برئاسة وحضور نيافة الحبر الجليل الأنبا مارتيروس أسقف عام منطقة شرق السكة الحديد، عقد اللقاء الشهري بمركز “بى لمباس”، بكنيسة السيدة العذراء بمهمشة، وسط إجراءات احترازية مشددة حيث استضاف المركز الدكتور مجدي منصور بدوي محاضر بجامعة عين شمس و مدير عام ترميم آثار ومتاحف القاهرة الكبرى وزميل جامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة الامريكية والذى القى محاضرة هامة وشيقة عن صيانة وترميم الأيقونات الأثرية.
بدأ اللقاء بصلاة افتتاحية قادها نيافة الأنبا مارتيروس، ثم رحب نيافته بالدكتور مجدى منصور والسادة االحضور وقام المهندس أشرف موريس منسق اللقاءات بالمركز بتقديم الدكتور مجدى منصور وعرض السيرة الذاتية لسيارته.
وبدء الدكتور مجدى منصور محاضرته بتعريف” الأيقونة القبطية” بقوله: جاءت كلمو أيقونة من أصل الكلمة اليونانيه eikov واشتقت منها الكلمه الإنجليزية icon وتعني صوره image
وتشير كلمه أيقونة إلى رسم ديني مسيحي منفذ علي حوامل خشبية أو حوامل من القماش ومرسوم بأسلوب قبطي أو يوناني أو بيزنطي أو روسي أو إيطالي.
والأيقونات هي لوحات متنقله ذات موضوعات دينيه تزين الكنائس والأديرة الأرثوذكسية وكذلك منازل الأقباط.
وأكد الدكتور مجدى منصور على أن الأيقونة القبطية هي كتاب مقدس مفتوح مسجل بلغة الألوان البسيطة والتى صورت بقصد تعمق شركتنا مع الثالوث القدوس وسحب النفس إلى ماوراء العالم.
والأيقونات تصور لنا أحداث العهد القديم والجديد كما تصور لنا علاقتنا بالسماء والسمائيين وتلهب نفوسنا شوقا نحو الامجاد السماوية.
وبمعني آخر توضح لنا أسرار الكتاب المقدس ومفاهيمه وتعليمه وروحه.
وعندما نتحدث عن الأيقونات والفن يجب ان نوضح بعض المفاهيم الخاصه أهمها:
رسام الأيقونات كاروز ومعلم , وفنه خدمة وكرازة ,فهو لايقدم فن مجرد بل روح وحياه.
رسام الأيقونات لايعكس فنه بل يحمل المشاعر الإنجيلية العمقية التي يعيش بها , ولايعبر عن افكاره الشخصيه بل عن الفكر الرسولي الأصيل.
الفنان القبطي في حاجه إلى النعمة الإلهية لتقوده أثناء عمله فيخرج ايقونات مباركة ومقدسه قادره ان تجتذب النفوس للشركة مع الله .
وقد ظهرت أيام رسام الأيقونات يوحنا الدمشقي بدعه حرق الأيقونات، وامر الوالي في ذلك الوقت بحبس يوحنا الرسام ولكنه استمر في الرسم حتي في السجن.
فامر الوالي بقطع يده فبدا القديس يوحنا يتشفع بالعذراء مريم فاخرجت العذراء يدها من الايقونه واعادت يده المقطوعه مره اخري وبدا يوحنا الدمشقي رسم صور العذراء مريم ب ٣ ايادي وسميت اليد الثالثه يد المعونه.
