عقد المركز المصري للدراسات الاقتصادية ، ندوة على الإنترنت عبر تطبيق زووم بعنوان : ” إلى أي مدى تستفيد المنشآت الصغيرة من الخدمات المالية فى مصر؟ “، وذلك بحضور نخبة من المتخصصين والخبراء في مجال الخدمات المالية، والمشروعات الصغيرة ..
وقالت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذي ومدير البحوث بـ المركز المركز المصري للدراسات الاقتصادية :إن الندوة ناقشت موضوعين أحدهما مهمل يتعلق بمدى استفادة هذه الشركات من الخدمات المالية المتاحة والآخر يتم تناوله بشكل عام وهو التعامل مع المشروعات الصغيرة في الإطار الأوسع الذي يشمل المشروعات المتوسطة ومتناهية الصغر، وهو ما يجعلها تتعرض للظلم في التعامل، وذلك من خلال نتائج استبيان أجراه المركز على عينة من 200 شركة صغيرة تمثل مختلف القطاعات والمناطق الجغرافية، وأيضًا المؤسسات المالية ، منوهة لأهمية النظام التعاونى للاقتصاد الرسمى وخاصة القطاع الزراعي .
المنشآت الصغيرة التي لديها تعاملات مع البنوك
وعرض شريف سامي استشاري أسواق مالية، والمسئول عن التقييم الفني لنتائج الدراسة، أهم النتائج التي توصلت إليها، حيث بلغت نسبة المنشآت الصغيرة التي لديها تعاملات مع البنوك نحو 95%، وجاءت أكثر القطاعات من حيث نسبة تعامل منشآتها مع البنوك هي المقاولات والرصف، وقطاع تكنولوجيا المعلومات والتطبيقات الرقمية والإلكترونيات، وقطاع الجمعيات والمؤسسات الأهلية بنسبة 100%، ثم قطاع الإنتاج الصناعي وقطاع الخدمات وقطاع التجارة والتوزيع بنسب تتراوح بين 94 – 96%، ثم قطاع الزراعة وتربية المواشي والأغنام والمزارع السمكية بنسبة 85%، وتنخفض نسبة القروض من حجم المنتجات المصرفية التي تتعامل فيها المنشآت الصغيرة مع البنوك ممثلة 10% فقط.
وأشارت الدراسة، إلى أن 21% من المنشآت التي شملها الاستبيان تتعامل مع البريد المصرى فيما يخص الخدمات المالية التي يقدمها، وترتفع هذه النسبة في الدلتا مقارنة بباقي المناطق الجغرافية، وأظهرت انخفاض نسبة المنشآت التي لديها دراية بالأدوات والخدمات المالية غير المصرفية خاصة التخصيم، حيث أن 32% فقط من منشآت العينة لديها دراية بهذا النوع من التمويل، و55% لديهم دراية بخدمات التأجير التمويلى، في حين ترتفع نسبة الوعي بوجود خدمات التمويل العقارى إلى 65%. ، مُطالباً بأهمية العمل على رفع الوعي تجاه شركات ضمان مخاطر الائتمان في هذا الشأن .
وجاءت أسباب عدم تعامل المنشآت الصغيرة مع البنوك ومؤسسات التمويل غير المصرفي في الحصول على تمويل، متمثلة في عدم احتياج المؤسسة لتمويل بنسبة 36%، يليها الشروط والأوراق المطلوبة غير مناسبة أو معقدة بنسبة 23%، وجاء الحرج الشرعي كآخر سبب بنسبة 8% فقط.
وكشف الاستبيان أن 41% من منشآت العينة لم تتعامل مع شركات تأمين من قبل، وجاء ارتفاع تكلفة التغطية التأمينية على رأس أسباب عدم تعامل المنشآت مع شركات التأمين بنسبة 26%، يليها عدم العلم بالتغطيات التأمينية التي تناسب المنشأة بنسبة 15%، ويرى 15% أن الشركة لا تحتاج إلى تأمين، في حين قال 13% أنه لا يثق في شركات التأمين وأنها في حالة حدوث الخطر المؤمن عليه ستسدد التعويض.
وأشار الاستبيان، إلى أن 74% من المنشآت التى تتعامل مع البنوك تستخدم التطبيقات الرقمية، وترتفع هذه النسبة في الصعيد بشكل أكبر إلى 82.6%، فى حين أن 34% من منشآت العينة لا تتعامل إطلاقًا من خلال وسائل الدفع الإلكترونية.
وأوضح الاستبيان أن نحو 9.1% من المؤسسات المالية لا يوجد لها أى تعامل مع المنشآت الصغيرة، وجاء على رأس العوائق التي تواجه المؤسسات المالية في التعامل مع هذه المنشآت – من وجهة نظر المؤسسة المالية – هو الحرج الشرعى بنسبة 20%، يليه ارتفاع مخاطر التعامل مع المنشآت الصغيرة بصورة كبيرة لا تتناسب مع العوائد المتوقعة من هذا العمل.
