماية المرغوب تحقيقها لعناصر التراث الثقافي.