وعن الايقونه وجذورها وتطورها التاريخي اوضح الدكتور مجدى منصور
اقدم الايقونات تعود للفتره بين ق 4-6م ومعظم الايقونات الباقيه تظهر بها تأثيرات بيزنطيه, ايطاليه ,ارمنيه, حبشيه ,ويونانيه, والبعض الاخر رسم في مصر بواسطه فنانون اجانب عاشوا في مصر
وبعد اعتناق الامبرطور قسطنطين الاكبر المسيحيه ٣٠٦-٣٣٧ وجعلها الدين الرسمي للامبراطور زين جميع المنشآت العموميه والكنائس بأيقونات . اخذت موضوعاتها من الكتاب المقدس وهذه الوسيله كانت بلاشك من اهم العوامل التي ساعدت علي انتشار الايقونات في الامبراطوريه
وعن تاصيل الايقونات والحياه الروحيه ذكر الدكتور مجدى منصور بعض الاحداث التاريخية المتعلقة بالايقونة قصه ابجر ملك الرها المريض بالبرص الذي عاش ايام السيد المسيح وكان يعاني من امراض كثيره واذ علم بالايات الكثيره التي يصنعها السيد المسيح ارسل اليه يتوسل ان يحضر الي مملكته ويشفيه وختم رسالته بانه يريد ان يري وجهه السامي
فشكره السيد المسيح ووضع منديلا علي وجهه فارتسمت صورته المقدسه علي المنديل وارسله الي ملك الرها الذي عندما وصله المنديل قبله وعظمه ومسح به ذاته فشفي في الحال من البرص وقد ذكر هذه القصه اسابيوس القيصري في القرن الثالث
كما روي كاتب عربي يدعي “ابو نصر يحي” انه راي المنديل بعينه في ايا صوفيا عام 1058م
وقد ذكرت أيضا تلك المعجزه في “المخطوطه رقم ٢١١ لاهوت ورقه رقم ٣٢١ج” والمخطوطه بعنوان “مجموعه اصول الدين ومسموع محصول اليقين” وترجع الي ق١٤م بالمتحف القبطي
واستعرض الدكتور مجدى منصوراشكال الايقونات ومنها الايقونات المستعرضه ,الأيقونات المربعة ,الايقونات المستديره والبيضاويه ,الايقونات المستطيله ,الايقونات الثنائيه ,الايقونات الثلاثيه
وفي عصور لاحقه استخدم حجاب الهيكل بالكنائس الأرثوذكسية كحامل للايقونات التي تصور السيد المسيح والسيده العذراء ويوحنا المعمدان وايقونه شفيع الكنيسة.
كما استعرض أيضا الدكتور مجدى منصور الطرز الفنية للايقونات وهى الأيقونات القبطية ,الايقونات اليونانيه ,الايقونات البيزنطية ,الايقونات الروسيه ,الايقونات الحبشيه ,الايقونات الايطاليه ,الايقونات الارمينيه ايقونات القرن العشرين العصر الحديث.
ثم عرض الدكتور مجدى منصور للحضور طرق تجميع الالواح الخشبية لعمل مسطح يكون جاهز للرسم علية “الايقونة” بطريقتان الاولى التثبيت عن طريق عارضتين من الخشب يثبت عليها الالواح بمسامير تدق من الامام حتى يغوص رأس المسمار فى الخشب ويثنى من الخلف والطريقة الاخرى تثبيت الالواح مع بعضها بكوابيل من الخشب بعد غمسها فى الغراء وتقمط الالواح مع بعضها بقمطة حديدية من اعلى وقمطة حديدية اخرى من اسفل حتى يجف الغراء ويصبح سطح واحد ثم تفك القمطات ويتم معالجة السطح وطلائة ليكون جاهز للرسم عليه.
كما شرح الدكتور مجدى منصور كيفية التعرف على ان هذة الايقونة مصابة من الشكل الخارجى للايقونة فأذا وجد ثقوب واخرام غير منتظمة فى الحجم والشكل او تأكل فى اطراف وجوانب الايقونة فهذا يدل على وجود حشرات بداخل الايقونة سوء كان سوس فى طبقات الخشب اسفل الالوان او حشرات او بكتريا اويرقات او فراشات أو أى إصابة اخرى ويجب هنا.
أولا : وضع سماعة الطبيب على الايقونة للتأكد من الاصابة وسوف يتضح بالسمع اذ كانت هناك اى اصابة او نخر للحشرات بطبقات الخشب.
ثانيا :اذا اتضح تواجد حشرات فعلا فيتم استخدام سوائل تعمل على خنق تلك الحشرات او تطفشها وخروجها من طبقات الخشب اسفل الألوان.