المعوقات أمام المنشآت الصغيرة
من جانبها، علقت نيفين الطاهري رئيس مجلس إدارة شركة دلتا انسبير للاستثمار، على نتائج الاستبيان مؤكدة أهميتها القصوى لجميع المتعاملين مع المنشآت الصغيرة، خاصة وأن هناك فجوة معلومات دائمة فى هذا الإطار، مشيرة إلى وجود عدد كبير من المعوقات أمام الشركات الصغيرة التى تواجه صعوبات بعد تخارج المؤسسات المستثمرة منها، بالإضافة إلى مشاكل قانون التأمينات، وقانون التأمين الصحي الذي يفرض اقتطاع مبالغ لصالح التأمين الصحي، ومشاكل مع الضرائب، بالإضافة إلى نقص الوعي بقانون تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، لافتة إلى أن البنوك لا تتجه لتمويل هذه الشركات بسبب ارتفاع المخاطر. كما يوجد صعوبات كبيرة تتعلق بالتأسيس تجعلها تفضل التأسيس بالخارج.
لا مخاطر من تمويل المنشآت الصغيرة
وقال يحيى أبو الفتوح نائب رئيس البنك الأهلى المصرى، إن محفظة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالبنك ارتفعت من 3.5 مليار جنيه بنسبة تعثر 60% قبل 10 سنوات، إلى 100 مليار جنيه بنسبة تعثر 1 – 2% فقط حاليًا، موجها حديثة إلى البنوك والمؤسسات المالية قائلاً : لا يوجد مخاطر ضخمة من تمويل المشروعات الصغيرة، بل على العكس فإن تمويلها مربحًا نظراً لتقسيم المخاطر على حجم قطاعات أكبر ، داعيًا البنوك الكبرى للدخول بقوة فى هذا المجال ، مشيراً إلى أن البنك الأهلى قام بدراسة تجارب عالمية في هذا الشأن ، وسوف يتم تداولها؛ لتحقيق الاستفادة المُثلة منها بالنسبة للمنشآت الصغيرة .
وأشار “أبو الفتوح”، إلى أن وجود شركة ضمان المخاطر تغطى تكلفة عدم السداد، ويتحمل البنك كلفتها وليس العميل وفق إلزام البنك المركزى، وهو ما يؤمن توسع البنوك في إقراض المشروعات الصغيرة ، وأضاف أن البنك المركزي المصري أتاح العمل على تمويل أو المشاركة في رؤوس الأموال، لكن هناك صعوبة في إقناع العميل بمشاركة رأس المال ووجود حوكمة ومراقب مالي، لكن هناك جهود كبيرة مبذولة في هذا الإطار، لافتًا إلى إجراء تسهيلات كبيرة في منح القروض في مدة تصل إلى 5 أيام فقط.
ويرى نائب رئيس البنك الأهلي المصري، أن المجال الصناعي أكثر المجالات احتياجاً للتمويل ، وذلك على خلال شركات القطاع التكنولوجي والذي يحتاج إلى التمويل بنسب أقل ، منوهاً أن بعض عملاء المشروعات الصغيرة لا يتجاوبوا مع اشتراطات الرقابة على التمويل المقدم لديهم .
وبرر “أبو الفتوح”، انخفاض درجة الوعي واستفادة الشركات الصغيرة من الخدمات المالية غير المصرفية مثل التأجير التمويلي، بتركز هذه الشركات في القاهرة، وهو ما يتطلب عملها بالمحافظات المختلفة حيث يوجد العملاء.
وأكد الدكتور زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء ووزير التعاون الدولي الأسبق، أهمية النتائج التي أظهرها الاستبيان، مطالبا بوضعها في إطار اقتصادي من خلال ربط النتائج بالمناطق الجغرافية بالمؤشرات الاقتصادية لهذه المناطق وفرص الاستثمار.
وتوقف بهاء الدين عند النتائج الخاصة بالتعامل مع شركات التأمين، ففي حين ترى الشركات أن المنشآت الصغيرة لا تقبل على التعامل معها لأسباب شرعية، فإن نتيجة المسح أشارت إلى أن سبب الإحجام الرئيسى للمنشآت عن التأمين هو ارتفاع تكلفته، وهو ما ينسف المعتقدات الشائعة في هذا الشأن ويحتاج إعادة نظر في ضوء هذه النتائج.
واقترح شريف سامى استحداث ما يسمى بـ ” مراقب حقوق ” المشروعات الصغيرة، يكون جهة مستقلة تمامًا وليس لها علاقة بالحكومة تدرس وتبحث مشاكل المشروعات الصغيرة وتتحدث بلسانها، داعيًا لعمل شركات الخدمات المالية المتخصصة خارج القاهرة ووجود نظام حوافز مختلفة لتشجيع هذا النشاط.
وأعلنت الدكتورة عبلة عبد اللطيف عن تلقى كافة التعليقات والمقترحات من المتخصصين لتضمينها في الدراسة، داعية إلى ضرورة قياس أثر القرارات والقوانين التي يتم إصدارها ومدى الاستفادة الحقيقية منها.