تواصل أعمال ترميم وتطوير المتحف اليوناني الروماني بمدينة الإسكندرية ، تمهيداً لافتتاحه وذلك بعد الوصول إلى نسبة تنفيذ الأعمال بالمشروع إلى 85 في المائة.
ويستعد المتحف الذي بدأ ترميمه في شهر فبراير (شباط) عام 2018، لعرض نحو 20 ألف قطعة أثرية فريدة تعود للعصور اليونانية والرومانية حسب مؤمن عثمان، رئيس قطاع المتاحف في وزارة السياحة والآثار المصرية، الذي يقول في بيان الوزارة ، إن «المتحف اليوناني الروماني يعد من أهم وأقدم المعالم السياحية والأثرية المتخصصة في الحضارة اليونانية الرومانية في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط».
وكان الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار المصري قد توجه إلى الإسكندرية مساء يوم 5 يونيو الحالى لتفقد آخر مستجدات أعمال مشروع ترميم وتطوير المتحف اليوناني الروماني، مساء 5 يونيو الجارى .
رافقه خلال الجولة الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، والعميد مهندس هشام سمير مساعد الوزير للشئون الهندسية والمشرف العام على القاهرة التاريخية، والدكتور علي عمر رئيس اللجنة العليا للعرض المتحفي، وبعض أعضاء اللجنة، والدكتور محمود مبروك مستشار الوزير للعرض المتحفي، والاستاذ مؤمن عثمان رئيس قطاع المتاحف.
شملت الجولة تفقد الموقع العام للمتحف والواجهات الخارجية، ومبنى المتحف والدور الأرضي والميزانين والدور الأول والمبنى الإداري، بالاضافة إلى تفقد أعمال سيناريو العرض المتحفي.
ووجه وزير السياحة والآثار بإجراء بعض التعديلات على سيناريو العرض المتحفي، كما أكد على ضرورة الالتزام بالتوقيتات المحددة مسبقا وفقا للجدول الزمني المقرر، وضرورة بذل قصارى الجهد للانتهاء من جميع الأعمال لافتتاح المتحف الذي ينتظره أهالي الاسكندرية؛ و الذي يعتبر عنصر جذب اساسي للسياحة الداخلية والخارجية للمدينة، مشيرًا إلى أن هذا المشروع يأتي في إطار اهتمام وزارة السياحة والآثار بتراثها الحضاري بمدينة الاسكندرية عروس البحر المتوسط، حيث تم افتتاح العديد من المشروعات السياحية والأثرية بها منها؛ مشروع تخفيض منسوب المياه الجوفية بمنطقة كوم الشقافة، والمعبد اليهودي “إلياهو هنابي”، وغيرها من المشروعات التي تعمل على الترويج السياحي لها.
وأوضح الدكتور مصطفى وزيري، أن مشروع تطوير وترميم المتحف يتم بالتعاون مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة طبقا لبروتوكول التعاون الموقع بين وزارة السياحة والآثار والهيئة فى شهر أبريل عام 2017م، لتطوير وترميم 8 مواقع أثرية من بينها المتحف اليوناني الروماني، والذي بدأت فيه أعمال التطوير والترميم في فبراير 2018 وذلك بالتنسيق مع المسؤولين من الإدارة الهندسية بقطاع المشروعات لمتابعة الخطوات الخاصة بالعملية الإنشائية أولا بأول، حيث وصلت نسبة تنفيذ الأعمال بالمشروع إلى أكثر من 85 % من إجمالي الأعمال .
وأشار العميد مهندس هشام سمير مساعد وزير السياحة والآثار للشئون الهندسية والمشرف العام على القاهرة التاريخية، إلى أنه تم الانتهاء بالكامل من التدعيم الإنشائي لمبنى المتحف والهيكل المعدني، بالإضافة إلى أعمال تدعيم العناصر الإنشائية للدور الأرضي، وأعمال التشطيبات المعمارية للمبنى الإداري الملحق بالمتحف، وقاعات العرض المتحفي، ونظم الإضاءة وأعمدة الواجهات، وأعمال تركيب شبكة الصرف والتغذية و أعمال الخرسانات للنافورة. وجاري الآن تنفيذ أعمال الترميم الدقيق للبوابة الرئيسية للمتحف والحوائط الحجرية والأسوار الخارجية، كما تم البدء في أعمال التشطيبات النهائية لبعض قاعات العرض المتحفي.
وقال الدكتور علي عمر أنه تم تحديد مسار الزيارة وأماكن الكافيتريات والمكتبة وقاعات المحاضرات وكبار الزوار كما تم تخصيص قاعات لأنشطة البحث العلمي والدراسة والأنشطة التعليمية؛ مثل قاعات العملة والبردي، وقاعة للاجتماعات والأنشطة التعليمية للأطفال. وجاري العمل على الانتهاء من تحديد أماكن الفتارين والقطع الأثرية كبيرة الحجم وأبعاد القواعد الخاصة بها.
وسوف يتم تخصيص أماكن لمكاتب استعلامات بمدخل المتحف، ومكان متاح لانتظار المجموعات والأفواج السياحية. مع التأكيد على دورة الزيارة المتبعة عالميا ومراعاة تيسير حركة وتفاعل ذوي الاحتياجات الخاصة داخل المتحف.
