قد تكون السطور التالية مخيفة للبعض, لكن قسوة الجائحة في موجتها الثالثة تدعو لذلك, بعد أن أثبتت في موجتيها السابقتين أن الخوف من الإصابة بفيروس كورونا سارس2, لم يعد قاصرا علي الموت, فربما يحظي المصاب بالنجاة لكنه يقع فيما أسموه متلازمة ما بعد كوفيد19, التي أعلنت منظمة الصحة العالمية عنها, وكذلك أعلن أطباء وخبراء عالميون في دراسات طبية, ثبوت وجود متلازمة مرضية تصاحب التعافي بنسبة وصلت إلي 25% من المتعافين من الفيروس يصابون بحالة من الإنهاك والإعياء الشديد والشعور بالإجهاد الدائم والأعراض التي تتداخل مع العديد من الأمراض.
في بداية الجائحة, اعتقد البعض أن كوفيد-19 مرض قصير الأجل إلي أن أفادت منظمة الصحة العالمية بأن الوقت ما بين بدء المرض والتعافي حوالي أسبوعين, والمرضي ذوو الإصابات الشديدة أو الخطرة استغرقوا ما بين ثلاثة إلي ستة أسابيع حتي تعافوا, لكن حاليا بات من الواضح أن الأعراض المضاعفة قد تستمر لأسابيع أو حتي لأشهر عدة لدي بعض المرضي.حتي إنها لم تنته مطلقا لدي بعض من هؤلاء المرضي.الذين نعرفهم معرفة شخصية, ونحاول إقناعهم أن الأعراض اللاحقة علي التعافي مجرد ضرب من الوهم, نتيجة طول فترة العزل, والخوف الذي صاحبها, لكن مع الاطلاع علي الدراسات السابقة, والتواصل مع بعض الأصدقاء في أمريكا الذين أكدوا أنهم أصيبوا بأعراض حادة تم تشخيصها طبيا بما يعرف بمتلازمة كوفيد19, وللأسف خضعوا للعلاج بالرعاية المركزة مرة أخري بسبب انهيار مناعة الجسم والإصابة بأمراض ذات صلة,
بات الأمر مؤكدا لايحتمل الاتهام بالتوهم, أو الشعور بالوهن نتيجة العزل لفترة طويلة.أو إرجاع السبب لتدهور الحالة النفسية المصاحب للمرض, تعود المعلومات البحثية الواردة في هذه السطور,إلي مراكز مكافة الأمراض والوقاية الأمريكية, ومنظمة الصحة العالمية, ومجموعة دعم كوفيد19 والموقع Worled العالمي المتخصص في رصد المعلومات عن كورونا ورلد ميتر Meter .
حيث تكونت مجموعات كبيرة من جميع أنحاء العالم ثبتت إصابة أعضائها ويتعافون من كوفيد19, وظهرت عليهم الأعراض لمدة تزيد علي 30يوما, ومنهم الأشخاص الذين يعانون من الربو والسكر, والأشخاص الذين تعافوا من استخدام أجهزة التنفس الصناعي, والذين تعرضوا لمشكلات الصحة العقلية التي ظهرت بعد الخضوع فترات طويلة لأجهزة التنفس الصناعي.أكدت النتائج أن هناك متلازمة تصاحب التعافي. ينتج عنها أمراض أخري.منها ما وثقته الدراسات مثل تلف الأعضاء أو الأجهزة, بما في ذلك الرئتان, والقلب, والمخ, والكلي, والأوعية لدي مرضي فيروس كورونا سارس 2, يبدو أن هذا التلف ناجم عن الاستجابات المناعية الشديدة, واعتلال الأوعية الدقيقةالتجلطات والحرمان من الأكسجين.والإصابة بفيروسات نادرة وغير معلومة, حقا ما خفي كان أعظم, والبعض لايتعرف علي ما كان أعظم إلا بعد أن يتعاظم داخل جسده ويدمره في صمت فإما أن يكتشفه البعض مبكرا بالصدفة, أو يدركه الموت بعد أن يعلم متأخرا جدا.
أعادت الدراسات ذلك إلي ما أطلقوا عليهنقص الأكسجين الصامت فالذين لم تظهر عليهم أي أعراض وأولئك الذين لا زالوا في مرحلة ما قبل الأعراض تتدني نسب الأكسجين في رئاتهم, حتي يصيبها التلف ثم يؤثر نقص الأكسجين علي القلب ,والمخ, والكلي, حتي لدي بعض الأشخاص الذين لم يصابوا إلا بأعراض خفيفة. هذا النقص الذي تتم مداواته للبقاء علي قيد الحياة لا يعوض ماتم فقده أو تلفه من خلايا يكون ذلك التلف غير معلوم إلا حينما يخلف أعراضا لاحقة علي التعافي لدي البعض.
وحتي مع أبسط الاحتمالات فقد وجد أن الإرهاق المزمن وألم العضلات والاكتئاب,النفسي, والنوم المتقطع, أيضا ينتمون إلي متلازمة ما بعد كوفيد19- حتي أن المتعافين أطلقوا علي أنفسهم اسمالمرضي طويلي الأجل, للأسف كوفيد -19 شديد التعقيد, يختلف طيف الأعراض فيه من شخص لآخر بصورة كبيرة. و40% من الأشخاص المصابين بفيروس كورونا أسارس 2,لا تظهر عليهم أي أعراض مطلقا.
وبالرغم من الدراسات واردة الذكر إلا أنه لا يوجد حتي الآن تعريف مقبول رسميا لمتلازمة ما بعد كوفيد-19, مما يجعل من الصعب تقييم مدي شيوعها ومدي استمرارها, وتحديد المعرضين لها طبقا للمراكز البحثية التي أدلت بالمعلومات السابقة ولايمكن أيضا معرفة سبب تعرضهم دون غيرهم للمتلازمة لذلك يظل الحل الوحيد هو الوقاية من الإصابة لأن الحياة المقيدة لحين تجاوز الوباء مع القدرة والعافية خير من حرية الحركة المطلقة التي قد تسبب إصابة تعقبها حياة عليلة.