ثالثا: يتم معالجة سطح الايقونة ويتم تنظيف وتثبيت الالوان للرسم الموجود بعد حقن الانفاق والثقوب التى سببتها تلك الحشرات.
وقام الدكتور مجدى منصور باستعراض الاساليب المختلفة لترميم الايقونات والتى تستخدم حديثا وخصوصا ترميم الايقونات بالليزر والتى كانت موضوع رسالة الدكتورة الخاصة بة وهو اسلوب فريد تميزت بة مصر عن باقى دول العالم فى ترميم الاسطح الثابتة المتمثلة فى الايقونات القبطية وقد صدرنا هذا الاسلوب فى الترميم للعالم بعد ذلك.
وعرض سيادتة بعض النماذج الهامة للايقونات القبطية المرممة قبل وبعد عملية الترميم واستشهد بايقونات كنيسة ابو سيفين بمصر القديمة كنموذج يحتزى بة فى عملية الترميم كما تعرض للبيئة المحيطة للايقونة ومدى تأثيرها ايجابيا او سلبيا على الايقونة مثل درجة الحرارة والرطوبة وشدة ونوعية الإضاءة.
وفى النهاية قدم الدكتور مجدى منصور مناشدة للحفاظ على الايقونات كتراث ديني فقدم بعض التوصيات أهمها:
يجب دراسته وتوثيقه وحماية وصيانة الايقونات كمرجع للاجيال القادمة
يجب عدم لمس الايقونات الاثريه باليد حيث ان اليد تحمل طبقة دهنية تؤثر على الوان الايقونة.
تجنب مخاطر إضاءة الشموع والتبخير امام الايقونات الاثريه لتكونها طبقة من الصماد والدهون تلتصق بالايقونة وتخفى رونق وزهو الألوان.
يجب ترميم وعلاج وصيانة الأيقونات الاثريه كتراث مادي وروحي ليبقى للاجيال القادمه بحالة جيدة.
عدم السماح لغير المتخصصين بترميم وعلاج الأيقونات الأثرية.
واختتم اللقاء بمداخلات هامة من نيافة الأنبا مارتيروس والقمص صليب جمال والدكتور عادل فوزى كما طرحت العديد من الأسئلة والتعليقات والاستفسارات من السادة الحضور اجاب عليها الدكتور مجدى منصور فى جو من الحب والود ثم قدم نيافة الأنبا مارتيروس الشكر للدكتور مجدى منصور و للحضور الكريم. واضاف نيافتة تعليقا على المحاضرة أنها محاضرة هامة عن صيانة وترميم الأيقونات الأثرية، ولا شك أن ذلك يساهم بجزء هام في حفظ الهوية القبطية، من خلال الحرص على ترميم وصيانة الآثار القبطية، ومنها الأيقونات القديمة، وآثار الآباء، والتي يجب أن نحافظ عليها، فهى تذكرنا بهويتنا في تلك الأزمنة الصعبة.
ويستمر المركز في تقديم دورة التنويري في مجال الدرسات القبطية في الجمعة الأولى من كل شهر تباعا.
ومن المعروف أن مركز (بي لمباس) يختص بدراسة أنشطة التراث القبطي والرحلات العلمية وورش عمل، وتبني أبحاث علمية جديدة لتدريب صغار الباحيثن على الدراسة والبحث في مجال القبطيات، بالإضافة إلى كورسات خاصة بدراسة اللغة اليونانية، لمدة ساعة، ومناقشة نصف ساعة، وذلك بقاعة مجهزة خاصة بمقر نيافة الأنبا مارتيروس، ويحاضر فيه نخبة من السادة الأساتذة المتخصصين في التراث القبطي، كالتاريخ والفن والآثار، والأدب القبطي، والموسيقى القبطية، وتاريخ الرهبنة، والمخطوطات ويقيم المركز محاضرة شهرية تقام في الساعة السادسة والنصف من يوم الجمعة الأولى من كل شهر.