كما سيتم الاحتفاظ بواجهة المتحف الأصلية الكلاسيكية الطابع للتعبير عن الفترة اليونانية المليئة باتجاهات فكرية مختلفة، والتي تعايشت بجانب بعضها البعض.
ومن جانبه قال الاستاذ مؤمن عثمان، أن المتحف سوف يعرض ما يقرب من 20 ألف قطعة أثرية ترجع للعصور اليونانية والرومانية طبقاً لسيناريو العرض المتحفي، مشيرًا إلى أنه يعد من أهم وأقدم المعالم السياحية والأثرية المتخصصة في الحضارة اليونانية الرومانية بمنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط بمدينة الإسكندرية.
وأوضح الدكتور محمود مبروك أنه تم الانتهاء من إعداد سيناريو العرض المتحفي وتحديد أماكن الفتارين للقطع الأثرية صغيرة الحجم، ليصبح مركزاً علمياً وثقافياً لحضارات البحر المتوسط يشمل قاعات للعرض المتحفي، وحديقة متحفية، ومركز لحفظ وترميم الآثار، ومركز آخر لبحوث العملة، ومركز للبحث العلمي.
كما يضم أيضا قاعات للدراسة والمؤتمرات ومكتبة وورشة طباعة، وقاعات وسائط متعددة Multimedia، وأيضاً مدرسة للتربية المتحفية لتنمية الوعي الأثري للأطفال.
وتسعى إدارة المتحف إلى تحويله لمركز علمي وثقافي لحضارات البحر المتوسط، حيث يتضمن قاعات للعرض المتحفي، وحديقة متحفية، ومركزاً لحفظ وترميم الآثار، ومركزاً آخر لبحوث العملة، ومركز للبحث العلمي، بجانب تدشين قاعات للدراسة والمؤتمرات ومكتبة وورشة طباعة، وقاعات وسائط متعددة فضلاً عن مدرسة للتربية المتحفية لتنمية الوعي الأثري للأطفال.
ويسلط سيناريو العرض المتحفي الضوء على الدولة الحاكمة والحياة السياسية في مصر خلال العصر البطلمي والروماني، كما يتطرق لعرض فكرة الديانة والعبادات في العصرين اليوناني والروماني.
ويرى خبراء آثار، من بينهم الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف مكتبة الإسكندرية أن المتحف اليوناني الروماني الذي أُغلق عام 2004، يعد أحد أهم معالم مدينة الإسكندرية، ويقول عبد البصير رغم وجود عدد من المتاحف الأخرى داخل المدينة الساحلية، على غرار متحف الإسكندرية القومي، ومتحف مكتبة الإسكندرية، فإنها لا تغني عن وجود هذا المتحف الاستثنائي الذي يعد أحد أقدم المتاحف المصرية على الإطلاق»، مشيراً إلى أن «المهتمين بالآثار المصرية القديمة بشكل عام والحضارة اليونانية والرومانية بشكل خاص يتساءلون باستمرار عن موعد افتتاحه مثل المتحف المصري الكبير».
وحسب عبد البصير فإن المتحف اليوناني الروماني يسلط الضوء على فترة تاريخية مهملة في مصر تبلغ نحو ألف عام وهي الفترة التي تمتد من حكم اليونان والرومان لمصر وحتى الفتح الإسلامي، فقد كانت مدينة الإسكندرية مدينة عادية قبل عصر الإسكندر الأكبر الذي جعل منها مركزاً حضارياً علمياً يفوق مدن أوروبا في ذلك الوقت».
ويتضمن سيناريو العرض الجديد التركيز على المعرفة والعلوم الفكرية، بجانب إبراز التطور العقائدي الجنائزي في العصرين اليوناني والروماني من خلال التوابيت والمومياوات و الأواني الكانوبية وشواهد القبور الجنائزية و بورتريهات الفيوم، والتمائم التي ترجع إلى العصور التاريخية المختلفة، بالإضافة إلى تسليط الضوء على الفن البيزنطي والفن القبطي من خلال البقايا المعمارية المميزة به على غرار الأفاريز، زخارف السقوف، قواعد الأعمدة، التيجان، المعموديات، النسيج، العملات، مجموعة الراعي الصالح، جداريات، منحوتات ومسارج وقنينات.
يشار إلى أن المتحف اليوناني الروماني افتتح لأول مرة في عام 1893، وذلك في مبنى صغير على طريق الحرية في مدينة الإسكندرية، وفي 26 سبتمبر (أيلول) عام 1895 نُقل إلى المبنى الحالي، في شارع المسلة بالقرب من محطة الرمل (وسط المدينة)، و افتتحه الخديوي عباس حلمي الثاني، ليعرض العديد من القطع الأثرية التي عُثر عليها في محافظة الإسكندرية والتي يرجع معظمها إلى العصور البطلمية والرومانية.
وشهدت مدينة الإسكندرية خلال الآونة الأخيرة افتتاح عدد من المشروعات السياحية والأثرية على غرار مشروع تخفيض منسوب المياه الجوفية في منطقة كوم الشقافة، والمعبد اليهودي «إلياهو هنابي».