إن المحبة المسيحية مختلفة عن معنى الحب الذي يصوره لنا العالم، فالمحبة التي في العالم سواء كانت في شكل علاقات أو صداقات قد تكون محبة أنانية أو شهوانية، المحبة المسيحية هي ثمرة من ثمار الروح القدس، ولها صفات مختلفة عن صفات الحب الأرضي الإنساني العالمي، لأن السيد المسيح قال “ليس كما يعطي العالم أعطيكم”، المحبة كثمرة من ثمار الروح القدس نابعة من الله والكتاب المقدس يقول في رسالة يوحنا الأولى بالإصحاح الرابع “كل من ولد من الله يحب الله” فكيف يدعي الإنسان أنه يحب الله الذي لا يراه ولا يقدر أن يحب أخاه الذي يراه .
هناك صور كثيرة يمكن أن يقدم بها الحب في عصر الوباء الذي نعيشه، وأهم هذه الصور أن يقدر كل إنسان خطورة الموقف وألا يساعد على نشر الفيروس ولا يكون حلقة من حلقات أنتشاره، وذلك عن طريق اتباع الإجراءات الاحترازية التي تنادي بها منظمة الصحة العالمية، وألا يتصرف الإنسان بأنانية، فنجد شخص رغم تأكيد الأطباء له أن لديه اشتباه في الإصابة بكورونا، يظل يمارس حياته الطبيعة خارج المنزل فيذهب إلى الكنيسة ويتقدم للأسرار المقدسة، وهذه كلها تعتبر مظهر من مظاهر الأنانية، معلقاً كل شيء على كلمة “ربنا يستر”، كنوع من أنواع الإيمان، وكذلك عندما يكون الشخص لديه أحد أفراد عائلته مصاب بكورونا ويطلب مساعدة طبية من أحد لا يخبره أن هناك مصاب بكورونا.
علينا ألا ننكر أن هناك العديد من الظواهر الإيجابية التي تنم عن محبة كبيرة في قلوب الكثيرين ظهرت في هذه الفترة العصيبة، حيث قامت بعض الكنائس والمؤسسات بعمل خدمة التواصل الهاتفي للتعاون مع مرضى الكورونا، وتزويدهم بقائمة من الأطباء والصيادلة لمساعدتهم .
هناك أيضاً من يقدم الدعم المادي للأفراد والأسر الذين فقدوا أعمالهم بسبب جائحة كورونا، وتقديم المساعدة لهم بطريقة لطيفة دون جرح لكرامتهم، وليس من الضروري أن يكوم هؤلاء ضمن إخوة الرب، كذلك يفضل أن لا يتم التفريق بين هؤلاء، مهما كانت جنسيتهم أو دينهم، كمثل السامري الصالح الذي ساعد الجريح، وأيضاً من أشكال الحب في هذه الفترة أن يسعى رجال الأعمال للأحتفاظ بالعمالة لديهم، و يتذكروا أن الله أعطاهم الكثير طوال السنين الماضية، وجاء الدور الذي يردوا الدين لأبناء الله المتضررين .
من أشكال أعمال المحبة أيضاً خدمة بعض الشباب لكبار السن الذين يعيشون بمفردهم، وليس لهم أحد يساعدهم، خصوصاً في حالة هجرة الأبناء، عن طريق الذهاب بهم إلى الأطباء أو المستشفيات عند الحاجة، وتدبير أمورهم الحياتية والصحية، مع المحافظة على أنفسهم وأخذ جميع الإجراءات الأحترازية .